*** أطلق المغرب خلال الأيام الماضية مخطط “حذر” في إطار السياسة الأمنية للمملكة في مواجهة الإرهاب. وهو مخطط استباقي كما صرح به بعض مسؤولي الدولة. ولكن من منظورنا كمتتبعين لتفاعلات الساحة الثقافية المغربية والعربية، فإننا نرى أنه آن الأوان لتقديم الثقافة على أساس أمن قومي، أي بمعنى إدراج المواجهة الثقافية في معركة مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف. وكما قال الكاتب والفيلسوف الفرنسي “ألبير كامو” لكي تصنع ثقافة لا يكفي أن تضرب بالمسطرة على الأصابع.
ومن هذا المنطلق أصبح النظر في الخطاب الثقافي ضرورة ملحة تحكمها حيوية المرحلة، فمواجهة الفكر لا تكون إلا بالفكر، وبالتالي تأتي ضرورة إعادة الاعتبار لشخصية المثقف والفعل الثقافي، وأهمية خلق وعي متكامل من كتابات للمثقفين، وأعمال مسرحية وسينمائية تواجه الإرهاب وتعريه وتبين خطورته في هدم العلاقات والقيم الإنسانية والدينية.
وفي بلد لا تزال نسبة الأمية فيه لا تبعث على الارتياح، فإنه لابد من تغيير الخطاب الثقافي الحالي به. لأن المثقف اليوم لا يخاطب إلا المثقف، ولا يزال في برج عال بعيدا عن أرض الواقع. فالمثقف الذي يجهل وسائل التواصل الحديثة، التي أسقطت أنظمة بكاملها، يجب عليه تبسيط خطابه ليصل للعامة، والتعبير بالتالي عن رأيه في هذا العالم الرقمي الجديد بحروف ورموز غير معقدة، باعتبار أن “اللغة مصدر سوء الفهم” كما قال أنطوان دو سانت- إيكسوبيري.
كما أن لوزارة التعليم دورا يجب أن تقوم به، لأن الثقافة تدخل في نسيج التعليم، الذي بات مطلوبا منه أن يهيئ الطالب ويعده ليصبح مثقفا، لا حامل شهادة مشكوك – أغلبها – في نجاعتها أو في سلامة حصيلتها العلمية. فالجامعة لم تعد تقدم مفكرين، بقدر ما تنتج لنا مجرد مستهلكين لأفكار وثقافات لا جدة فيها ولا نفع. كما أن فوضى وسائل الإعلام، وبروز الصحفي “الجوكر” الذي يفتي في كل شيء، أضحى خطرا على “بعض” من بنيتنا الذهنية ونشاطاتها المنفلتة من ضوابط الأخلاق، وقواعد القانون.
طنجة الأدبية