الرئيسيةأخبارصدر عن دار النشر ومضة بالمغرب دراسة تحت عنوان توسع الخطاب الروائي في رواية أرض السواد لعبد الرحمان منيف

صدر عن دار النشر ومضة بالمغرب دراسة تحت عنوان توسع الخطاب الروائي في رواية أرض السواد لعبد الرحمان منيف

تعرضت هذه الدراسة التحليلية لتوسع الخطاب الروائي في ثلاثية”ارض السواد” للروائي العراقي عبد الرحمان منيف، من خلال البنيات النصية المتخللة، وأبانت عن طرق اشتغال الأنساق الجمالية والخطابية على التاريخ المحول، وعلى كفاءة نسقية شخصت عالما كائنا (واقعي) اقترحه المرجع ذو النمط التاريخي على الروائي، وفي الآن نفسه تشيدها عالم ممكن (تخييلي) مقترح كما لو أنه عالم واقعي مدعوم بإجراءات تخييلية تزحزح وثوقية العالم المعطى في مادة التاريخ. كما أبرزتالدراسة قدرة استغال الرواية على تحوير التاريخ كنص متمركز على فرد أو فرديات محددة، إلى نص متشظي على مجموعات اجتماعية وفئات مجتمعية مهمشة أو مقصية من دائرة مؤرخ التاريخ المتفق عليه في الحوليات والمرويات التاريخية. وأيضا لما كانت الرواية قد اعتمدت في بنائها وخصوصيتها على خطاب الآخر، مادة ولغة وأسلوبا، وكان هذا الآخر متعددا ومتضاربا ومتناقضا في الرؤى والمنطلقات، فان التوتر – طبعا بدرجة مختلفة-هو الخلفية التي تطبع النص وتشكل مفاصله. وكذا بناء تمفصلات تلك الرؤى والتناقضات في سياقات سردية تحمله بإيحاءات ترميزية ودلالية تشي بإمكانات تشييد عوالم المعنى والدلالة المتعددة، ليس الدالة على الماضي والانقطاع، وإنما دالة على الحاضر والاستمرار…
لقد أوضحت الدراسة ان رواية “أرض السواد” عمقت التاريخ المخبر عنهبأشكال سردية منفتحة على لغات وخطابات ومركبة من مرجعيات متوزعة على قطاعات معرفية وفنية كثيرة، منها ما يقع خارج مدارات الرواية، ومنها ما يقع داخلها، لتدفع بذلك نحو تأمل للواقع التاريخي واستنطاق أزمنته وفضاءاته وشخوصه، لتؤسس واقعا روائيا يصل بين الماضي والحاضر ببنيات وأنماط سردية حية ومنفتحة. بذلك مكنت الرواية من الإدراك للواقع الماضوي للتاريخ بأسلوب تخييلي، لتقول ما أرادت أن تقوله، وفق ما ارتضت لها الرؤية المبدعة للروائي أن تقول، دون ان تقل أخيلتها واقعية عن سرود التاريخ؛ بشكل يتقاطع فيه السرد التاريخي المحمل بالحقيقي مع العالم الممكن للنص التخييلي.
هكذا توجه النص الروائي إلى وقائع مثبتة ومؤكدة في تعلق نصي هو تجريب يدعو إلى التفكير في دراسة الاستراتيجية الحجاجية التي تقوم عليها الرواية التاريخية العربية المعاصرة. بمعنى تحليل طرق ووسائل إعادة امتلاك النصوص التاريخية الخاضعة لرهانات حجاجية (وثائقية) من طرف عمل روائي محكوم بإمكانات التأويل والحفر المتجاوزان لحدود مادة التاريخ المعطاة، في إثبات لكفاءة التحويل الإبداعي للنصوص اللاتخييلية والتخيلية، وهي مسألة متصلة بجدل التحول من الكائن إلى الممكن الذي طرح مع منتقدي الجمالية المعيارية التي تنبني على ثنائية ” الصدق” و”الكذب”، “الصحيح” و”الخاطئ”، “الوفي” و”الخائن”. وذلك عبر اكراه نسقين: نسق التاريخ بثيماته ووقائعه المضمونة في سجل المعارف التاريخية، وبأسلوبه وبلغته المحملة بعبق الزمن الذي كان. ونسق الرواية بتياراتها المختلفة، وأساليبها ولغتها التعبيرية التي تسترفدها من معين أنواع أدبية متنوعة ومتفرقة على الخريطة الأدبية العربية الإسلامية والغربية.
هكذا ابرزت الدراسة استعادة الحكي في “أرض السواد” سلطته كأداة بلاغية سردية تستجيب للذائقة الجمالية العربية المعاصرة، فحققت بذلك متعة تلق استثنائية، ومررت أطارحها التي تزعزع الثابت من حقائق التاريخ المضخمة منها والمسكوت عنها، وألبست حقائق التخييل بلبوس العالم المعطى والكائن أو الممكن وجوده.

 

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *