ينطلق مهرجان الشعراء المغاربة مساء يوم الجمعة 21 يونيو الجاري، في مسرح سينما إسبانيول بتطوان، على صوت الفنانة العربية أميمة الخليل، وموشحات الطفل الفنان حمزة لبيض.
وينعقد المهرجان تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويقام بإشراف من وزارة الثقافة والاتصال ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة، ضمن مبادرة بيوت الشعر العربي، كما أعلن عنها حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي منذ سنوات.
ويكرم المهرجان في حفل الافتتاح الشاعر عبد الكريم الطبال الذي لا يزال “شاهدا على مختلف التحولات والمسالك التي عبرها الشعر المغربي منذ منتصف القرن الماضي”. فهو خريج جامعة القرويين، وفيها تلقى أصول الدرس الشعري العربي التقليدي. ومن فاس أقفل الرجل عائدا إلى تطوان، ليساهم في التأسيس لحداثة الشعر المغربي، حين كان في طليعة الأقلام التي نشرت في مجلة “الأنيس” ثم “المعتمد”، مطلع الخمسينيات، وهو يصدح بشعر رومانسي منسرح وخيال مجنح، منذ أول قصيدة نشرها في “الأنيس” بعنوان “أحلام”، رفع فيها سقف أحلام دونه السماء. أحلام جيل شعري رائد ورعيل من المبدعين المؤسسين”، يقول بلاغ لدار الشعر في تطوان.
كما تكرم دار الشعر بتطوان الإعلامية المغربية أسمهان عمور، حيث وصفتها الدار بأنها صاحبة “صوت إعلامي رخيم لا يزال يصدح بقضايا الشعر والإبداع عبر أثير الإذاعة الوطنية، وعلى أمواج مؤسسات إعلامية عربية ودولية، حيث اتخذت أسمهان عمور من الميكروفون نايا أسمعتنا من خلاله برامج إعلامية راسخة في الذاكرة، من قبيل “متابعات أدبية” و”إصدارات” و”على متن باخرة وهمية” و”لأجل الثقافة” و”حبر وقلم” و”صيف المبدعين” و”إبداعات مهاجرة” و”أدباء من أرض الكنانة” و”عائلات فنية” و”سهرة عربية” و”واحة النغم” و”ليلة الوفاء” و”لآلئ من الشرق”، وسواها من البرامج التي أعدتها وقدمتها هذه النجمة التي تسطع من المغرب كل يوم”.
ومن سهل البقاع إلى كل بقاع العالم، فإن أميمة خليل هي “قصيدة تغني نفسها”، يقول بلاغ دار الشعر، حيث “تغنت الأجيال العربية بأغاني أميمة الخليل، منذ الثمانينيات، حتى حفظها الطلاب والأحباب والمناضلون والحالمون عن ظهر قلب وحب. وعلى مدى سنوات من الشعر والأمل، مثلت أميمة بالنسبة إلينا المعادل الفني لقيم الحرية والنضال، والكرامة والعدالة والجمال”. وهي صوت ملاك جدد الصلة بين الشعر والغناء في ثقافتنا العربية المعاصرة، وعلى طبقاته الصداحة جرى ذلك الحوار بين عبقرية محمود درويش في الكتابة الشعرية، حرفا حرفا، وبراعة مارسيل خليفة لحنا وتأليفا وعزفا. ثم واصلت أميمة الخليل مشروعها الفني الكبير مع زوجها الملحن والموسيقي اللبناني هاني سبليني، في أعمال موسيقية استثنائية. ويحضر هاني سبليني إلى تطوان رفقة أميمة الخليل وفرقة أصدقاء دار الشعر بتطوان، برئاسة الأستاذ إلياس الحسني، الذي اشتهر بالعمل عازفا في فرقة الفنانة الإسبانية الشهيرة “ماريا فالفيردي منذ سنة 2001، كما عزف مع كبار الفنانين المرموقين في مختلف مسارح العالم. أما هاني سبليني، أو فهو سليل عائلة موسيقية لبنانية كبيرة. فوالده هو عازف القانون محمد سبليني، كما برع أحد أفراد العائلة، وهو سمير سبليني، في العزف على الناي. منذ طفولته، سكنه ولع بالعزف والتأليف الموسيقي، وهو لما يتجاوز الثامنة. حتى إذا بلغ 14 عاما، قرر هاني سبليني دراسة الموسيقى والتخصص في العزف على آلة البيانو. ألف أولى مقطوعاته الموسيقية سنة 1986، وعمل إلى جانب المطربة فيروز لمدة ثلاث سنوات كعازف بيانو، كما عزف مع الموسيقي اللبناني زياد الرحباني مدة سنة على “الكيبورد” في عام 1989، ضمن مشروعه الفني.
