الرئيسيةأخباردار الشعر بتطوان تقدم الأعمال الكاملة لعبد الرزاق الربيعي ودواوين الشعراء الشباب

دار الشعر بتطوان تقدم الأعمال الكاملة لعبد الرزاق الربيعي ودواوين الشعراء الشباب

على إيقاع عازفة القيثارة الروسية مينا دوداييفا، وعلى أوتار عازف الكمان المغربي عمر بن الأحمر، وقع الشاعر عبد الرزاق الربيعي أعماله الشعرية الكاملة، ومعه الشعراء الشباب المتوجون بجائزة الديوان الأول، في حفل شعري كبير أقيم ضمن فعاليات عيد الكتاب بتطوان.

ونوه الشاعر العراقي عبد الرزاق الربيعي، الذي يحمل الجنسية العمانية، بأهمية هذه التظاهرة الشعرية، وبالحضور الكبير الذي توافد على ساحة “الفدان” في تطوان، معبرا عن سعادته بإقامة أول حفل لتوقيع أعماله الشعرية في ضيافة دار الشعر بتطوان.

واعتبر الربيعي أن لهذا اللقاء رمزية خاصة في تطوان، باعتبارها عاصمة من عواصم الشعر العربي، وحاضنة لدار الشعر، وهي “واحدة من أهم المؤسسات الشعرية العربية في اللحظة الراهنة”، على حد توصيفه.

وذهب مدير دار الشعر بتطوان مخلص الصغير إلى أن “استضافة الشاعر عبد الرزاق الربيعي في هذا اللقاء هي استضافة للشعر العراقي والعربي المعاصر، مجسدا في التجربة الشعرية الرفيعة لهذا الشاعر، الذي قدم للمكتبة العربية أعمالا شعرية متواصلة، صدرت في دور نشر مترامية الأطراف، من بغداد إلى عمان، ومن سوريا القاهرة، ومن جنيف إلى مدريد، لتجتمع اليوم في أعمال كاملة شكلت ذخيرة شعرية تحفظ تراث الربيعي، وتراثنا الشعري المعاصر”.

كما أكد مدير دار الشعر بتطوان أن صدور الأعمال الشعرية المتوجة بجائزة الديوان الأول للشعراء الشباب، في دورتها الثانية، “إنما يأتي تفعيلا للتوجه العام لمبادرات بيوت الشعر في العالم العربي، كما أسس لها سمو حاكم الشارقة، وهي تحرص على استمرارية الشعر العربي، والرقي به، من خلال الإنصات إلى الأصوات الشعرية الجديدة، وتعهدها، والعناية بها”. مبادرة قال عنها الصغير إنها “بقدر ما تستند إلى تراث شعري عربي أصيل، بقدر ما تتطلع إلى مستقبل مطمئن على الشعرية العربية، يجد سنده في ما أبدعه الأسلاف، كما يلتمس مدده في ما يأتي به الأخلاف والقادمون من المستقبل”.

أما عن عبد الرزاق الربيعي، فيرى مدير دار الشعر أن جمعه بين الجنسيتين العراقية والعمانية دليل على أن “الشعر هو الجنسية العربية التي يحملها كل شاعر حقيقي، والتي تجمعه بباقي الشعراء العرب”، وهو ما ترجمه الربيعي شعرا، حين اختار أن يبدأ قراءاته في أمسية تطوان بقصيدة “عناق حضارتين”، يتحدث فيها عن اللقاء الحضاري بين الشعريتين العراقية والعمانية:

وسائلةٍ عراقي؟ أم عُماني؟/ أضعتَ عليَّ بوصلةَ المكانِ. فقلتُ لها :سلي روحي ونبضي/

يُجبْك القلبُ في أحلى بيانِ. على كتفِ الفرات رسمت حرفا/ من الفجر المرصَّعِ بالجُمانِ.

وعند تساقط الأجبال بيتي/ بمسقط تحت ظلّ السيسبانِ. تحطُّ حمائمُ الصبح المندّى/ على كفّي، وتشربُ من دناني. فبحر عُمان ريحُ شراع قلبي/ ووجدي، وانتشائي، وافتتاني. كتابٌ صار اسمي فيه حرفًا/ وغصنًا في بساتين المعاني. عناقُ حضارتين أنا دهورٌ/ وتاريخٌ تجسَّد في كياني. خلاصةُ ما أقول هناك بعضي/ وكلّي ذابَ في ذاك المكانِ. ويبقى في الرصافة ذوبُ روحي/ ودجلةُ جنّتي في عنفواني. فإن تبغين من وجدي جوابا:/ كلا البلدينِ قد سكنا جَناني”.

