في القلب ما في القلب؛ غادِرني، ستَسكُنُ في رُؤاي
وجعُ الرّبيعِ قصيدَتي، وعيونُ زَنبقَةِ الرّجوعِ نَدى غِناي
وقفَ الصّباحُ على جَبيني، يستظِلُّ بهَجعَتي، ليفيقَ من شَفَقي صَداي
وجعي ارتجال الآه في حَلقِ المدى، عُذرا؛ لِيَنساني سُداي
لا تبكني يا وَعدُ! لا.. لا تنَسَني …
إني انتظارُ الفجرِ للفجرِ الذي احتَضَنَ اصطِباري، واستًقى عَهدا رَجاي…
هي يقظة الأشواق تسبقني إلى عُمرٍ تضمَّخَ من عناقيدي…
وما اقترفت غيومٌ تستفيقُ على نِداي
في القلب ما في القلب، عاقِرني! ساسقيك ارتعاشاتي؛ ليُنكرَني هَواي…
راحت إلى الأفق البعيدِ ملامحي، فسكنتَها؛ لتظَلَّ تذكُرُني يَداي!
يا شوقُ علّمني جنونَ الرّيح كي أنسى بأنّ اللّيل يسرِقُ من غدي
ويصيرُني الأفقُ البَعيدُ يَمامَةً هدَلَت لِيَبدَأ مَولِدي…
في شارِعٍ لا يستقيمُ ليستقي خطوي، ولا يشتاقُ كي أسقيهِ نَبضي
روحي فدا قلبٍ تغرّبَ كي يعيد بناء أمنيتي، وجسرٍ من هُداي
في القلب ما في القلب خالِلني؛ لتحملَني اندفاعاتُ الحياة إلى سَناي
روحي وروحُك في المدى أفقٌ معالمُهُ انصهاري فيكَ لونًا من جَناي
وهنا خلعتُ ملامحي كي أعتريكَ قصيدةً سكنت شَظايا الموجِ، واحترَقَت بِها
وغدت ظلالي بسمةً غرّبتها زمنًا عن الأوهام، عن مرمى اكتئابي
فتصعّدي يا لهفتي كي نلمِسَ الجرحَ الذي يَجتاحُنا لنَعودَ في وجعِ التّرابِ
منذُ اختِمارِ الوَقتِ في الجَسَدِ الذي ما عاشَهُ؛ اشتَبَهَ الزّمانُ على المَكانِ..
أوَت ملامِحُنا إلى فصلِ الإيابِ
في لُجّةٍ صرنا، وتُسلِمُنا مَخاوِفُنا إلى سَبَقِ التّداعي؛
نركَبُ الأمواجَ، نلهَثُ خلفَ ما يبدو، وما يُلقى، وما حَبَكَ المُرابي…
في شارِعِ الأحلامِ تُسلِمُنا مواجعُنا إلى عَبَقِ السّرابِ
ماذا يقولُ صَدايَ للآتي على شرفِ الغيابِ؟
يا أيُّها الكَفُّ المُنادي كلّ من عَبَروا هنا:
هذا الغبارُ غُبارُهم؛ يُلغيكَ إن أودَعتهُ الوَجَعَ الأخيرَ، ترَكتَهُ يُغريك…
هذا البريقُ بريقُهم؛ يُشقيكَ أن أتبعتَهُ القَبَسَ الأخيرَ مفازَةً لصعودِهِ…
وصُعودُهم يُرديك!
في شارِعِ الأشواقِ لستَ مُغرّبًا…
في شارِعِ الأشواقِ منكَ إليكَ ما يَهديك.
في القلبِ ما في القلبِ؛ سابقني إليكْ…
أحياكَ؛ كي أحييك!
كن ما تكونْ..
في شارع الأشواقِ متّسعٌ لعشاقِ التّرابِ
في شارِعِ الأشواق يرتعشُ اغترابُكَ لاقترابي
في شارِعِ الأشواق تختلفُ الرّؤى حتما، وتختلِفُ المواسِمُ، والمراسِمُ، والعوالِم..
في شارع الأشواق تتحدُّ الأماني، والمعاني، والمقاصدُ، والقواسمُ، والمواني…
في شارِعِ الأشواقِ معنى أن أراكَ لكي تراني…
في القلبِ ما في القلبِ؛ كُنّي… نهضَةً تلغي غيابَكَ مثلما تُلغي غيابي
لا شيءَ يعتَنِقُ الضّبابَ سوى الذي قسرًا تغرّبَ عن حدودِ الذّاكرة…
لي خُطوتي في حضرةِ الإشراقِ تحفَظُني مَعالِمُها كَيانًا للزّمان
لي خطوتي في حضرة الإشراقِ؛ كيفَ أموتُ في لغةِ الغريب؟!
في القلبِ ما في القلبِ؛ كنّي؛ كي أكونك…
واحذر صعودَكَ في مكانٍ ليسَ منكْ
إنّ التّغرّبَ يا أخي يُلغي زَمانَك
في القلبِ ما في القلبِ؛ صوّرني كما يحتاجُ أفقُكَ كي نَؤوبَ إلى النّهارْ
كلُّ المعالِمِ يا أخي إن لم تَكُن نبضي ونَبضَكَ.. محضُ رعشاتِ انبِهارْ
في القلبِ ما في القلبِ؛ قل لي: كيفَ يُمتَحَنُ السّلامُ بلا سَلام؟!
في القلبِ متّسَعٌ لألوان الرّجوعِ إلى مواسِمَ لا تغرُّبُ ظاهِري عن باطِني
فلتحرقيني الآنَ عشقًا يا معالِمَ خطوتي…
نحو المدى الموسومِ في لُغتي التي عانقت فيها كل من عشقوا التحامَ الكلّ في وجع الأنا..
في القلبِ ما في القلبِ؛ قُل لي: كيفَ تُمتَحَنُ المُنى؟!
أو كيفَ يُمتَحَنُ الطّريقُ أمامَنا ووَراءَنا؟!
أو كيفَ تُمتَحَنُ البدايَةُ، والحكايَةُ، والوصايَةُ، والشّكايَة…؟
في القلبِ ما في القلبِ؛ كُنْ بي رعشة المشتاق يبحَثُ عن معانينا بنا…
وتعالَ نعتَنِقِ اللّغة…
صالح أحمد (كناعنة)/ فلسطين