الرئيسيةأخبارعشاق القصيدة يستعيدون ذكرى تأسيس دار للشعر في تطوان..حوار جميل بين الطبيعة والشعر والتشكيل في حديقة دار الشعر بتطوان

عشاق القصيدة يستعيدون ذكرى تأسيس دار للشعر في تطوان..حوار جميل بين الطبيعة والشعر والتشكيل في حديقة دار الشعر بتطوان

نظمت دار الشعر بتطوان الحلقة الأولى من برنامج “حدائق الشعر” يوم الجمعة 13 يوليوز الجاري، في حديقة دار الشعر والمتحف الأثري بالمدينة. وهي الحديقة التي شهدت الإعلان عن تأسيس دار الشعر بتطوان، قبل سنتين من اليوم، ضمن مبادرة حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، المتعلقة بإحداث بيوت للشعر في أقطار الوطن العربي.
وقد امتلأت حديقة دار الشعر عن آخرها بعشاق الشعر، من مغاربة وأجانب، ممن يترددون على المدينة خلال العطلة الصيفية، حيث أنصتوا لروائع الشعر المغربي في حديقة الشعر، كما استمتعوا بمشاهدة المنحوتات الخالدة للفنان التشكيلي عبد الكريم الوزاني.

 

وانطلق اللقاء على أنغام عازف الناي مصطفى حكم وقصائد الشاعر المغربي علال الحجام، وهو أحد أعلام الشعر في المغرب. وقد صدرت لعلال الحجام مجموعة من الدواوين الشعرية، منذ ديوانه الأول الصادر سنة 1975 “الحلم في نهاية الحداد”، وديوان “من يعيد لعينيك كحل الندى”، ثم ديوان “في الساعة العاشقة مساء” وديوان “احتمالات” و”من توقعات العاشق”، وديوان “ما لم يقله الوشم على الشفق”، وصولا إلى ديوانه الجديد “مسودات حلم لا يقبل المهادنة”. وهو بالفعل شاعر لا يقبل المهادنة، ولا يلين أو يستكين لصيغة جمالية ثابتة، أو رؤية شعرية واحدة. التحاقه بالولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة منح قصيدته أفقا جماليا وثقافيا مغايرا، ومسايرا للشعر العالمي المعاصر. لكن علال الحجام ظل متشبثا بأصول الشعرية العربية، ومقوماتها اللغوية الصوتية والعروضية. يقول الشاعر:
إنما نحن… نحن معا في مجرتنا واحد أحد. نحن روحان تنصهران لظى نافرا، والهوى جسد”. كما يردد في قصيدة أخرى: “نقشت على زبد الماء اسمك بالنار، تحضن زهراتها الراعفة. وما أجمل البرق حين يرتل تغريبة لأنين العرار، ويشيد برج الغيوم المنيف، على شامة العاصفة”.
ومما قرأ علال الحجام في حدائق الشعر بتطوان قصيدة تفاعل معها جمهور الشعر ورددها معه، وهي بعنوان “سأقول كلاما وأنصرف”، يقول فيها:
لا عليكم جميعا، فأنا سأقول كلاما وأنصرف. ولكنني سوف أرفع صوتي احتجاجا على زمني ثم أنصرف. لا عليكم فشمس الحقيقة تعلن عصيانها ثم تنكشف. هذه جثة تستباحْ في الفيافي أمام طيور الضحى الجارحة. فتذري رمال الرياحْ في عيون الشهود المساكينِ. تدفن سرا مريعا… وما أشبه اليوم بالبارحة”.

بعد ذلك، تحدث مدير دار الشعر بتطوان مخلص الصغير عن لقاء الشعر بالتشكيل في برنامج “حدائق الشعر”، مشيرا إلى أن تطوان، وكما كانت مهد الحداثة الشعرية العربية، فهي أيضا مهد الفنون الجميلة، والحاضنة لأول معهد وطني للفنون الجميلة في المغرب، والذي تأسس سنة 1945.
واستعرض مخلص الصغير المسار الفني الكبير للفنان التشكيلي عبد الكريم الوزاني، الذي أثث فضاء “حدائق الشعر” بمنحوتاته التشكيلية، وهو أحد أهم التشكيليين المعاصرين في العالم العربي والفضاء المتوسطي، وقد تم توشيحه بوسام الجمهورية الفرنسية للآداب والفنون ووسام من المملكة الإسبانية، ووسام الملكة المغربية، كما عُرضت أعماله في مختلف متاحف ومعارض الفن عبر العالم، من إيطاليا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومن مصر إلى الإمارات العربية المتحدة وفرنسا وغينيا وإسبانيا والبرتغال والكويت وسوريا والشيلي وبلجيكا…
من جهته، نوه الوزاني باختيارات دار الشعر بتطوان، ومنها هذا اللقاء “حدائق الشعر”، الذي يجمع بين الشعر والتشكيل، وهما فنان لا ينفصلان حسبه، حينما يتحدثان بلغة واحدة هي لغة الإحساس. وبدا الوزاني متأثرا بسبب تفاعل جمهور الشعر مع أعماله الفنية التي عرضها في حديقة دار الشعر والمتحف الأثري في تطوان، وهو يؤكد على سمو هذه المبادرة، والتي تنتصر للشعر والفن.
ثم قرأ عبد الرحمان الفاتحي قصائد باللغة الإسبانية من ديوانه الذي سيصدر قريبا بعنوان “عودة إلى تطوان”، هو الذي أصدر قبل 20 سنة من اليوم ديوان “صور وكلمات”، وبعده ديوان “إفريقيا في أبيات مبللة”، وأعمال شرعية أخرى، ليظل من أهم الأصوات الشعرية الناطقة بالإسبانية. ونال الفاتحي جائزة رفاييل ألبيرتي للشعر سنة 2000، وجائزة ابن الخطيب في غرناطة سنة 2010، وجائزة لابارّاكا سنة 2011.

 

وختمت الشاعرة نسيمة الراوي هذه الجلسة الشعرية الشيقة “حدائق الشعر”، وهي التي توجت هذه السنة بجائزة بلند الحيدري للشعراء الشباب، في الدورة الحالية من موسم أصيلة الثقافي، وقد صدر لها ديوان “شغب الكلمات” سنة 2007، وديوان “قبل أن تستيقظ طنجة” سنة 2012.
وتحت ظلال حدائق الشعر ودار الشعر بتطوان، أنشدت الشاعرة نسيمة الراوي:
الشَّجَرَاتُ تَـمُدُّ أَغْصَانَهَا صَوْبَ السَّمَاءِ/ تَماماً كَمَا نُـمَدِّدُ لِحافاً صَوْبَ شَخْصٍ يَقِفُ/ عَلَى حَافَّةِ سَطْحٍ مُوحِيّاً أَنَّهُ سَيَسْقُطُ بَعْدَ قَلِيل../ كُلَّمَا تَـمَلَّكَني الْأَرَقُ أَعُدُّ الْأَشْجَارَ/ كَمْ مِنْ غَابَةٍ عَبَرْتُ يَا لَيْلِيَ الطَّوِيل..
هكذا، عاد الشعر إلى تطوان، وإلى حدائق الشعر وحديقته في دار الشعر بتطوان، وهي الحديقة التي شهدت ميلاد دار الشعر بتطوان، يوم 17 ماي 2016، ضمن مبادرة سمو حاكم الشارقة المتعلقة بإحداث بيوت للشعر في أقطار الوطن العربي. وقد أصبحت دار الشعر بتطوان، في سياق هذه المبادرة الثقافية الكبرى، واحدة من أهم المؤسسات الشعرية في العالم العربي والفضاء المتوسطي.

 

طنجة الأدبية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *