في مجموعتها القصصية “بلاد الرحيل” ترتكز القاصة صفاء الشعشوع على ثيمة (العبور – الزمكاني)، للأفراد والجماعات؛ فتضع القارئ في أجواء الحكايات منذ العنوان الذي تَستخدم فيه فعل (الرحيل) بوصفه موجهاً دلاليّاً لحضور الحكاية، وكثيراً ما ارتكزت في سردها على بنى قصصية شعرية تؤكد وجود هذا الفعل أو شبيهه (يَنطوي/ يَعبر/ يَرحل/ يَمر/ يُعاد…) كما نقرأ في القصة الشعرية الموسومة: (في بلاد الرحيل):
“في رحلة السعي الحثيث وراء الحياة،/ تُعد الثواني التي لا يُوَدُّ بقاؤها عسيرة ثقيلة،/ وتمرُّ أعوام المسرّات سريعة خفيفة./ هنا تمر فصول العمر بتقلباتها،/ وما كلها سوى لحظات،/ ومضات من عمر تمضي ولن تعود./ في كل فصل ينطوي ستُختم قصة،/ سيأفلُ نجم ويبزغ آخر./ كمسرح ضخم مشاهده قد تتشابه لكن لن تتكرر./ سيعبر الناس محطات الرحيل رِضاً أم كرهاً/ مهما تمسكت أيدينا، إلا أنها في الختام ستفلت (…)”.
هنا تبدو الكتابة عند القاصة الشعشوع تحدياً تطرح عبر ثيماتها المتنوعة قضايا مشتركة، تشكل هماً أدبياً وإنسانياً نابعاً من صميم الحياة والواقع، يتمظهر هذا الكلام في قصص المجموعة من خلال العناوين التي تحوي متتاليات نصّية تلخص لحظات زمنية دالة في حياة الشخصيات. وفي هذا السياق يجب أن ندرك أن القصة القصيرة هي (تأويلية) تعيش على فائض المعنى، لأن وظيفتها ليست إخبارية بل وظيفة جمالية تترك للقارئ مهمة تأويلها؛ أي أن القاصة الشعشوع تعوّل كثيراً على الفعل القرائي الخلاَّق، الذي يسهم فيه القارئ مع الكاتب في إنتاج نص إبداعي مشترك، وتلك هي إحدى رهانات الكتابة القصصية الحداثية؛ وقد نجحت القاصة الشعشوع بهامش من المناورة الأدبية (شكلاً ومضموناً) في عرض الحياة الواسعة واختصارها في مجموعة قصصية.
تضم المجموعة القصصية “في بلاد الرحيل” أربعة عشر قصة قصيرة نذكر منها: “رحيل”، “وادي التيه”، “كابوس”، “مدينة رمادية”، جسر العفاريت”، “أمنيات مفقودة”، “غسق الأعماق”، “شحوب”، “فيض ذكريات”، “روح سجينة”، (…) وقصص أخرى.
طنجة الأدبية