حضن متحف الشارقة للفنون تحفا فنية في الدورة الواحدة والعشرين لمهرجان الفنون الإسلامية تحت شعار “أفق”. وقد ظهرت هذه اللوحات على شكل نصوص مفتوحة على قراءات متعددة .من بين هذه اللوحات سنعرض للبعض كنموذج على روعة التلاقح الحضاري الذي خلقه الإسلام مع باقي الفنون والعلوم :
ـــ لوحة “كناية ” للفنان أحمد قشطة من مصر : تتنوع الألوان والخطوط والأشكال ، ويعتمد الفنان أقلام رصاص يشكلها لتقول بأن ما هو عادي عند الناس يخرج منه الفنان بإبداعه شيئا غير عادي .وقد استفاد الفنان من المفاهيم الإسلامية التي تعتمد تكرار العناصر البسيطة والفسيفساء ليخلق أشكالأ هندسية تبرهن على العلاقة بين الفن والرياضيات والعلوم في الإسلام .
ــــ لوحة “قصيدة للزخرفة” للفنانة الأردنية البريطانية جوليا العبيني تستلهم الثقافات العريقة في تمازج مع الأدوات الحديثة مثل آلات الليزر ،وبرامج الكمبيوتر.إنها عبارة عن انطلاق يبحر داخل تفاصيل الفن الإسلامي ،والهندسة المعمارية،والتصميم من جميع أنحاء منطقة الخليج والشرق الأوسط وآسيا.
ـــ لوحة “النجوم المتحركة” للفنان جوناثان سيمس Jonathan Sims من الولايات المتحدة تعتمد الأشكال الهندسية في الفن الإسلامي وتنسجها بطريقة تجريدية بالوان مبهرة تزيدها رونقا البساطة في استخدام رموز مستلهمة من اللغة والتصاميم القديمة في توافق مع المعاصر .والواضح من عمل الفنان أن الزخارف الإسلامية الأصيلة تقدم جمالا يساعد على التحليق في أفق الخيال الواسع “يضم النجوم المتحركة اثني عشر ضوءا موجها بعناية داخل النحت ،ويأتي هذا كنسخة حديثة من مصابيح الإسقاط التناظرية التي أصبحت جزءا رئيسيا من ممارسة الفنان نفسه ،وتتكون هذه المصابيح من مصدر ضوئي ،وقطعتين من الأكريليك الزجاجي مع تصميمات محفورة بالليزر.يعد هذا النحت دليلا على جوانب عديدة من الأنماط الإسلامية ،ويقارب الفنان بين الأفق والعمل الفني بقوله “أعتقد أنه من الممكن تصور موضوع هذا المهرجان في أي من هذه الأنماط الإشعاعية ،مما يولد المعنى من خطوط الرسم التي تستمر دون محو كجزء من الصورة” (مطبوع المهرجان )
هذه اللوحات هي جزء بسيط من سنفونية فنية عزفتها لوحات جدران المعارض كلها وقد وقفت فقط عند البعض منها بمتحف الفنون .وفي لقائنا بالفنانين المشاركين وهم متعددو الجنسيات قاموا بشرح وجهات نظرهم التي اعتمدوها في خلق لوحاتهم ،فزدنا قربا منها وانتبهنا أكثر إلى ما تحتضنه من أفكار مستقاة من الإسلام والحضارة الإسلامية بقرآنها وعمرانها…ومن بين ما جاء في الشروحات هناك من قال ــ وهوفنان أجنبي ــ بان اعتماده الرسوم الهندسية جعله يعتمد لوكو كحيلة في طبيعة الهندسة واستكشف أن هذا النمط موجود من آلاف السنين في الفن الإسلامي ….
لذلك دفعتنا ـــ كإعلاميين ـــ لوحات الفنانين إلى إلقاء بعض ملاحظاتنا ككلمة في حق المهرجان ومحتواه الفكري والفني. ورأيت كإعلامية وكمسلمة أن أقول كلمة لابد منها في أخر لقائنا بالفنانين القادمين من مختلف بقاع العالم :
أشكركم أيها الفنانون لأنكم اليوم جعلتمونا نقترب أكثر من لوحاتكم .ثم أريد أن أستسمح الجميع في أن أسمي دورة المهرجان هذه الواحدة والعشرين ب“صلة رحم إنسانية” ؛ فصلة الرحم عندنا في الإسلام تكون بين الأقارب وعلاقة الدم ، وقد استعرتها من الإسلام لأسمي بها مهرجانا رفرفت عليه روح الإسلام بطهارتها ،ونقائها ،وحبها ،وسلامها .فجمعت جنسيات متعددة استلهمت معنى الإسلام والحضارة الإسلامية في لوحات فنية هي نصوص معاني إنسانية مفتوحة على أفق الحب والايخاء والعطاء بلا حدود. لهذا أحب أن أقول لمن اتهموا الإسلام بادعاءاتهم الكاذبة ، وألحقوا به التهم أن ينظروا إلى لوحة واحدة فقط من لوحات فنان من المشاركين وستتأكد لهم عظمة الإسلام ؛ في انفتاحه على الإنسانية جمعاء ،وفي خلقه لقيم التسامح والحب لأنه دين سماوي من إله عظيم فهو كله يدعو للحب والله محبة …
د. نزهة الماموني