الرئيسيةإبداععودة «أنْزَار» لِحنِينِهِ الأَول

عودة «أنْزَار» لِحنِينِهِ الأَول

مُذْ صَادَفَ الأُنْثَى التِي عَبَثَتْ بِطُهْرِ الماءِ
شَكَّلَ قَوْسَهُ العَالِي وَحَوَّمَ حَوْلهَا..
هِيَ لمَ تُفَكِّرْ وَهيَ تَنْشُبُ عُرْيهَا فِي النَّهْرِ
أَنَّ عُيُونَهُ كَانَتْ تُحَدِّقُ فِي التَّفَاصِيلِ الدَّقِيقَةِ..
مِنْ مَتَاهَاتِ السَّمَاءْ
كَانَتْ تُفَكِّرُ…..
رُبَّمَا فِي حُلْمِ لَيْلَةِ أَمْسِ حِينَ تَنَهَّدَتْ فِي صَدْرِ فَارِسِهَا
وَقَالَتْ: «فُكَّ كُلَّ ضَفَائِرِي»
أَوْ رُبَّمَا .. كَانتْ تُجرِّبُ حظَّهَا مَعَ عَابرٍ فيِ مسلَكِ الظِّلِّ البَعِيدِ..
يُحبُّهاَ مِنْ دُونِ أَنْ تَدْرِي بِأَنَّهُ عابِرٌ يـمِضِي.. يُمزُّقهُ الهَباءْ
كَانَتْ عَلَى ثِقَةٍ
بِأَنَّ جَمالهَا الجَبَلِيَّ يَنْقُصُهُ انكِسَارٌ مَا ..
لِتُرضِي كِبريَاءَ الكُحلِ فِي أَهْدَابِهَا
الشَعْرُ نَهْرٌ آخَرٌ..
والريحُ ضِفَّتُهُ التـِي تَرْعَى انْهِمَارَهُ كُلَّمَا هَبَّتْ استَدَارَ لِوِجْهَةٍ اُخْرَى
لِبَحْرٍ مَا تُخُبِّئُهُ تَضَارِيسُ الـجَسَدْ
خُلخَالهَا الـمَكبُوتُ تحَتَ الماءِ
يُشرقُ حِينَ تَلمسُ طينةَ الوَادِي
كَأنَّ يدًا تُدَلِّكُ رِجْلهاَ
وَالشَّمْسُ تـُمْعِنُ فِي احْتِفَاءْ…
كَيْفَ استَطاعَ الطِّينُ أنْ يُغْرِي إلهًا كَامِلَ الأوصَافِ
«أنزارُ» الشُّجاعُ على التُّرابِ يحطُّ،
يَكْسِرُ فِكْرَةِ الرَّبِّ الخفِيِّ
وَفِكْرَةً عنْ بُؤسِنَا البَشَرِيِّ
«أَنْزَارُ» المتَيَّمُ،
لمْ يَشَأْ أنَ يستَغلَّ ضُلوعَهُ فيِ الغَيبِ،
سُلْطَتَهُ عَلَى الغَيمِ المشَاعِ،
تَسَلَّحَتْ قَدَمَاهُ بِالحظِّ الـمُتَاحِ لِعَاشِقٍ فِي أوَّلِ الخُطُوَاتِ،
صَلْصَالٌ بِقِمَّةِ ضُعفِهِ
لَا شَيءَ يملكُهُ سِوَى صَخَبِ الدِّماءْ
«أنْزَارُ»،
لمْ يدرِكْ عَوَاقبَ قلْبهِ المنْساقِ حينَ دَنَا
وَقالَ: أَنَا أحبُّكِ فَلتَكونِي مثْلمَا أحْبَبْتُ،
أَنْتِ إِلَهَتِي،
فَتَّشتُ في الأبَدِيِّ عَنكِ وَلمْ أَجِدْكِ
وَهَا أَنَا أجثُو لِأخْلَعَ عَنْكِ ثَوبًا مِن فَنَاءْ
طِيرِي مَعِي ….
لِكمالكِ المنْشودِ تتَّسعُ السَّماءْ
لَكنَّ حَدْسًا مَا.. أَضَاءَ بِقَلْبِهَا
كَالبَرْقِ يَطْعَنُ غَيْمَةً فِي شَكِّهَا…
«لَنْ أُشْبِهكْ….»
قَالتْ لَهُ
«حَرِّرْ خُطايَ، أَخَافَ أَنْ أَعْلُو وَأَعشَقَ بعدَهَا رَجُلًا
أُصادِفُهُ كمَا صَادَفْتَنِي ذَاتَ ارتِوَاءْ
كَيْف اسْتطَاعَ الطِّينُ أَنْ يَنْفِي إلهًا،
جَفَّتِ الدُّنْيَا لخَيبتِهِ
وكلُّ العَارِفينَ تَقَرَّبُوا وَتَرَقَّبُوا
لَا بُدّ مِنْ طَقْسٍ يَزُفُّ لهُ الحَنِينَ
لِتَسْتَحِمَّ الكَائِنَاتُ بِدَمْعِهِ وَتُضَمِّدَ العَذْراءُ عِشْقَهُ بالغِنَاءْ

عمر محمد بكير – الجزائر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *