أبرز مشاركون في ندوة نظمتها أكاديمية المملكة المغربية، اليوم الأربعاء بالرباط، المساهمة النظرية والسياسية للمفكر المغاربي محمد أركون في موضوع الفضاء الجيوسياسي للبحر الأبيض المتوسط، لا سيما المراجع والمنشورات التي يفسر بها مسار تاريخ البحر المتوسط.
وأوضح أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، السيد عبد الجليل الحجمري، في كلمة له في افتتاح الندوة، أن هذا اللقاء يهدف إلى إرساء مقاربة للتفكر في فكر واحد من رموز الفكر العربي الإسلامي المعاصر من خلال الانكباب على دراسة نص يتضمن تفكيرا عميقا حول القضايا المتعلقة بالفضاء المتوسطي.
وأضاف السيد الحجمري أن هذا اللقاء الثقافي يقوم على نص فريد لمحمد أركون بعنوان “التفكير في الفضاء الجيوسياسي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط”، والذي قررت الأكاديمية نشره كوثيقة داخلية غير معروضة للبيع، مشيرا إلى أن هذا النص هو فرصة مثالية لإحياء طريقة تفكير السيد أركون، وذلك من خلال بسط أفكار هذا المفكر المغاربي الكبير، خاصة بالنظر إلى مقاربته الخاصة لما أسماه “الفضاء المتوسطي” .
واعتبر السيد الحجمري أن المفكر محمد أركون لم يكن فحسب باحثا في مجال التراث والفلسفة الدينية، بل كان أيضا مثقفا يساهم في كل النقاشات حول الغرب والشرق والقضايا العالمية، كما يبرز اهتمامه، في جميع كتاباته، بدراسة إمكانية إعادة لم الشمل الفكري والروحي والأخلاقي والثقافي للفضاء المتوسطي عبر تجاوز الشروخ والإقصاء المتبادل للمجتمعات.
من جانبه، أوضح المفكر والكاتب أوليفيي مونجين أن هذه الندوة تدشن لدورة عن محمد أركون، “المفكر الكبير الذي اشتغل على النصوص التأسيسية للبحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك العهد القديم والعهد الجديد، والقرآن والفلسفة”، مشيرا إلى أن المفكر المغاربي حاول، من خلال كل هذه النصوص، فهم متخيل البحر الأبيض المتوسط.
وسجل السيد مونجين، خلال تقديم قراءة متقاطعة في فكر محمد أركون والفيلسوف بول ريكور، أن المفكرين يتقاسمان نفس أوجه التقارب والاختلافات التي تسمح بفهم العلاقة مع المستقبل والماضي بشكل مختلف “مع إثارة حوار في المجال المتوسطي بين أفكار هذين المفكرين الكبيرين”.
من جانبه، أشار عضو أكاديمية المملكة المغربية، السيد محمد الكتاني، إلى أن محمد أركون عكف على الدوام على تقصي قضايا أثارت اهتمام العديد من المفكرين من الضفتين، بما في ذلك أوروبا، وشمال إفريقيا والعالم العربي، مبرزا أن آراء السيد أركون “جريئة” ومثيرة للجدل، كما أنها تثير الحس النقدي الموضوعي للتراث وتقود إلى مراجعة التاريخ بعقلانية.
وأكد السيد الكتاني على أهمية نص لمحمد أركون غير المنشور، الذي أوكله المفكر إلى أمين السر الدائم للأكاديمية قبل وفاته، مبرزا أن النص يطرح تساؤلا حول المساهمة الفكرية حول التعاون بين الضفتين والثقافتين، وكذا الحوار بينهما.
ويتمحور موضوع هذه الندوة التي تنظمها الأكاديمية بالتعاون مع معهد البحر الأبيض المتوسط للدراسات المتقدمة على مدى يومين تحت شعار “التفكير في منطقة البحر المتوسط مع محمد أركون” من خلال جلستي من النقاش والتفكير.
وستعرف الجلسة الأولى، التي تديرها رحمة بورقية، وهي عضو في أكاديمية المملكة، مشاركة الفيلسوف عبده الفيلالي الأنصاري، ومدير برنامج الوساطة في معهد البحوث والتعليم حول التفاوض بالمدرسة العليا للاقتصاد وعلوم الأعمال، جوزيف مايا، والفيلسوف والناشر وعالم اجتماع الأديان جون لويس شليغل، وعالم الأنثروبولوجيا ومدير المركز المغربي للعلوم الاجتماعية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، حسن رشيق.
وستعرف الجلسة الثانية، التي سيرأسها محمد نور الدين أفاية، الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، مشاركة عزيز إسماعيل من معهد الدراسات الإسماعيلية في لندن، وتيري فابر، مدير برنامج البحر المتوسط بمعهد البحر الأبيض المتوسط للدراسات المتقدمة، ومؤسس لقاءات ابن رشد بمرسيليا، نبيل فازيو، وأستاذ الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببن مسيك بالدار البيضاء، وليلى الطويل، أستاذة باحثة بجامعة جنيف.
و.م.ع