في لقاء ولا أروع بين اثنين من أمهر وأبرز الموسيقيين اللبنانيين-الفرنسيين استمتع جمهور مهرجانات بيت الدين بجبل لبنان بباقة ساحرة من أجمل المقطوعات العالمية في القرنين التاسع عشر والعشرين بأنامل عبد الرحمن الباشا وبيلي عيدي.
بدأ الحفل الذي تم تنظيمه يوم الثلاثاء مع عازف البيانو المخضرم عيدي الذي بدأ دراسته في لبنان وأكملها في النمسا وإيطاليا ثم استقر في فرنسا حيث حصد شهرة عالمية. وقدم أربع مقطوعات من القرن التاسع عشر لمؤلفين فرنسيين.
وختم مع مقطوعة لكلود ديبوسي بعنوان (الجزيرة السعيدة) التي سافر بها مع جمهوره إلى عالم مشبع بالأمل والسعادة.
وما أن حطت أنامل عبدالرحمن الباشا الساحرة والسريعة على البيانو، عازفا مقطوعة للموسيقي الألماني الشهير فيلكس مندلسون، حتى استسلمت النغمات لتناغم ساحر حمس الجمهور منذ النغمة الأولى وصفق واقفاً متفاعلاً مع الفنان العالمي الحائز على عشرات الجوائز أشهرها جائزة الملكة إليزابيث المميزة في بلجيكا عام 1978 وقت أن كان عمره نحو 19 عاما.
ولا يفوت الباشا، الذي يحظى بجماهيرية كبيرة في لبنان رغم استقراره في فرنسا، حفلا من دون العزف لملهمه الفرنسي فريدريك شوبان.
وخلال الحفل تنقل من خلال المقطوعات بين القرنين التاسع عشر والعشرين، مؤديا أعمالا غير مسموعة كثيرا للموسيقيين الإسباني مانويل دي فالا والروسي ميلي بلاكيريف.
وفي الختام قدم الباشا لجمهور بيت الدين بعضا من المقطوعات التي ألفها وأداها وأصدرها مؤخرا في ألبوم بعنوان (أرابيسك).
وكان مسك ختام الحفل عزف استثنائي للموسيقيين عيدي والباشا على بيانو واحد، ناقلين الجمهور إلى الحقبة الرومانسية مع مقطوعة للمؤلف الموسيقي التشيكي أنتونين دفوراك بعنوان (مقطوعتان للبيانو وأربعة أصابع).
هذا الأمر جعل الجمهور يهتف باسميهما ويصفق لأكثر من خمس دقائق طالبا المزيد من العزف، فما كان من الفنانين إلا العودة ومنح المزيد من الموسيقى والأمل لجمهور متعطش للموسيقى الكلاسيكية.
وقالت مايا (33 عاما) لرويترز ”أنا أعيش في ألمانيا، وأسمع باسم عبدالرحمن الباشا كثيرا بين المثقفين، لكنها المرة الأولى التي أحظى بمشاهدته يعزف، إنه فعلا استثنائي وأنا فخورة بهذا العازف اللبناني“.
أما أناستازيا (19 عاما) التي تدرس في المعهد العالي للموسيقى فقالت ”كنت أنتظر العزف الثنائي لعيدي والباشا بفارغ الصبر، فهي من المرات القليلة التي نشاهد عازفين مهمين على آلة واحدة. لقد أبدعا. ونحن بحاجة لمثل هذه الحفلات كطلاب موسيقى لنرتقي بفننا“.
وتستمر الدورة الخامسة والثلاثون من مهرجانات بيت الدين التي يشمل برنامجها حفلات لفنانين من داخل وخارج لبنان حتى العاشر من أغسطس آب.
طنجة الأدبية-رويترز