وفي نهاية التسعينيات، خاض هذا الملحن والموسيقي تجربة استثنائية في تركيب اللحن مع الموسيقي شربل روحانا في ألبوم “مدى”. مثلما تعاون سيليني مع أحمد قعبور وخالد الهبر ومبدعين آخرين، وتوج معهم بالكثير من الجوائز.
مع مطلع الألفية الحالية، طلع علينا هاني سبليني بتجربة موسيقية باهرة، مع شريكته في الفن والحياة الفنانة الكبيرة أميمة الخليل، وهي تجربة بدأت بألبوم “أميمة” سنة 2000، و”يا أميمة” سنة 2005، وصولا إلى “زمان” سنة 2013، و”مطر” سنة 2014 و”صوت” الذي صدر هذه السنة. كما قام رفقتها بإعادة توزيع بعض الأغاني الخالدة، ومنها أغنية “يا حبيبي تعال الحقني”…
وأكد بلاغ دار الشعر بتطوان أن مهرجان الشعراء المغاربة، وقد بلغ دورته الثالثة، أصبح ” مهرجانا بصيغة الجمع، ومحفلا شعريا معاصرا لَمَّا يزل يستضيف رواد ومجددي القصيدة المغربية، عبر مختلف أشكال وأجيال الكتابة الشعرية.
وأضاف البلاغ أن هذا المهرجان قد “كتب هذا المهرجان قصيدته الخاصة، ثم صاغ تصوره وفرادته، إلى أن نحت ملامحه من هوية مغربية متعددة وموحدة. مهرجان يستضيف شعراء يكتبون بمختلف لغات وألسنة الشعر في بلادنا، منذ الأمازيغية، لسان المغاربة الأول، إلى العربية أفقا لهذه المبادرة، إلى الحسانية الضاربة في صحراء الأبجدية… مثلما ينفتح المهرجان على باقي اللغات الحية من إنجليزية وإسبانية وفرنسية”.
وضمن برنامجه الفني، ينفتح مهرجان الشعراء المغاربة على الفنانيين التشكيليين في مدينة تطوان، مهد الفنون الجميلة بتطوان، من خلال معرض جماعي يشارك فيه فنانون ينتمون إلى مختلف أجيال وطبقات التشكيل المغربي، في مقدمتهم القيدوم عبد السلام نوار وعبد الواحد أشبون وفريدة الحضري ويوسف الحداد ومحمد أكوح وفوزي الطنجبة وعبد الكريم بنطاطو ويوسف سعدون وحسينو حدوثن وهشام الموتغي وعبد النور القشتول وحميد العلوي ومحاسن الأحرش ومحمد العمراني ومحمد الشويخ وأمين البختي ويوسف التونسي.
المعرض الذي يحمل عنوان “معلقات تشكيلية”، يقيم حوارا بين القصيدة واللوحة، في مهرجان الشعراء المغاربة بتطوان. هذه المدينة التي كانت منطلقا للحركة الشعرية الحديثة في المغرب، مثلما كانت مهدا للحركة التشكيلية المغربية، وهي تستضيف أول مدرسة للفنون الجميلة في بلادنا، تأسست سنة 1945، في الوقت الذي انطلقت فيه الحداثة الشعرية أيضا. يقترح علينا هذا المعرض أعمالا لفناني تطوان، خريجي هذه المدرسة، عبر أجيال مختلفة، وهم يقدمون تجارب تشكيلية رفيعة، تستند إلى مرجعيات راسخة وإلى اتجاهات فنية واختيارات جمالية كونية. كما يضم المعرض أعمالا لفنانين مطبوعين، استهوتهم تجربة التشكيل، وخاضوا مغامرة الإبداع في مدينة تطوان.
وتختتم الفنانة زينب أفيلال مهرجان الشعراء المغاربة يوم الأحد 23 يونيو الجاري، في حديقة دار الشعر بتطوان، مع قراءات شعرية وعروض فنية، وصولا إلى لحظة الإعلان عن جائزة الديوان الأول للشعراء الشباب.
وبحسب البلاغ، فإن زينب أفيلال هي “موشح يتصاعد من حاضرة تطوان وذاكرة الأندلس. وقد أدت روائع الطرب العربي في المسرح الملكي لأمستردام، ومسرح معهد العالم العربي بباريس، وفي فلسطين والهند وإسبانيا والبرتغال والجزائر والغابون… وهي أبهر صوت ارتفع بالغناء في جوق محمد العربي التمسماني، أحد أعرق الأجواق التي أحيت المدونة الموسيقية الأندلسية…