الشاب، الذي كان يرى في نفسه فارساً يحارب الغلاء، لم يكن يعلم أن مغامرته الاقتصادية ستتحول إلى قصة بوليسية مشوقة. فبعد انتشار خبره كالنار في الهشيم، وجد نفسه محاطاً برجال السلطة وكأنه زعيم عصابة خطيرة، فتم اعتقاله بتهمة بيع السردين بسعر “مثير للشبهات”، وكأن البيع بثمن منخفض هو جريمة أخطر من المضاربة ورفع الأسعار بشكل غير مبرر!
ولكن لأن القضية كانت أكثر سخونة من مشاوي السردين نفسها، ولأن الرأي العام دخل على الخط، لم يستمر حبسه طويلاً، فتم الإفراج عنه في ظرف قياسي. إلا أن الأمور لم تتوقف هنا، فقد كان التأثير الذي أحدثه على السوق أشبه بهزة زلزالية ضربت المضاربين والوسطاء في الصميم. فجأة، تحركت لجان المراقبة التي كانت في سبات شتوي، لتبدأ حملات التفتيش والمداهمات لمجله البسيط وكأن اكتشاف سر حفظ ثمن بيع السردين يتطلب تحقيقاً جنائياً معقداً.
لكن السلطات لم تكتفِ بذلك، بل أرسلت له رسالة مفادها: “إياك أن تفكر في إعادة إحياء حلمك بتخفيض الأسعار”، فتم إغلاق محله التجاري، ليعود مجدداً إلى دور الضحية، كمواطن تجرأ على كسر قواعد اللعبة الاقتصادية.
وهكذا انتهت القصة بشكل درامي، لتؤكد لنا أن السوق المغربي ليس ساحة للمنافسة الحرة بقدر ما هو مضمار احتكاري، حيث البيع بأقل من السعر “المتفق عليه” قد يكون جريمة يعاقب عليها القانون، بينما رفع الأسعار بشكل فاحش يعدّ مجرد “سُنة تجارية” لا تستحق التدخل.
أما السردين، الذي يواصل السباحة في المحيط المغربي، فيبدو أنه أكثر حرية من المواطن الذي يجرؤ على بيعه بسعر عادل!