ما سر وجود جثتين مخنوقتين لمحمد شكري بالغرفة رقم 17 بالطابق الثالث لفندق ” ريتز ” المتواضع ، اللانجمي ، الواقع بمدينة طنجة ؟ ولماذا استقر بين ردهاته الكاتب الشهير أواخر أيامه ، علما أن مسكنه بعمارة ” تولستوي ” لايبعد سوى مئات الأمتار ؟ وهل للمخطوطة المعثور عليها داخل كيس بلاستيكي أسود تمسكه يد رجل ميت علاقة مباشرة بهذه الجريمة المزدوجة الغامضة ؟ أصحيح – كما يشاع – أن الشخصيات الرئيسية لأعماله الأدبية هي من تآمرت بكل غل و سبق تعمد على وضع حد لحياته الشطارية الصاخبة ؟ أين اختفى كل من الكلب العجوز ” جوبا ” و الببغاء الميكانيكي ” موتسارت ” بعد اكتشاف الجثتين المزعومتين؟ لماذا حامت الشكوك والتكهنات القوية حول كل من أحمد الكبشي الملقب ب ” الروبييو ” و الكاتب الأمريكي بول بولز و السائق عبد الواحد بولعيش وكاتبة الروايات البوليسية باتريسيا هايسميث بكونهم ضالعين في التدبير لهذه النهاية الحزينة لصاحب ” الخبز الحافي ” ؟ السارد ” الشامان ” القادم لتوه من العوالم الموازية هل هو من كان وراء انتشار شائعة أن محمد شكري لم يمت في واقع الأمر وإنما اختلق فحسب هذا السيناريو الملتبس لموته ثم اختفى بعد ذلك ، أو بأن له توأما مجهولا يواصل تأدية دوره ككاتب بالنيابة مستعينا بمجموعة من الأسماء المستعارة في حين أن محمد شكري الحقيقي انسحب صوب الظلال المخاتلة للصمت ؟ وإذا كانت كل هذه الوقائع المتاهية السالفة الذكر فصلا من مسرحية عبثية من توقيع مخرج مخبول مصاب ب ” متلازمة محمد شكري ” ، أضغاث حلم صيفي للمؤلف المولع بالمصائر البديلة و الهويات الذاتية المفتتة الماضية نحو التلاشي النهائي ، أو بالأحرى أنها حدثت بالتزامن في فندق آخر سابق يحمل نفس الاسم ، فندق احترق منذ سنوات مضت ، وما يروى هو مجرد أصداء عائدة مردها كسور في تناظر المكان والزمان ؟
تلكم بعض من أجواء وعوالم التحري القصصي ذي الطابع التجريبي ، الموسوم ب ” رحلة حول غرفة بفندق ” ريتز ” ” للكاتب المغربي أنيس الرافعي ، الذي صدر في نسخته العربية ، معززا بمجموعة من الصور الفوتوغرافية بالأبيض والأسود، في حوالي 46 صفحة من القطع الصغير عن دار ” بوهيما للنشر والتوزيع ” بالجزائر ، في انتظار ظهوره قريبا في ترجمتين مستقلتين بالإنجليزية والفرنسية . وقد تم تذييل هذا التحري بملحق يحمل عنوان ” حواشي الأحبة على دفتر الرحلة ” ، نقرأ فيه شهادات لكل من محمد الشركي وحسن نجمي و جليل حيدر و الزبير بن بوشتى و عبد الدائم السلامي و لؤي حمزة عباس و عبد الرزاق بوكبة و زياد خداش و بشير القمري . وتجدر الإشارة إلى أن الفنان زبير فارس هو من أشرف على التصميم الجمالي للكتاب وصمم غلافه.
(* )ملحوظة : المؤلف تخلى عن كافة حقوقه في هذا الكتاب لدعم عمل خيري بالجزائر يخص الأطفال .
# عن قسم الدعاية والتوزيع بدار “بوهيما”
طنجة الأدبية