لا ادري لماذا استبد بي الشوق لزيارة المدينة العتيقة ، باب الواد ،اقنعت ابني ذات مساء ان يرافقني لأقوم بجولة بها ، بعدما كنت على موعد مع صديق مصاب بلوثة القصرانية -حب القصر الكبير – مهووس بتاريخ المدينة وتراثها وجدناه ينتظرنا أمام بوابة العطارين ، وما دلفنا معا قوسها حتى انطلقت الحكاية ، وبدا يسرد أسماء أصحاب دكاكين العطارين ويتوقف عند دكان معين ، هنا كان يجلس السي الخمار والد الشاعر الخمار الكنوني ، هذا دكان السي محمد المحمدي ، أحد رواد السماع والمديح بالمدينة تميز بصوته الرخيم ، كان مرافقي يتوقف وكأنه يحدث أصحاب الدكاكين أو يلقي السلام عليهم ، نتجاوز العطارين نمر عبر الشطاوطية ويتوقف عند باب جامع سيدي الهزميري ، لاحظت أن إبني زال تدمره الذي كان يخفيه عني وأبدى اهتماما لما يقول مرافقي نمضي في إتجاه القطانين نمر بضريح سيدي قاسم بنزبير يتوقف ويطل من نافذته الصغيرة و يشير الى موقع كان به حمام لليهود ، يبدي إبني اهتماما متزايدا ، يتوقف بنا أمام حانوت الحسناوي يشير بعدما يسلم على إبنه الذي ورث المحل وورث حرفة البقالة ، هنا كان يتوقف عبد السلام عامر عند صديقه الحسناوي الذي كان يمنحه جهاز الراديو الخشبي ليمتع نفسه بالأغاني التي كانت تبتها الإذاعة المغربية وبعض إداعات الشرق ، نكمل سيرنا ، نمر عبر صابة القاضي يشير إلى محل اغلقت بابه بلآجور الأسمنت ، هنا كان مكتب المقدم ابواحمد ، نكمل المسير يشير الى كل دار باسماءها والأسر التي سكنتها درب الرايس درب سيدي الخطيب ويتوقف أمام رياض يعتلي بابه بيت شعري ، بدأت اتهدى حروفه الملتوية بينما سرده علينا بسرعة ربما لكترة ما توقف عنده ، ويتوقف أمام محل للدرازة مهدم يشير الى بداية زقاق ، “درب سبع ليات” سبع منعرجات ، يشير مرافقي أن الدرب حمل أكثر من إسم “درب سبع ليات ” د رب الخشاني، درب العسري’العسري، درب الشرفاء المصباحيين، درب بوحمد لا يهم الإسم ، ونحن نلج الزقاق توقف عند منزل معين ، هذا منزل المقدم بوحمد رحمه الله من هنا كان يخرج كل صباح اتجاه مكتبه ، الابتسامة لا تفارق محياه بجلباه الصوفي شتاء واخر من الكتان صيفا وكاني بإبنه الشاعر سي محمد بوحمد يخرج ويصفق الباب وراءه ندلف منعرجا آخر هنا كانت أمي كنزة المرأة البدوية التي هاجرت من القشاشرة بعدما ترملت واحتضنها أهل الدرب لتربي بين ظهرانيهم ابنيها العربي وحسن ، في آخر منعرج يشير إلى منزل لالة الزهرة عسرية عجوز مارست التدليك بالبركة ، وعند مدخل منعرج آخر انتصبت دار العبد ، يقول مرافقي وكأني بمحمود الطفل الأسود الذي هاجر إلى أصيلة لينضم إلى إحدى فرق كناوة، بجانبه منزل سيدي احمد العسري أشهر بائع الزيتون بالخضارين ، كانت تنبعث من منزله رائحة الزيتون والزيت البلدي الممزوجة برائحة التمور والخليع ، هنا يشير إلى مكان ، كانت مصرية يقطنها الزيزون الذي كان يحمل أطباق الزيتون على رأسه من المنزل إلى الخضارين وها نحن نصل المنعرج الأخير ، على الجانب كان يقطن عفريت الزهو الخياط الذي كان ينظم ويغني ، في آخر المنعرج وآخر الليات منزل الشرفاء المصباحيين ، ونحن نعود ادراجنا نسلك نفس المنعرجات ، ونصل الى مدخل الدرب يستحضر مرافقنا قائلا نسيت هذا مسيد الفقيه الريسوني ، يسأله إبني ، من يكون يجيب مرافقي إنها حكاية اخرى.
أمينة بنونة