في إطار تكريم مهرجان مراكش السينمائي الدولي لشخصيات سينمائية عالمية ، أكد روبرت ريدفورد، المخرج والمنتج والممثل الأمريكي، حضوره إلى مراكش لاستلام النجمة الذهبية للمهرجان تقديراً لمسيرته المتميزة. اليوم يكشف المهرجان عن معالم جديدة من نسخته الثامنة عشرة من خلال الاحتفال بثلاث شخصيات كبيرة أخرى لها خلفيات وإنجازات مختلفة واستثنائية. وسيتشرف المهرجان بالترحيب بواحد من أعظم المخرجين الفرنسيين، برتراند تافيرنييه، الذي أثر بشكل كبير في عشاق السينما بفرنسا. يشيد المهرجان أيضًا بشخصية بارعة في السينما المغربية، الممثلة منى فتو، التي قادت على مدار ثلاثة عقود تقريبًا حياة مهنية ناجحة. أخيرًا ، ستكون مراكش على موعد مع تكريم الممثلة الهندية بريانكا شوبرا لأول مرة منذ إنشاء المهرجان في الفضاء الأسطوري جامع الفنا وسط جمهورها.
طوال حياته المهنية الاستثنائية، كان لروبرت ريدفورد تأثير عميق على السينما المعاصرة، إذ سرعان ما أصبح أحد الشخصيات الرئيسية والفاعلة على الصعيد الدولي. تشمل أفلامه المثيرة للإعجاب كلاسيكيات السينما العالمية والنجاح الذي لا ينضب. كما يعتبر ريدفورد ممثلاً ملتزماً، وهو مدافع قوي عن البيئة وصناعة الأفلام المستقلة، حيث أسس معهد ساندانس في 1981.
وقال ريدفورد في تصريح رسمي : “أشـعر بفخـر كبيـر وأنـا أتلقى الدعوة للحضور إلى مراكـش، إنها فرصة للقاء بالمؤلفيـن والفنانيـن الذين سيتقاسـمون فيمـا بينهم آراءهم ووجهات نظرهم الخاصـة. شـكرا للمهرجـان الدولي للفيلم بمراكـش على دعوته الكريمة”.
بتكريمه لـ”برتراند تافرنيي”، يكرم المهرجان مسيرة وحياة استثنائية منذورة للإبداع والسينما. فقد صادف “تافرنيي”، وهو شاب غض، طريق السينما، ومشى فيه بكل شغف وعمق. ولم يوقع الرجل، وهو مخرج ومؤلف ومنتج، فقط بعض الأعمال الرئيسية في السينما الفرنسية المعاصرة (مثل “القاضي والقاتل”، “حوالي منتصف الليل”، أو “الطُعم”)، ولكنه كذلك محب كبير للسينما، وأصدر العديد من المؤلفات المرجعية حول الفن السابع، فضلا عن كونه رئيسا لـ “معهد لوميير” الرفيع في “ليون”.
عن هذه المشاركة، يقول تافرنيي : “تركت مراكش في نفسي ذكريات لا تنسى. والعودة إليها مصدر سعادة لا غنى عنها.. العودة ومشاهدة البلاد، وعرض أفلامي والانخراط في حوار مع الجمهور، والنقاش مع الطلبة.. ولقاء المخرجين والمؤلفين المغاربة، نساء ورجالا.. الاستماع إليهم.. ومشاطرتهم التجارب.. والاغتناء من كل هذا”.
وستتميز الدورة 18 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش كذلك بتكريم الممثلة المغربية “منى فتو”، التي تعتبر إيقونة حقيقية على شاشة المملكة، إذ بصمت السينما المغربية بسحرها وتلقائيتها وموهبتها طيلة حوالي 30 سنة. فمنذ أول دور رئيسي لها في شريط “حب في الدار البيضاء” عام 1991، واصلت ظهورها المميز في السينما والتلفزة، مؤدية أدوارا صارت راسخة في الذاكرة الجماعية المغربية، ومنتقلة بأناقة وسلاسة بين الأفلام الكوميدية الشعبية والأعمال الدرامية الملتزمة.
وقالت “منى فتو” في تصريح رسمي: “بيني وبين المهرجان الدولي للفيلم بمراكش قصة حب طويلة… وأحتفظ منه بذكرى رائعة لما كنت مقدمة الحفل في دورة 2006. وهذه السنة، تغمرني مشاعر جياشة لأنني سأحظى بالتكريم في هذا المهرجان المرموق. يا له من شرف أن يتم تكريمي وسط زملائي المغاربة والأجانب ! والحق أن فخري لا يعادله سوى تلهفي للقائكم هناك”.
ولن تكون “بريانكا شوبرا ” جوناس » غريبة في مراكش، لأن جمهور المدينة الحمراء يُكِنُّ إعجابا كبيرا للسينما الهندية التي تُعد من أكبر نجومه المشهورين عالميا، إذ هناك الكثير من محبي السينما “المصنوعة في الهند” بالمغرب وبمراكش على الخصوص. فخلال عرض الأفلام الهندية بساحة جامع الفنا – حيث توضع شاشة عملاقة طيلة أيام المهرجان- تشرع الحشود الحاضرة في ترديد الأغاني والعروض الراقصة لهذه السينما الشعبية الساحرة. ولهذا قرر منظمو التظاهرة تكريمها بهذه الساحة الأسطورية، وسط جمهورها العريض.
وتضع “بريانكا شوبرا جوناس “، جوناس التي أدرجتها مجلة “تايم” على قائمة الشخصيات الأكثر تأثيرا في العالم، شهرتها في خدمة القضايا الكبرى من خلال “مؤسسة بريانكا شوبرا للصحة والتعليم”.
“أنا سعيدة بالعودة إلى مراكش بعدما سبق لي المشاركة في المهرجان عام 2012 بمناسبة تكريم السينما الهندية، تقول شوبرا مضيفة : إنه لشرف كبير لي أن أحظى هذه السنة بالتكريم وسط الجمهور المغربي بساحة جامع الفنا.. وهو الجمهور الذي كان دائما يدعمني ويهتم بي طيلة مسيرتي”.
بيوغرافيات
روبيرت ريدفورد
مخرج/ منتج/ ممثل (الولايات المتحدة)
كان ريدفورد على الدوام، مقاولا متبصرا وفنانا متكاملا ومبدعا استثنائيا، ولذلك حظي كل واحد من أعماله بالنجاح، كمخرج ومنتج وممثل، وحتى كمؤسس لمعهد “ساندانس” ومهرجان “ساندانس”، أول مهرجان للسينما المستقلة في العالم.
يعد روبيرت ريدفورد، الذي يدافع بدون هوادة عن التعبير الإبداعي الحر، رجلا ملتزما سياسيا، ومدافعا شرسا عن البيئة والمسؤولية الاجتماعية.
وكان روبيرت ريدفورد قد بلغ مصاف الشهرة لأول مرة كممثل. وقد انتزع أول دور مهم في مسيرته على خشبة “برودوي” في “يوم أحد بنيويورك”، ثم “القمر الصغير بألبان” و”حافي القدمين في الحديقة لـ”نيل سيمون”، وإخراج “مايك نيكولس”. أما خطوات الأولى في السينما فكانت في “المطاردة” ثم تقمص من جديد دور “بول براتر” في النسخة السينمائية لـ”حافي القدمين في الحديقة”، الذي جلب له مديح النقد والجمهور على حد سواء.
وفي 1969 اشتغل روبيرت ريدفورد إلى جانب “بول نيومان” في فيلم “بوتش كاسيدي وساندانس كيد”، الذي أخرجه “جورج روي هيل”. وتحول الشريط فورا إلى أحد كلاسيكيات السينما، وجعل من ريدفورد وجها لامعا في صناعة الأفلام الهوليوودية. وعاد ليشتغل مجددا مع كل من “بول نيومان” و”جورج وري هيل” في “اللدغة” الذي حاز 7 أوسكارات، من بينها أوسكار أفضل فيلم، ومكن ريدفورد من الترشح إلى جائزة أفضل ممثل.
منذ ذلك الحين، تمكن من بناء مسيرة رائعة كممثل، مشاركا في أفلام مميزة للمخرجين: “سيدني بولاك” (سبعة أعمال في المجموع)، “أرثر بين”، “ألان جي باكولا”، “ريتشارد أثينبورو”، “باري ليفينسون”، وأخرين…
وسنلتقي ريدفورد في “جيرميا جونسون”، “أفضل سنواتنا”، “غاتسبي العظيم”، “ثلاثة أيام من كوندور”، “فلفل الكبير والدو”، “بروبيكر”، “جسر بعيد جدا”، “الطبيعي”، “الخروج من إفريقيا”، “قضية تشلسي ديردون”، الخبراء”، “اقتراح غير لائق”، “لقطة قريبة وشخصية”، “لعبة تجسس”، “القلعة الأخيرة”، “المقاصة”، “حياة غير مكتملة”، “ضاع كل شيء”، “نزهة في الغابة”، “حقيقة”، “تنين بيتر”، “الاكتشاف”، “أرواحنا بالليل”، “الرجل العجوز والبندقية”.
كما ظهر ريدفورد في العديد من الأفلام التي أنتجتها شركته “Wildwood Enterprises”، من بينها “انحدار المتسابق”، “المرشح”، “الفارس الكهربائي”، “كل رجال الرئيس” الذي تم ترشيحه للحصول على سبع أوسكارات، من بينها جائزة أفضل فيلم.
من جانب أخر، لا تقل مسيرة ريدفورد كمخرج، نجاحا وإثارة. إذ حصل أول فيلم يخرجه، وهو “أناس عاديون”، على جائزة أمريكا للمخرجين، والغولدن غلوب، وأوسكار أفضل إخراج.
بعد ذلك، أنتج وأخرج شريط “ميلاغرو”، ثم “نهر يجري عبرها”، الذي تم تشريحه لجائزة أفضل مخرج في الغولدن غلوب ولجائزتي أوسكار (أفضل فيلم وأفضل مخرج)، كما تم ترشيحه للفوز بجائزة أفضل إخراج في الغولدن غلوب عن “كويز شو”، وللظفر بجائزتين عن “الرجل الذي يهمس في أذن الحصان” (أفضل فيلم وأفضل مخرج). ويوجد ضمن قائمة أفلامه كمخرج ومنتج: “أسطورة باغر فانس”، “أسود وحملان”، “المؤامرة”، و”الرفقة الدائمة”.
وحصل روبيرت ريدفورد على جائزة “غيلد” على مساره الفني كممثل، وعلى أوسكار شرفي، والجائزة الشرفية لمركز كينيدي؛ وسيزار شرفي، فضلا عن ميدالية جوقة الشرف، أعلى وسام في فرنسا.
وبما أنه ملتزم بتطوير السينما المستقلة، فإنه يخصص جزء مهما من حياته لمعهد “ساندانس” الذي أسس في 1981. وأهدافه هي: دعم ومواكبة كتاب السيناريو الصاعدين ومخرجي المستقبل، وتشجيع السينما المستقلة الجديدة على الصعيد الوطني والدولي.
كذلك، يعد روبيرت ريدفورد، من المدافعين الشرسين عن البيئة، فهو ناشط معروف منذ بداية السبعينيات. وكان عضوا لما يقرب 30 عاما في “مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية”. وقد تم تكريمه، في 2019، في الحفل الثالث لمونتي كارلو حول المحيطات التي تقيمه مؤسسة ألبير الثاني، أمير موناكو. وكان قد حصل في 2016، على الميدالية الرئاسية من يدي الرئيس الأمريكي بارك أوباما، وذلك تكريما له على مجموع إنجازاته.
بريانكا شوبرا جوناس
ممثلة/ ناشطة (الهند)
تعتبر “بريانكا شوبرا جوناس”، المتعددة المواهب، من بين الشخصيات الأكثر شهرة في العالم. وبينما كانت نجمة سينمائية وتلفزية في الهند، بلدها الأصل، دشنت “شوبرا” بدايتها بالولايات المتحدة في السلسلة الناجحة “كوانتيكو” التي كانت تُعرَض على شبكة “ABC”، وأدت فيها دور “أليكس باريش”، لتدخل التاريخ بكونها أول ممثلة هندية تتقمص الدور الرئيسي في سلسلة درامية بالتلفزة الأمريكية. وعرضت “كوانتيكو” طيلة ثلاثة مواسم، وتم توزيعها اليوم في 212 منطقة من العالم (دون احتساب الولايات المتحدة وكندا) بـ54 لغة. كما دخلت “شوبرا” التاريخ من جديد في يناير 2016، لأنها أول ممثلة هندية تحصل على جائزة “People’s Choice” التي تمنح للممثلة المفضلة في سلسلة تلفزية، وذلك مكافأة لها على دورها في “كوانتيكو”. وتكرر الأمر في 2017، بنيلها لجائزة “الممثلة المفضلة” في سلسلة تلفزية درامية. أما في أبريل 2016، فكانت على غلاف “تايم 100″، وهو العدد الذي تخصصه المجلة الشهيرة لـ”الشخصيات الأكثر تأثيرا” في العالم، وحظيت بمكان على قائمة فوربس للنساء الأكثر قوة في 2018.
خطت “بريانكا شوبرا” خطواتها الأولى في صناعة الفرجة وعمرها 17 عاما، لما فازت بمسابقة ملكة جمال الهند، وفي العام الموالي، حصدت لقب ملكة جمال العالم، وهو اللقب الذي كان وراء شهرتها في العالم.
وبما أن لها أكثر من 100 مليون متابع على الشبكة الاجتماعية، فقد وضعت “شوبرا” شهرتها هذه في خدمة القضايا الكبرى. فهي سفيرة النوايا الحسنة للأمم المتحدة بالهند منذ 12 عاما. كما أنها بطلة برنامج “Girl Up” الذي تشرف عليه مؤسسة الأمم المتحدة، وتشارك في الجهود الرامية إلى حماية حقوق الطفل وتشجيع تعليم الفتيات في الهند، وتُشْرك معها في نشاطاتها منظمتها الإحسانية، “مؤسسة بريانكا شوبرا للصحة والتعليم”. وفضلا عن كل هذه الالتزامات، تتعهد النجمة الهندية بالعمل على محاربة الإقصاء وتشجيع التنوع، وتؤمن بقوة بضرورة المشاركة في إرساء أسس عالم اندماجي يحتفي بالتنوع.
طيلة مسيرتها التي انطلقت قبل 20 عاما، نذرت “شوبرا” نفسها للنضال من أجل الإدماج والتنوع، وهما موضوعان عزيزان على قلبها. وهي متزوجة من الموسيقي والممثل “نيك جوناس”، ويوزع الاثنان وقتهما بين نيويورك ولوس أنجلوس وبومباي.
منى فتو
ممثلة (المغرب)
أظهرت “منى فتو”، المزدادة في الرباط، شغفا واهتماما كبيرا بفنون الخشبة منذ نعومة أظافرها. وكانت دائما تشارك في الفرق المسرحية المدرسية، منذ الابتدائي إلى الثانوي. وهذا مكنها من اكتساب تجربة متينة في المسرح المدرسي ومسرح الهواة.
فيما بعد، التحقت بمحترف الفن الدرامي لمسرح محمد الخامس بالرباط، قبل أن تنضم إلى “Actors studio” لـ”جاك والتزر” بباريس.
وانطلقت مسيرتها السينمائية مع “حب في الدار البيضاء” في 1991، الذي وقفت فيه أمام كاميرا المخرج “عبد القادر لقطع”، إلى جانب “أحمد الناجي”. ويتناول الفيلم، الذي كان متقدما على زمانه، الطابوهات المرتبطة بالجسد والحب. وأسال هذا الشريط، الذي حظى بترحيب النقاد، الكثير من المداد.
فرضت “منى فتو” سريعا نفسها كواحدة من الممثلات الرئيسيات في السينما المغربية. وصارت مطلوبة جدا وصورت مع أشهر المخرجين. هكذا، في “البحث عن زوج امرأتي” لـ”محمد عبد الرحمان التازي”، تقاسمت البطولة مع الإيقونتين “أمينة رشيد” و”نعيمة لمشرقي”، وجسدت دور الزوجة الثالثة للحاج بنموسى (البشيرالسكيرج). ولقي الفيلم، الذي أشاد به النقاد، نجاحا كبيرا في القاعات السينمائية وصارت “منى فتو” بفضله من الوجوه المعروفة في البلاد.
في 1999، أدت الممثلة أحد الأدوار الرئيسية في شريط “نساء.. ونساء” لـ”سعد الشرايبي”، وهو من بين أشهر الأفلام في السينما المغربية لنهاية التسعينيات، والذي يتناول مصير مجموعة من الصديقات اللواتي وجدن أنفسهن فريسة لتقلبات الحياة. وقد رحب النقاد بأداء “منى فتو”، بينما كان هذا العمل واحد الأشرطة الأكثر نجاحا في القاعات خلال ذلك العام.
ثم تألقت بعد ذلك في مجموعة من الأفلام الشعبية والمتنوعة مثل “جوهرة”، “امرأتان على الطريق”، “جوق العميين” وغيرها. كذلك كانت مسيرتها في التلفزة غنية من خلال عدد من الأشرطة التلفزية، والسلسلات والمسلسلات الناجحة.
والحق أن كل الأدوار التي تتقمصها كانت تلفت انتباه الجمهور ولجن التحكيم الوطنية والدولية التي منحتها العديد من الجوائز.
وظهرت “منى فتو” مؤخرا في شريط “الرحيل” لـ”غاييل موريل”، إلى جانب “ساندرين بونير”، والذي قدم في عرضه العالمي الأول بمهرجان “تورنتو” عام 2017. كما شاركت في “وليلي” لـ”فوزي بنسعيد” الذي كان عرضه العالمي الأول في مهرجان “البندقية” عام 2017، وظفر بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة 2018.
برتراند تافرنيي
مخرج/ مؤلف/ منتج (فرنسا)
ولد “برتراند تافرنيي” في 25 أبريل 1941 في “ليون”، وبعد أن أمضى طفولته في هذه المدينة، انتقل والداه للاستقرار في “باريس”، التي لم يغادرها أبدا وإن ظل مرتبطا بـ”ليون”. وعاش في الخارج خلال تصويره لأفلامه (غلاسغو في استكلاندا التي يحب، السينغال، الكامبودج، ولاية لويزيانا بأمريكا.. إلخ)، ويحب السفر، خاصة إلى اليونان.
هو ابن الشاعر والكاتب “روني تافرنيي”، مؤسس “Confluences” المجلة الأدبية للمقاومة الفرنسية إبان الاحتلال الألماني لفرنسا، و”جونفييف دومون”، وكان الشاب برتراند المساعد الرابع للمخرج في شريط “القس ليون موران” لـ”جون بيير ميلفيل”. وبفضل هذا الأخير، صار ملحقا صحافيا لدى شركة “Rome Paris Films” التي أسسها “جورج دو بوروغار” بشراكة مع “كارلو بونتي”. وسيدافع بقوة عن أفلام “جون لوك غودار”، “انييس فاردا”، “كلود شابرول”، “جاك روزيي”، “بيير شوندورفر”، و”روبيرت حسين”. فيما بعد، اشترك بصفته ملحقا صحافيا مستقلا مع “بيير ريسيان”، وأخذا لا يدافعان سوى عن الأفلام التي يحبان: من “كلود صوتي” إلى “جون فورد” مرورا بـ”هاورد هوكس”، “جوزيف لوزي”، “جون رونوار”، “سام بكينباه”، “إيدا لوبينو”، “جون بيير ميلفيل”، “جوزي جيوفاني”، فضلا عن عدد آخر من المخرجين وكتاب السيناريو المسجلين في القائمة السوداء.
كان شريطه الطويل الأول، “ساعة سان بول” (1974)، مستوحى من أعمال “جورج سيمنون”. وقد نال هذا العمل جائزة “لويس دولوك”، والأسد الفضي في مهرجان “برلين”، وجائزة “هوغو” في مهرجان “شيكاغو”، والتقى “تافرنيي” في هذا الفيلم مع “فيليب نواري” الذي سيصبح ممثله المفضل.
وفي شريطه الموالي، “لتنطلق الحفلة” (1975)، اقتحم النوع التاريخي، ومنذ هذا العمل أخذ يتنقل بين هذا النوع وبين أعماله المعاصرة. وسيحصل على “سيزار” أفضل سيناريو وأفضل إخراج في حين نال الممثل “جون روشفور” “سيزار” أفضل ممثل.
اما “القاضي والقاتل” (1976) فمستوحى من حادث واقعي، وأدى “نواري” في هذا الشريط الثالث لـ”تافرنيي”، أولى أدواره كشرير، أما “ميشيل غالابرو” فانتهز فرصة هذا العمل ليستعرض موهبته الكبيرة وانتزع “سيزار” أفضل ممثل.
وواصل “تافرنيي” اشتغاله على القضايا الاجتماعية في “الموت المباشر” (1980)، وهو شريط ينتمي إلى صنف “الخيال العلمي”، ندد فيه بتلفزيون الواقع حتى قبل ظهوره.
ولكونه معجب بالثقافة الأمريكية، قام “تافرنيي” بتحويل الرواية المخيفة للكاتب “جيم طومسون” إلى فيلم تدور أحداثه في إفريقيا إبان المرحلة الاستعمارية، وهو “ضربة فوطة”، وأخرج بعده “حوالي منتصف الليل”، وهو إعلان صريح بحبه للجاز.
وأثار البناء التاريخي لـ”بياتريس الشغف”، وهو إطلالة على حرب المائة عام، إعجاب الكثير من المؤرخين والنقاد والجمهور العريض. ولكن انطلاقا من هذه الفترة سيستدعي هذا المخرج النزاعات القريبة منا تاريخيا: الحرب العالمية الأولى في “الحياة ولا شيء غيرها” (1989) و”الكابتن كونان” (1996)، النزاع الجزائري في الشريط الوثائقي “حرب بلا اسم” والاحتلال الألماني في “جواز المرور” (2003)، وهذا العمل الأخير يعتبر كذلك تأملا في مهنة المخرج.
ثم هناك في فيلموغرافيا “تافرنيي” عملان حميميان ووديعان حول العلاقات الأسرية: “يوم أحد في البادية”، الذي ظفر بجائزة الإخراج في مهرجان “كان” 1984، و”حنين دادي” (1990).
وفي عقد التسعينيات واصل “برتراند تافرنيي” استكشاف القضايا الاجتماعية، ووصف بكل واقعية في “L 627” العمل اليومي لفريق من رجال الامن يحاربون تجارة المخدرات. بينما يشيد شريط “نبدأ اليوم” بالمعركة التي يخضوها معلمون في مدرسة بشمال فرنسا. وفي 1995 ظفر بالأسد الذهبي في مهرجان “برلين” بفضل فيلمه “الطُعم” الذي يتناول فيه انحرافات شباب قساة مصابين بخيبة الأمل، ومنبهرين بالأفق الأمريكي.
و”تافرنيي” منخرط بقوة في الدفاع عن حقوق الفنان، وترأس مرتين “جمعية المخرجين الفرنسيين” وكان نائب رئيس “جمعية المؤلفين والملحنين الدراميين”، ويناضل منذ زمن طويل للحفاظ على حقوق التأليف، وحقوق المخرجين في أن يكونوا لوحدهم أصحاب التصرف أعمالهم. كما لا يتردد في الدفاع عن قضايا أخرى كما يشهد على ذلك الشريط الوثائقي “قصة حيوات منكسرة” الذي وقعه مع ابنه “نيل” والذي ساهم في إلغاء قانون “العقاب المزدوج” الذي كان يسمح بطرد المهاجرين المحكوم عليهم في فرنسا. أما “Holy Lola”(2004) الذي أنجزه بالتعاون مع ابنته “تيفاني”، فيغوص في عالم التبني في الكامبودج، مع بورترريه لزوجين معاصرين. في حين تدور أحداث “في الضباب الكهربائي”، وهو مستوحى من قصة بوليسية لـ”جيمس لي بورك”، في الولايات المتحدة وبالضبط في ولاية “لويزيانا” التي دمرها إعصار “كاترينا”، واعتمد على الممثل الأمريكي “طومي لي جونس”(الجائزة الكبرى في المهرجان الدولي للفيلم البوليسي لمدينة “بوم”).
ويتضمن عمله التالي، “أميرة موبونسيي”، حبكة تدور حول الحب والسلطة في فرنسا القرن 16، ويجمع الشريط، الذي اختير للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان “كان”، كل من “ميلاني تييري”، “لامبير ويلسون”، “غاسبار أولييل” و”رافايل بيرسوناز”. اما فيلمه الموالي، “رصيف أورسي” (2013) فهو كوميديا سياسية مع “تييري ليرميت”، “نيل أريستراب”، “رافايل بيرسوناز” و”أنييس ديموليي”، وحاز العمل على جائزة السيناريو في مهرجان “سان سيباستيان”. وفي 2016 وقع “برتراند تافرنيي” الشريط الوثائقي “سفر عبر السينما الفرنسية” حيث استعرض الأعمال السينمائية التي يعتبرها الأفضل (من “بيكر” إلى “رونوار”، من “ميلفيل” إلى “صوتي”)، وكل هذا مؤثث بالقفشات المسلية والأسرار المثيرة.
في 2004، منحته “مؤسسة الفيلم” (Film Foundation) جائزة “جون هوستون” مكافأة له على نضاله من أجل حقوق الفنان.
لـ”برتراند تافريين” ولد وبنت: “نيل” و”تيفاني”.
تزوج من “سارة تيبو” في 2005
بصفته رئيسا لمعهد “لوميير” في ليون، أسس قبل عشر سنوات، رفقة “تييري فريمو”، مهرجان “لوميير”
جائزة “جمعية المؤلفين والملحيين الدراميين”(SACD)
جائزة “جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى”(SACEM).
الأدبية