الرئيسيةأخبارنور الدين الدامون.. رحيل شاعر حمل أسئلة الكون ووهج الترجمة

نور الدين الدامون.. رحيل شاعر حمل أسئلة الكون ووهج الترجمة

الشاعر نور الدين الدامون
فقد المشهد الشعري المغربي، أحد اصواته العميقة والنادرة، برحيل الشاعر والمترجم نور الدين الدامون، الذي غادرنا تاركا خلفه إرثا شعريا نابضا بالحياة، وبصمة لا تُمحى في نسيج الحداثة الأدبية. كان الفقيد نور الدين الدامون المنتمي إلى تربة القصر الكبير شاعرا رفيعا، و كائنا مسكونا بأسئلة الكون، متجولا بين عوالم المعنى، منقّبا عن أسرار اللغة في تخومها القصية. منذ ديوانه الأول “الوقوف بين الأسماء”، ثم “يشرقون موتا”، وصولا إلى “كم الساعة في الكون؟” و”صبحنا خطوة بين خوفين”، ظل صوته الشعري متفرّدا، يحمل شغف البحث، ويجسّد رؤية شاعر لا يهادن اللغة، ينحتها لتضيء زوايا الوجود. كانت رحلته الإبداعية مرتبطة بعوالم الشعر في أفقه الإنساني، وبالترجمة التي خاض مغامرتها بشغف العاشق، باحثا عن صوت آخر يجاور صوته، فكان من أوائل من مدّوا جسور التلاقح بين الشعر المغربي والإسباني، عبر أعماله الرائدة، وعلى رأسها ترجمته لـ”الواقع والرغبة”، لأحد أبرز أعمال لويس سيرنودا، شاعر جيل ما قبل الحرب الأهلية الإسبانية. كما ساهم في نقل روح الشعر الفرنسي إلى العربية، عبر أنطولوجياته القيمة، مثل أنطولوجيا الشعر الفرنسي للقرن العشرين. بقي الدامون وفيا لمسيرته، شاعرا ومترجما، قارئا نهما للأدب الكوني، ومسكونا بهاجس الأسئلة. وقد حظي بتكريم يليق بمقامه الإبداعي من قبل رابطة الإبداع الثقافي بالقصر الكبير، تقديرا لإسهاماته في تجديد القصيدة العربية وإثراء الترجمة الأدبية. برحيله، يفقد الشعر المغربي أحد وجوهه البارزة، لكنه يظل حاضرا بيننا، في لغته المتوهجة، في أصوات الذين قرأوه وتأثروا به، وفي أفقه الذي لم يتوقف عن السؤال.
رحم الله الشاعر نور الدين الدامون، وأسكنه فسيح جناته، وألهم محبيه وذويه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.
د. عبد السلام دخان 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *