الرئيسيةأعمدةإطلالات: انطلاقة مول الحوت تحت شعار لا للوسيط في طريق البسيط

إطلالات: انطلاقة مول الحوت تحت شعار لا للوسيط في طريق البسيط

الدكتورة نزهة الماموني

لقد أصبح المغرب بحاجة ماسة الى انطلاقة شابة تنوب عن معظم السياسيين الذين شغلتهم مراكمة ثرواتهم عن الانتباه لمعاناة الشعب المغربي ،الذي طال انينه تحت وطأة ارتفاع الأسعار الصاروخي ، والذي قتل قدرته الشرائية ؛وجعل الكل يتساءل أين خيرات المغرب ؟؟؟

وسط هذه التساؤلات وهذه الحيرة برز في الآونة الأخيرة، الشاب المراكشي عبد الإله، المعروف بـ”مول الحوت”، كرمز لمكافحة ارتفاع أسعار الأسماك في المغرب. انطلق هذا الشاب بحماس دم المقاومين المغاربة الذين سالت دماؤهم على أرض هذا الوطن ليحققوا له السلم والأمان وحفظ ماء الوجه بالعزة . تحرك بحب الوطن وأهله وإخوانه المغاربة .تحرك امتثالا للتعليمات السامية التي لم تدع مجالا للون الرمادي في المواقف ،إما أن تكون مواطنا أو خائنا . ما أجمل أن تسمع شابا في مقتبل العمر يتحرك امتثالا لتعليمات ملك البلاد لمحاربة الفساد ،من خلال بيعه السردين بأسعار منخفضة تصل إلى 5 دراهم للكيلوغرام، سعى عبد الإله إلى تقديم بديل للمواطنين ذوي الدخل المحدود، مما أثار جدلاً واسعاً حول دور الوسطاء والمضاربين في ارتفاع الأسعار.

عبد الإله، شاب فتي لم يستسلم كمعظم شباب المغرب الذي سيطر عليه اليأس ،ووجد في المخدرات ضالته ،أو ارتمى الى عالم الأنترنيت ليحلم بان يكون واحدا من نجومه بعد أن سوق من يهمهم الالهاء لفكرة ابطال سوشل ميديا .عبد الاله الذي يدير محلاً  للسمك في حي المسيرة بمراكش، نجح في كسب تعاطف المواطنين وحتى بعض السياسيين، حيث اعتبره البعض نموذجاً للتجارة النزيهة ومثالاً على الوعي المجتمعي بضرورة محاربة الاحتكار. ومع ذلك، واجه عبد الإله انتقادات من بعض المهنيين ، وغيرهم من العناصر السلبية بمجتمعنا والذين يتقنون فن تكسير المقاذف . حيث شككوا في جودة أسماكه وطرق حصوله عليها، مشيرين إلى عدم التزامه بالقوانين المعمول بها داخل الأسواق الرسمية .وادعوا مبررات كثيرة لأن دماغهم الذي تبرمج على الفساد والاستسلام للطاغية ،لم يستوعب أن هناك شابا مغربيأ فتيا تحرك بحب الوطن وحب اخوانه أكثر من حب المال والجشع .وهذا ان دل على شيء فهو يؤكد ما أشرنا اليه في الجزء الأول بمقالتنا حول اغتصاب الكرامة ،الذي ينتهي بصاحبه الى تقبل كل شيء إلا ما يعيد اليه ماء وجهه .

عندما نتأمل في المراحل التي مر بها هذا الشاب المغربي، نطمئن أن شبابنا مازال بخير والحمد لله ، رغم كل المحاولات لقتل ما يتميز به الشباب وإحياء ما يصلح لاستغلاله فقط في الدعايات الكاذبة . وصدق من قال مغرب سبعة رجال . ستظل رجالاته  تضخ دماءها النقية في أجيال المغرب ،فيتركون فرصة للحيتان كي تتغول ليأتوها من حيث أمرهم الله وحب الوطن والملك . تجربة “مول الحوت” وضعت السياسيين تحت المجهر ،وسلطت الضوء على التحديات التي يواجهها المستهلك المغربي بسبب ارتفاع الأسعار، بل وقدمت الجواب الذي لم يقدمه السياسيون للشعب المغربي وظلوا يتحججون بالغلاء العالمي وبكذا وكذا …ولم يستطيعوا أن يضعوا أصبعهم على مكان ألم المواطن …هل كانوا عاجزين أم متواطئين لغاية في نفس يعقوب؟؟؟

جاءت مبادرة عبد الاله مول الحوت لتفتح النقاش حول دور الحكومة في مراقبة الأسواق وحماية المستهلكين من جشع الوسطاء والمضاربين. ما جعل الشعب المغربي الذي اثقل كاهله بغلاء المعيشة يتطلع بأمل الى عبد الاله آخر في سوق الخضر ،وسوق اللحم ،وسوق المواد الغذائية ووووو

وهكذا نستطيع القول ان دماء المقاومين التي سالت على ارض المغرب لتحقق العيش الكريم لأبناء الوطن ستظل تحارب المستعمر الفاسد كان مباشرا أم غير مباشر .

 الدكتورة نزهة الماموني

تعليقان

  1. عبد الإله استطاع ان يصبح رمزًا لمواجهة الاحتكار والجشع، في وقت أن المسؤولون لا يقومون بدورهم في حماية المستهلكين من المضاربة.

    المقال لا يثير قضية غلاء الاسعار فقط بل هو أعمق من ذلك، فهو يتعلق بدور الشباب في تغيير الواقع، وبمدى إمكانية أن تكون المبادرات الفردية بديلاً عن السياسات الحكومية الغائبة أو غير الفعالة. السؤال المطروح: هل مثل هذه المبادرات يمكن أن تُحدث تغييرًا دائمًا، أم أنها مجرد ردود فعل مؤقتة على أزمات مستمرة؟

  2. فدوى

    نستطيع القول ان عبد الإله حرك المجتمع على الأقل واستطاع ان يلفت الانظار إلى الظلم والاحتكار اللذان اصبحا المسيطرين في السوق المغربيه والعربيه عموما للأسف وهذا يضر فقط بالمواطن البسيط وأصحاب الدخل المحدود
    الله يكتر من متاله الشاب ذو الضمير الحي
    عبد الإله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *