يعد الأدب أحد أهم وسائل التعبير الإنساني، إذ من خلاله يتمكن المبدع أن يعبر عما يشعر به من فرح أو ترح، ومن سعادة أو آلم، ومن ثقة أو خوف، وقد يعبر عن كل هذا حسب أحوال أبنائه التي تمر بهم من حين لآخر.
والتعبير الأدبي – في واقع الأمر – يتخذ صورا وأو ضاعا شتى، وذلك حسب حرفة المبدع وكفاءته التي يجيد صناعتها دون غيرها؛ أي أن المبدع / الأديب قد يعبر عما يجيش في نفسه وعقله وروحه بالشعر، أو بالقصة، أو بالمسرح، أو بالسيناريو السينمائي، فأشكال التعبير الأدبي تتغير من أديب إلى آخر، ومن زمن محافظ إلى زمن حداثي، ومن مكان ساكن إلى مكان نشِطٍ ومتحرك.
لكن في كل الظروف والتحولات الزمكانية تبقى للأدب القدرة الكبيرة على أن يصنع الحياة بمباهجها وألوانها الزاهية، كما له القدرة الموازية على صناعة موت الشهادة بكل معاني الشموخ والعزة والحياة الأخرى.
إن موت الشهادة يعادل الحياة في الدين الصحيح والأدب المقاوم، والأديب الحر سواء كان شاعرا أو روائيا أو مسرحيا هو الذي يجعل إبداعه ساميا بكلماته النافذة، وجمله الجميلة، وعباراته الساحرة، ولغته السهلة السلسة، وأفكاره المبدعة المعبرة.
غير أن الأدب الذي لا يتفاعل مع واقع أمته، ولا يتأثر إيجابا أو سلبا مع ما يمور به مجتمعه من أحداث كبيرة أو صغيرة، لا يمكنه أن يكون أدبا حقيقيا، ولا يستطيع – مهما اجتهد وحاول وجاهد – أن يؤرخ بجماليته ومقوماته الفنية لحياة الناس الاجتماعية والسياسية والحضارية؛ لذلك فإن مثل هذا الأدب لا يستحق أن يعيش وأن يُخلَّد وأن تعرفه الأجيال اللاحقة وتطّلِع عليه.
ومن ثَمَّ، فإن أمتنا ماتزال تواجه العدو اليهودي منذ أن مكنته قوى الاستكبار الإمبريالي العالمي من اغتصاب أرض فلسطين واحتلال مدنها وقراها وتشريد أبنائها وتقتيلهم. وقد استمرت هذه المواجهة مع العدو أكثر من 76 سنة، كان فيها الأدب بمختلف أجناسه دون المستوى من حيث قيادة الأمة إلى النهوض والبطولة والنصر !!! لقد كان الأدب: شعرا ونثرا، خجولا في طرح النصوص المبدعة القادرة على صناعة الحياة المقاومة للعدو اليهودي، ومُدْبِرا عن صناعة موت الشهادة التي تمنح للأجيال حياة السلام والحرية والكرامة.
ولولا أدباء فلسطين ولبنان ومبدعيهما الأحرار لافتقرنا في وطننا العربي والإسلامي، اليوم، إلى شعر مقاتِل، وإلى قصة مجاهِدة، وإلى مسرح مقاوِم، وإلى رواية تحفظ الذاكرة وتصونها من عبث الخائنين والمطبعين وتجار السياسة ورموز الاستسلام والانبطاح، وتحرض على الحياة بوجهيها: حياة الدنيا وحياة الآخرة التي تولد من رحم الشهادة في سبيل الله والأرض والدين.
نعم؛ نحن لا ننكر أن هناك نصوصا إبداعية عربية وإسلامية جيدة وجميلة ورائعة تناهض الظلم والظالمين من أعداء الأمة، إلا أنها قليلة، بل ويسرع الزمن في طيها ونسيانها.
إن الإبادة الجماعية التي يقودها اليهود بغزة وجنوب لبنان ويشارك فيها الصليبيون بسلاحهم وطائراتهم وسفنهم الحربية، وتتم تحت الأنظار الكريمة والرعاية الفائقة لبعض الخونة من العرب والمسلمين، تستدعي من الشعراء والقصاصين والروائيين وغيرهم من أدبائنا: كتابا وشعراء، أن يكثفوا من إبداعهم الحي، ليس من أجل إنتاج روائع النصوص الأدبية فحسب، ولا بهدف التغني بالمقاومة الفلسطينية واللبنانية وبسالتها فقط، وإنما من أجل أن يكون أدبهم قطعة سلاح حقيقي يفتك بالعدو وينهش عظمه، ويصنع السلام والحرية بأرضنا، ويحمي الإنسانية جمعاء من جنون الحرب اليهودية وقذارتها.
طنجة الأدبية