وفي قصيدة بعنوان “الشعر”، يقول الفائز بالجائزة الأولى الشاعر مصطفى رجوان:

أنَا احتمالٌ… إلى أن يأتيَ الشّعرُ: أنَـــــــــــا مجرّدُ صَــــوْتٍ، هَـــــا أطــــرِّزهُ

بالاستعــــــــــــــــارة والمعـــــنى… فيفترُّ/ تَكرارُ نفسي، صدى وجهي، وراويتي

وقدْ يرى في عيوني وجهه النهرُ!/ أَلشّعرُ نافذةٌ في الصدرِ أَفْتَحُهَا/ وقتاً، تطلُّ عَلَى رؤيا لهَا سِحرُ. عتَّقتُ في الزَمَنِ النَّفْسِيِّ كَرْمَتهُ/ وَفِي تَهَافُتِكُم لَا يُوجَدُ الخمرُ.

والروحُ تَقطر أقماراً… يُرَتِّبُهَا/ الإيقاعُ، حَشْرَجَةٌ كي يُولَدَ السَّطْرُ”.

أما الشاعر أسامة زروق، الحائز على المرتبة الثانية، فاختار الكتابة بالتفعيلة حينا، بينما اقترح علينا قصيدة سردية أكثر مما هي نثرية، في باقي نصوصه، ولا تخلو من قافية وراوية مدهشة حين يقول:

في حارتِنا الشعبية/ السماءُ مستطيلٌ أزرقُ والشمسُ أُخطبوطٌ سيقانُهُ ذهبية،/ تكشفُ عن أشعَّتها لبعضِ بيوتِ حارتنا/ وعن بعضها تُخفي./ تشاطرهم منها يمينًا/ وشمالاً، كما أقرضتْ يومًا أصحابًا في فجوةِ الكهفِ./ في حارتنا الفصولُ تختلفُ/ فَدِفءُ الصيفِ مُلخَّصٌ على طاولةٍ للكهولِ

على المقهى يتبادلونَ مع أوراقِ اللعبِ/ القصَصَ وذكرياتِ الحربِ والماضي العنيفْ/ ومطرُ الشتاءِ بُقْعَةُ بلَلٍ على أرضِ الحارةِ/ خلَّفَها دلْوٌ سُكِبَ من شُرفَةٍ بهِ ماءُ تنظيفْ./ فصلُ الربيعِ في حارتِنا يبدأُ كلَّما فُتحَ شبَّاكُ بيتٍ/ أطلَّت منهُ فتاةٌ كأنَّها زهرةٌ تتفتَّحُ، وكلَّ يومٍ تتجدَّدُ/ كعنقاءٍ قد انبعثتْ من رمادِ احتراقِها الكثيفْ/ ومن كلِّ كلمةٍ تتساقَطُ من أفواهِ النساءِ/ من على أسطُحِ منازلهنَّ، ومن “نَمِيمَتِهِنَّ” اليوميةِ يولدُ الخريفْ/ على أسوارِ الأسطح تتدلى زرابٍ مزركشاتٌ
وتنسابُ كم من ضفيرة/ تُسرّحها كفٌّ بالمشطِ، وتَعقِدُها بخيوطِ شمس الظهيرة.

أما الشاعر عبد الغفور العوداتي، المتوج بالجائزة الثالثة، فهو يصر على اختياره الشعري الجمالي والإيقاعي، رغم أنه يتردد بين الشكلي والإشكالي في الشعر العربي إلى اليوم، معلنا على حد قوله وشعره:

بدْرٌ ترجَّل ذات ليْلة/ فِي دُجْنَةِ اللّيْلِ سَارَ البَدْرُ مُدّلِجَا. كَأَنّهُ الفَجْرُ مِنْ ثَغْرِ الدُّجَى انبَلَجَا/ يَسْتَطْلِعُ الحَيّ هَلْ فِي الحَيِّ مِنْ سَغِبٍ/ ودَمْعُهُ بِأسَى تَسْهَادِهِ امْتَزَجَا/ وَالنّجْمُ مُنْدَهِشٌ مَا انفكَّ يَرْقُبُهُ/ يُسَائِلُ الليلَ مَنْ ذَاكَ الذِي خَرَجَا؟

حتّى تَبَدَّتْ بِجَنْبِ الحَارَةِ امْرَأَةٌ/

مِنْ حَوْلِهَا صِبْيَةٌ يَبْكُونَ… وَافَرَجَا/ تُهَدْهِدُ الحُزْنَ بالآمالِ تَسْحَبُهُ/

تحطّ فِي القِدْرِ مَاءً وَهْوَ مَحْضُ رَجَا/ أمٌّ تمَنّي بَنِيهَا وَهْيَ رَاضِيَةٌ /

تَقُولُ صَبْراً وَلَيْلُ الحَائِرينَ دَجَا.

وتوجت الشاعرة رباب بتفطين بتنويه اللجنة، ولسان حالها يرد: “هنيئا لمن وجد حزنه/ تأبطه وسارا معا…/ استيقظتُ ولم أجدني دونما وداع/ غادرتني رائحة المساء…”، في مساء شعري كبير، شهدته مدينة تطوان، ودار الشعر بتطوان.

 

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *