إشارة:
ألقيت هذه الورقة النقدية برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة بمناسبة اليوم الدراسي التكريمي المعقود لتجربة الشاعر الكبير عبد السلام بوحجر الذي توج بلقب : شاعر الجماليات العليا من قبل العلامة الجمالية ،يومه 5 ماي 2018 ، بحضور رجالات الأدب و الثقافة عرفانا بفرادة تجربته الشعرية و إسهامه في تطوير القصيدة العربية المعاصرة .
مدخل:
تسعى هذه الورقة إلى الحفر في ديوان(الغناء على مقام الهاء) قصد استجلاء مقصدية الانتصار التي ضمنها الشاعر المغربي المتفرد عبد السلام بوحجر ديوانه الجديد الصادر عن منشورات ومضة الطنجية ،سنة 2013، في طبعة جميلة زادها جمالا نصوص الديوان الطافحة بالجماليات العليا، البالغ عددها عشرين قصيدة انتضمت في فصلين متساويين من حيث العدد:
“الفصل الأول موسوم بــ(أرسم الحسناء بالإيقاع) ضم عشر قصائد”، و “الفصل الثاني موسوم بــ( في سيرة الصعود دائما) ضم عشر قصائد أيضا”.
و تجدر الإشارة إلى أن عنوان الديوان يحيل على قصيدة (عزف منفرد على وتر الهاء) التي يتضمنها ، ولا يخفى أن هذه القصيدة كتبت عام 1999م، و نشرها عام 2002 في بعض المجلات والجرائد العربية ، وقد تأثر بها كثير من الشعراء العرب، الذين حاولوا صياغة نصوص شعرية على منوالها .
وقد ارتأينا أن نفرع ورقتنا إلى المحورين الآتيين:
1-في مفهوم المقصدية :
معلوم أن مفهوم المَقصديّة ، ظهر مع نموذج (القصد) ،الذي يرى أن الدلالة اللغوية تتأسس على قُصود المتكلمين
و مقصدياتهم ، وقد “اشتهر به الفيلسوف جْرَايْس، وطبَّقه على نظرية أغراض الكلام/أفعال اللغة سُورْل، وقد أثار جدلا كبيرا وكان موضع تصويبات كثيرة منها تنقيحات سْتْرَاوْسْنْ، و سُورْل، و شِيفَرْ”1، فماذا نقصد -نحن- بمدلول المفهومين الذين تترّكب منهما صيغة عتبة عنوان ورقتنا وهما : (المقصدية) و(الانتصار)؟.
إن لفظ ” المقصدية” الذي ورد في عتبة عنوان ورقتنا لا يخرج عن هذه التعريفات المذكورة آنفا2، فهو مصدر صناعي
يستعمل للدلالة على الخاصية المأخوذة من لفظ ‘القصد” ، بمعنى أن ” المقصدية” هي”خاصية كَوْنِ الشيء مقصودا” ، وبالتالي يكون قصدنا من وراء استعمال هذا المصدر مضافا إلى كلمة ” الانتصار” هو التدليل على اتصاف
قصد الشاعر بخاصية الانتصار ، وإن شئت قلت، التدليل على احتفاء الشاعر بكتابة النصر عَبْرَ وسيط
الشعر، ما دام كلّ قول شعري هو في الأصل قصد شعوري يتغيَّأه الشاعر ويُنشِئه بأساليب لغوية-بلاغية-إقناعية مختلفة على المتلقي تبيُّنـُهَا، و استِكناه مقصدياتها المَطْوِيَّةِ في بنيتها النصية.
2-تجليات مقصدية الانتصار في الديوان:
بصفتنا متلقين للديوان ، لنسأل عن تجليات مقصدية الانتصار في قصائد الشاعر عبد السلام بوحجر و أبعادها؟.
إن الناظر في ديوان (الغناء على مقام الهاء) يجده مُترعا بقيم الانتصار التي احتفى بها الشاعر، إنْ إظهارا أو إضمارا عبر آلية الطي الدلالي ، فضلا عن قصود و جماليات أخرى ( جماليات الإيقاع- وجماليات الصور- وجماليات الرؤيا-وجماليات البناء الدرامي …)، نرجئ الحديث عنها إلى دراسة مستقلة تهم تجربة الشاعر الكبير عبد السلام بو حجر في شموليتها.
فمن دلائل احتفاء الشاعر بقيمة الانتصار في ديوانه، وَسْمُهُ لعتبة عنوان الفصل الثاني بــ( في سيرة الصعود دائما) ،
و لا يخفى على المتلقي النَّبيه ، أن لفظ ( الصعود ) و لفظ (الانتصار) وجهان لقيمة واحدة هي (الفوز/ الظَّفر)، مما يعني أن الشاعر احتفى في هذا الفصل بصعوده الجميل النبيل في سُلَّمِيَّةِ القول الشعري وانتصاره على أعدائه و أعداء قصائده التي طارت شهرتها في الناس كل مطار .
فمن هُم يا تُرى أعداء الشاعر الذين انتصر عليهم وبزهم ؟
يتكشف لنا من خلال الحفر في (ديوان الغناء على مقام الهاء) أن الشاعر تَغَنَّى بالانتصار على خصمين اثنين هما : أَنَاهُ ، و آخَرُهُ.
و يتجلى انتصار الشاعر على أناه وعوالمِها في قوله:
“1
الدَّاء يشربُ من دَمِي
و الأفقُ أضحى قَاتِمَا
لكنَّ قلبي في فمي
ما زال يشدو بَاسِمَا
2
أقسمْتُ أن أمضِي إلى
أفق المحبة واثقَا
أرنو إلى دنيا العلى
وأعيشُ عمري صادقَا”3.
و قوله في المقطع السابع:”سأقولُ لا لِلإنطواءْ / و أقولُ لا للظالمينْ/ما دمتُ أجترحُ الغناءْ/دربا إلى فجرِ اليقينْ” و قوله في المقطع الخامس عشر من القصيدة نفسها :”كالنار أصعدُ لامعَا/ كالماء أخرجُ صافيَا/ كالبدرِ أسطعُ رائعَا/ كالفجرِ أولَدُ عاليَا”4.
فالشاعر هنا يُصَرِّحُ لأناه و آخره/ المحبِّ له (القريب منه) أن جذوةَ الأمل ، و بهاء القول الشعري لن يطفئهما أي ألم أو محن تعترضُ الذات ،سواء صدرتْ من عَوَالِمِ الأنا أم الغير /الخصم المُبْغِضِ لأنا الشاعر الاعتبارية و شِعريَّتـِها.
و يتجلى انتصار الشاعر على أناه-أيضا-، وانتصاره لِقَصْدِ الجمال في القصيدة من خلال قوله :
“و كما الشِّعرُ يَسْكُنُكَ اسْكُنْهُ../كُنْهُ.. !/فما أنتَ إلا صدى /لِخُطَاكَ على سُلَّمِ الرَّعْشَةِ الأبَدِيَّةِ/يا عَبْدَ حريَّةِ الروح/رُوحُكَ صانِعَةُ السِّحْرِ هَمْسًا/ و قاهرةُ القَهْرِ جَهْرًا!/ إذا أَخْرَجَتْ باختيارِكَ أثْقَالَها / ثمَّ قالَ الْوَرَى: مَالَهَا؟”5.
إذ نلمح هنا، كيف أنزل الشاعر أناه/ التَّكلُّمِيَّةِ منزلة الأنا/ المُخاطَبَةِ عبر اِستراتيجية تَشْقِيقِ مرايا الذات، وانتقل من مقام الأنا المتكلم إلى مقام الأنا/المخاطَب ، لينبئ المتلقي الحاضر/الغائب أن روحَه مسكونةٌ بالشعر كأنها الشعر نفسه ، وبأنها هي
صانعة السحر/ القول الشعري، و أنها قاهرة القهر بسلاح الصبر وبهاء الصور الشعرية الطَّافحة بالأسرار و الجمال السَّالِبِ لِلْأَلْبَابِ.
و يَتَمَظْهَرُ انتصار الشاعر على آخره، من خلال أفعال المقاومة والتَّجَلُّدِ والتَّسلُّحِ بجماليات خطاب الرد الشعري، الذي
يراه الشاعر خير أداة للرد على خصوم الشِّعر الحَقِّ العاجزين عن الإتيان بمثله، وفي هذا الصدد يقول بصيغة آمِرِيَّةٍ
مُسْتَعِيرًا صوتَ نُونِهِ / قصيدته:
“قَاوِمْ خُصُومَكَ بالكتابةِ وَحْدَهَا
ثم اقْتَرِبْ منِّي أنا
و ارْقُصْ مَعِي “6.
وقوله بصيغة مَنفيَّةٍ يَنْفِي من خلالها استسلامه للخصوم :
“لَنْ يَأْخُذُوا مِنِّي وَفَائِي
أوْ يَسْرِقُوا منِّي الْقَصِيدَهْ
كَيْ يَنْشُرُوا يَا أَقْرِبَائِي
خَبَرًا دَنِيئًا في جَرِيدَهْ”7
وقوله في قصيدة “صَوْتُها وَ الْجَريدة ” عَبْرَ حوارية جميلة تَلْتَحِمُ فيها أناه بنونه/قصيدته ، و تَزْدَوِجُ فيها صِيغةُ نَهْيِهِ
بالصيغة الشَّرطية:
“لا تَنْكَسِرْ لِغُرُورِهِمْ …لَا تَنْكَسِرْ.. !
بِالكافِ والنُّونِ انْتَصِرْ.. !
إِنْ غَيَّبُوكَ فَأَنْتَ تَحْضُرُ في قلوبِ العارِفِينَ
إذا حَضَرْتَ دقيقتين أمامهم غابوا..
إذا غابوا أمامَكَ عذَّبُوكَ ..وَحَاصَرُوكَ..
وَ أَشْهَرُوا سَيْفَ الإشاعةِ
ضِدَّ حلْمك دائمَا !”8.
فهذا المقطع خير مُفصِح عن مَاهِيةِ الصِّراع الذي خرج منه الشاعر منتصرا، فهو صراع بين إخوة أعداء ، عمدوا إلى
التضييق على الشاعر ومحاصرة قصائده، قَصْدَ إخراس صوته المُتميز و الحَدِّ من انتشاره في الأقاليم الشعرية ، بِغرض اعتلاء مِنصَّةِ الشعر التي لَفَظَتْهُمْ و فَضَّلَتْهُ عليهم.
فقد تكشف لنا من خلال نصوص الديوان أن مُذْكِي نار هذه الخصومة أو الصِّراع بين الإخوة الأعداء،ليس ما اصطلح
عليه فرويد (بعقدة أوديب) ، المـُستضمَرَةِ في اللَّاشعور الباطن ، و إنما عُقدة قَابِيلَ ، التي حرَّكت منذ الأزلِ قابِيلَ كَيْمَا يقتلَ أخاه هَابِيلَ ، و حرَّكت بعده إخوة يوسف كَيْمَا يَئِدُوا نبي الله في البئر.
و جرَّاء هذه العقدة صار الشاعر المعاصر عبد السلام بوحجر كما تُفصِحُ نصوصه امتدادا طبيعيا و معادلا وجوديا
لأنا هابيل و أنا نبيِّ الله يوسف وكل مَطْعُونٍ بسيف ذوي القربى( الدموية أو الأدبية ) على الأرض.
يقول الشاعر مُخاطِبا بنبرة التحدي إخوة يوسف من مُجَايِلِيهِ :
” أيُّها الذَّاهِبُونَ إلى موتِهِمْ باكـرًا
قد عرفْتُ طريقي إلى الشَّمْسِ
لن تفرحوا بسقوطي على بابِكمْ سائِلَا.. !
كي أكونَ لأقلامِكُمْ
خبرًا عاجِلَا..”9.
و يقول أيضا:
“..تَنْسَ الإِخْوَةَ الْأَعْدَاءَ.. تَنْسَ السُّكري.. ! / حَافِظْ على ملح التَّوازن فيكَ!/ لا تغضَبْ على عَجلٍ”10، فالشاعر هنا يشترط على أناه عبر آلية التعدد الصوتي عدم المبالاة بأفعال الإخوة الأعداء من خلال جملة شرطية محذوفة الأداة ، تقديرها “إن تنس الإخوة الأعداء تنس السكري”، وإن تصفح عنهم يكن خيرا لك و لروحك التي نشيدها ( كُنْ
جميلَ السريرةِ/تَحْفَظْ لِنَفْسِكَ عَبْرَ الزمانِ /سَنًى هائِلَا )11.
من هنا، يتكشف لنا أن الشاعر عبد السلام بوحجر شاعر الرؤيا والمُغايرة بامتياز، وتتمظهر مغايرته الرؤيوية و المقصدية من خلال القصديتين الآتيتين:
1* قصدُ إلغاء مدلول عقدة أوديب ، و إخراجها من ضيق جريمة قتل الأب ،إلى دائرة أوسع وأرفع ، يمكن أن
نصطلح عليها بــ(العُقدة القَابِيلِيَّة) أو جريمة قتل الأخ، التي أغفلتها جل الدراسات النقدية بنوعيها الكلاسيكي و الحديث، حيث اكتفى كثير من النقاد بمحاولة تَبْيِئَةِ عُقدة أوديب في الثقافة العربية دون تقويم أو تصويب أو مراعاة لخصوصية المجال التداولي/النصي المنقولة إليه، مما جعلهم يسقطون في آفة التجني و تقويل النصوص السردية والشعرية ما لم تقله/تقصده .
2* قصدُ مقابلة الإساءة بالحسنة ، عبر آلية المفارقة، حيث قابل الشاعر (قَابِيلِيَّتَهُمْ) و قصودهم السيئة بأضدادها ، فقابل نار الإشاعة و التضليل بماءِ الشكر المزدوج بالعرفان والانتشاء بالنصر، وفي هذا قال :
“الإشاعةُ تُعْطِيكَ أَجْنِحَةَ الانتشارِ السريعِ إذا كنتَ تمشي على درب حلمِكَ
مشْيَ السلحفاة
فاشكرْ خُصومَكَ
و اشكرْ خصومَك يا صاحبي.. !”12
فالشكر الأول ، القصد منه الاعتراف بفضل الإشاعة ودورها في انتشار الشاعر وذيوع قصائده ،و الشكر الثاني، تأكيد
قصد من خلاله الشاعر مشاركة الذات نشوة الانتصار عبر تبادل الأصوات (و اشكر خصومك يا صاحبي) .
حيث أنزل الشاعر أناه منزلة المخاطَب/المنادى(يا صاحبي).
و قابل قصدية العنف المعلن والخفي بالعطف و الرهافة قائلا عبر آلية التذاوت ، بين أنا الشاعر القائل، وأنا
الشاعر المَقُولِ لَهُ في مطلع قصيدة (مقام الرهافة) :
“سبيلُكَ أن تَتَقَدَّمَ يا كائني
بالرُّجوع إلَيكَ
فترنو إلى الآخرينَ بِعَيْنِ الرَّهافة
إن الرهافةَ سرُّ الوصولِ إلى ما وراء النجومِ “13.
وقوله:
“أستطيعُ التعلُّمَ مِنْ ضرباتِ
خُصُومِي الخَفِيَّةِ و المُعْلَنَهْ
أستطيع التأمُّلَ أَبْعَدَ مِمَّا
تُحَدِّدُهُ ضِفَّتَا زَمَني”14 ،
و قوله أيضا:” الرهافةُ مأواكَ..منفاكَ../ لن تتقدَّمَ إلَّا و هُمْ يرْشقونَكَ بالشوْكِ/لن تتأخَّرَ إلَّا وهم يفرشون لكَ الوردَ / سِرْ في طريقِكَ”15.
كما قابل قصد الإقصاء بالقصيد المُتْرَعِ بالمجاز الأخّاذ ، وفي هذا يقول الشاعر :
“أجِبْ خُصومَكَ بالقصيدة وحدها
اهجمْ عليهم بالتحيةِ ..
كالرَّذاذِ إذا همى
في لوحةٍ أو جملةٍ شعريةٍ
تشفي القلوبَ من العمَى !
و اذهبْ إلى غدِكَ الْمُطَرَّزِ باللآلئِ حالمَا
في خفَّةِ الْيَعْسُوبِ..
لا تجعلْ نهارَكَ قاتِمَا !
واتركْ زمانَكَ كي يقولَ خطابَهُ ! “16.
فانتصار الشاعر هنا ، انتصار معنوي متدفق في/ من كأس قصائده التي صارت مرهفة مترعة ببليغ القول، و جميل
الصور، و القيم ، من قبيل الرهافة ، يقول الشاعر مُحاوِرا أناه التقديريّ : “الرهافةُ دنياكَ..مغناكَ/ فاحفرْ تَجِدْ تحتها
كنزَكَ اللانهائيَّ / حتَّى أرى لا شعورَكَ مثلَ شعورِكَ/ثم أراكَ على جبل المنتهى/ طالِعًا من قصيدتِكَ الأبَدِيَّةِ/ لا من بيانِ احتجاج / تدافعُ فيه به عن كنوزِكَ..! / فاضْرِبْ بِوَرْدِكَ / و اغْضَبْ بِهَمْسِكَ/ و اجْرَحْ بِجُرْحِكَ/و اثْأَرْ بِلَحْنِكَ/ إنَّ الرَّهافةَ موعِدُهَا النَّصْرُ يا صاحبي.. !”17.
و قد رَدَّ الشاعر على ظلم و حصار إخوته الأعداء بالعفو و الصفح قائلا – إبان انتصاره- :
“كلُّ خُصومِي أُسَامِحُهُمْ/ واحِدًا…واحِدًا”18،
و قوله مُهَنِّئًا أَنَاهُ ” رَبِحْتَ الرِّهانَ/ انْتَزَعْتَ اعْتِرَافَكَ يا صاحبي مِنْ/ خُصومِكَ../فابْكِ/ البُكاءُ دليلُ السَّماءِ على صِدْقِهَا/ابْكِ إلى مَطْلَعِ الصُّبْحِ/ قد صارَ هذا البُكَاءُ على زَمَنٍ خَانَنَا/ ضَحِكا”19، حيث انقلب السحر على الساحر فصار الشاعر المحاصَر مُنتصِرا محاصِرا بأسلحة الشعر خصوم القصيدة المنهزمين المستفهمين عن سر انتشاره في الأرجاء، المعترفين بانتصاره وفتوحاته الجمالية التي بَزَّتْهُمْ :” حَاصَرْ تَنَا أنتَ يا مَنْ لا نُحَاصِرُهُ/ أَ تَأْخُذُ الشِّعرَ كيْ يَبْقَى لَنَا النَّثْرُ؟”20.
و لا يخفى ، أن هذه المقاطع النصية المُدرجة في ثنايا ديوان (الغناء على مقام الهاء) تضعنا أمام درس في الأخلاق مفتوح على إمكانات تأويلية متعددة تعدد مقصديات المتلقين من الديوان، وهي فضلا عن كل هذا تَبْنِي مشهدية تَتْرَى بالقيم السامية .
وعلى الإجمال ، فإن مقصدية الانتصار في ديوانه (الغناء على مقام الهاء) للشاعر الكبير عبد السلام بوحجر، مقصدية
متعالية طافحة بالجماليات والقيم الإنسانية، كما أنها مقصدية مُوَسَّعة قامت قُصودُها على أنقاض و نَقيضِ قصود الخصوم- المنهزمين- الخفية والمعلنة، وقد زادها جمالا وتأثيرا وتداولا ، حكمة الشاعر وحنكته، و سحر أدواته الفنية وتكاملها ،إن تركيبا أو دلالة ، أو موقفا شعريا ، تمكن الشاعر من إيصاله للمتلقين على اختلاف طبقاتهم، ومقاصدهم من قراءة ديوان النصر الجميل النبيل الموسوم بــ(الغناء على مقام الهاء) ، الذي احتفى فيه الشاعر بانتصاره على آخره القَابِيلِيِّ، وانتصاره للقصيدة/ الحبيبة، و القيم الإنسانية بالجمال الخلاق الذي يسكن روحه ونصوصه.
الهوامش:
*تجدر الإشارة إلى أن الشاعر الكبير الدكتورعبد السلام بوحجر، شاعر مغربي ولد عام 1955 ، عضو اتحاد كتاب المغرب، حاز عدة جوائز أولى وطنية وعربية من بينها : جائزة الجاحظية بالجزائر سنة1997، الجائزة الأولى للقصيدة المغناة، والجائزة الأولى في المسابقة الدولية حول القدس من قبل وكالة مال بيت القدس بالرباط 2009، من دواوينه الشعرية : أجراس الأمل 1985، وإيقاع عربي خارج الموت ، سنة 1990، والصخرة السوداء، مسرحية شعرية، سنة 1993، وأزهار الحصار، في 1995، ،وقمر الأطلس، عام 1999، وديوان ستة عشر موعدا سنة .
*إسماعيل علالي، شاعر و ناقد مغربي، باحث بمختبر الأدب وفنونه بكلية الآداب بوجدة
1- انظر طه عبد الرحمن، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام ، المركز الثقافي العربي ، ط:2 ،ص:45
2- للتوسع ينظر محمد مفتاح ، تحليل الخطاب الشعري(استراتيجية التناص) ،ص:163
3 -قصيدة ، وتر الرحيل، ص:87
-المقطع 15 من قصيدة وتر الرحيل، ص:92 4
المقطع الرابع من قصيدة(واصل غناءك يا صاحبي)، ص:122- 123 5-
6-المقطع الرابع من قصيدة(مقام الحضور)،ص:68
-المقطع 8 من قصيدة(وتر الرحيل)، ص: 88 7
8-قصيدة (صوتها والجريدة) ، ص:105-106
-من قصيدة (في الطريق)، ص:116 9
10-من قصيدة (صوتها والجريدة)، ص: 109
11-من قصيدة (في الطريق)،المقطع الأول، ص:115
قصيدة واصل غناءك يا صاحبي،ص: 122 12-
13–من قصيدة، (مقام الرهافة)،ص:128
– المقطع الثالث من قصيدة(في الطريق)، ص:116 14
– المقطع الثالث من قصيدة(إن الرهافة موعدها النصر)، ص:132 15
16-من قصيدة، (صوتها والجريدة)،ص:106
-من قصيدة إن الرهافة موعدها النصر، ص: 133-134 17
-من قصيدة (في حفل تكريم) المقطع الثاني، ص:136 18
– من قصيدة( في حفل تكريم)، المقطع الثالث، ص: 139 19
20 – من قصيدة ،(يقول لي شاعر) ، ص: 147
إسماعيل علالي