توصلت “طنجة الأدبية” ببلاغ عبارة عن تعزية تنعي فيه فرقة مسرح أنوار سوس ومؤسسها الفنان الممثل والكاتب والمخرج المسرحي عبد القادر عبابو، وهذا نص النعي:
بعميق الحزن والألم، وببالغ مشاعر الأسى، تنعي فرقة مسرح أنوار سوس رائدها ومؤسسها الفنان الممثل والكاتب والمخرج المسرحي المعلم الأول والكبير عبد القادر عبابو الذي لبى نداء ربه يوم الإثنين 20 يناير 2020 بعد مرض عنيد لم تنفع معه مقاومة..
وإذ يتقدم سائر أعضاء فرقة مسرح أنوار سوس، بأصدق عبارات التعازي وجميل المواساة لأرملة الفقيد أختنا السيدة السعدية كاني، وبنته الفنانة سلوى عبابو، وابنيه الأخوين عصام ونزار، وعموم أفراد أسرته بمنطقة أولاد زيدوح وبمدينة أكادير، ولكل رفاقه في حزب التقدم والاشتراكية، وزملائه بمحترف أونامير، وسائر الأسرة الفنية بأكادير وجهة سوس ماسة وعموم الوطن، فإنهم يستحضرون في هذه المناسبة الأليمة مناقب الفقيد المثالية وتاريخه النضالي المجيد في الإبداع والحياة، والقيم التي ما فتئ ينتصر لها سواء في ممارسته المسرحية والثقافية أو في نضاله الاجتماعي والسياسي، وهما مساران حافلان بالعطاء والتضحية ونكران الذات..
لقد كان الفقيد أول مبادر لترسيخ الفعل المسرحي المنظم والمؤسس بجهة سوس عموما وإقليم أكادير الكبير على وجه الخصوص.. بإقباله الشجاع والجريء، في ظروف صعبة، على تأسيس جمعية أنوار سوس للثقافة والفن بأكادير سنة 1969 التي قادها بحنكة وكفاءة عالية، وأشرف على كل منجزها المسرحي والفني كمخرج مقتدر، وكمعلم ومربي محنك، وضخ في شرايينها ممارسة مسرحية جادة وملتزمة، وربى على امتداد أزيد من أربعة عقود أجيالا مسرحية انبثقت من رحم أنوار سوس وارتوت كلها من معين المعلم عبد القادر عبابو الفياض الذي لا ينضب.. وعمل باستماتة وصمود وثبات على أن يرسي لأنوار سوس موطأ قدم في طليعة حركة مسرح الهواة ببلادنا إبداعا وتنظيما ونقدا وتنظيرا.. ومن خلال ذلك قاد الاتحاد الإقليمي لمسرح الهواة وملتقاه المسرحي الشهير لمدة 14 دورة، إلى أن قادته التجربة لينعطف بالجمعية إلى معارج الاحتراف والمهنية لتتحول إلى “فرقة مسرح أنوار سوس” بنفس احترافي مؤسساتي وحداثي ولكن دون التفريط في روح الهواية المتشبعة بقيم البذل والعطاء والبحث والتجريب..
ونستحضر أيضا، بهذه المناسبة الأليمة، الآثار والمنجزات المسرحية والإبداعية التي خلفها الراحل، والتي ستظل عنوانا كبيرا لتجربة مسرحية وثقافية وطنية وإنسانية ناجحة بشهادة المهتمين والنقاد.. منها الأعمال المسرحية الرائدة التي كتبها أو أخرجها وأشرف على إنجازها، وأهمها: “الشيخ بوعمامة الخرساني”، “أيت الكل”، “السنابل”، “ثورة الزنج”، “القرى تصعد إلى القمر”، “الجندي والمثال”، “المهمة.. ذكريات عن ثورة”، “باب أربعة” التي توج فيها الراحل بجائزة أحسن إخراج بالمهرجان الوطني لمسرح الهواة (دورة طنجة 1990)، “الجاحظ وتابعه الهيثم”، “رحلة السيد عيشور”، “أونامير”….
ومن الأعمال الأدبية المطبوعة ضمن منشورات أنوار سوس، نذكر “أخضر أخضر.. هذا الأحمر” ديوان شعر، “حمامة القرن” نص مسرحي، “الكبل” مسرحية غنائية، “الإخراج الجدلي والمسرح الثالث / سلطة الحركة، سلطة الجدل” دراسة نظرية…
وفرقة مسرح أنوار سوس إذ تودع فقيدها وفقيد المسرح المغربي، تعاهد معلمها الأول على مواصلة الدرب على ذات الخطى والقيم التي أرساها وكرس حياته لها، وستستمر في حمل مشعل الالتزام في المسرح والحياة كما حمله الفقيد على كاهله وأنار به طريق الأجيال…
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جنانه وألهمنا جميعا جميل الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون