الرئيسيةإبداعقصة: لقاء خلف الثرى

قصة: لقاء خلف الثرى

خرج موح من منزل أسرته متسللا، في لحظة الظهيرة حين هجوع غالبية ساكنة الدوار، دون وداع للأهل والأحباب، حيث أراد أن لا يتعقب أثره أحد، بعد أن حزم أسماله على قلتها في صرة، بعد خطوات أجال بنظره على كل زوايا القرية، فجال الدمع في عينيه، تمتم تمتمات في نفسه، قريبة من ألا يستشعر حتى حسيسها، وكأنه لم يحدثها، أو لم تحدثه نفسه بالأحرى، من شدة الغم الذي سيصيبه على فراق أهله وعلى كل الذي أنسه منذ طفولته، هائما، دون وجهة محددة، لما لا؟ لقد أقفرت الأرض من كل ما يوحي بالحياة، الماء على قلته، والعشب قد ولى دون رجعة، وأما ما تبقى من حيوانات فقد سار بها أصحابها رحلا في رحلات مكوكية بحثا عن المراعي، في السهول والبقاع بمناطق أخرى من البلد، وسط الجنوب وغربا، ليضمنوا بقية من العيش والحياة، وقد هاجر أغلب ساكنة الدوار إلى وجهات غير معلومة، منذ أن أصاب البلد جفاف طيلة سنين العقد الرابع من القرن العشرين، تاركين أسرهم تأمل في الآتي من الزمن أن يعود قريب محملا بما يبقيها على قيد الحياة، تسارع أوجاع الزمن الحاضر وآلامه وشظافه الرهيبة، فالطبيعة ازدادت قساوة، والعيش في كنفها أصبح شبه مستحيل، والديار تهجر إلا من عجز ولم يقدر على المغامرة نحو وجهات بربوع البلد، لم يبق في الدوار إلا شيبا وعجائز، ونساء تحضن فلذات كبدها الصغار والصغيرات وحديثي الولادة، كم كان قاسيا قرار هجر البلدة، إلا أن واقعها يحيل على المعاناة التي تتربع على صدره وعقله وتفكيره، مما أفقده الأمل في حياة طبيعية، خاصة وأن البلدة كانت تحت نير الاستعمار الإسباني، الذي يضيق الخناق على الأهالي، لما يتعرض له من هجومات من طرف المقاومين الذين نذروا أنفسهم لمعارك ضارية في كل اتجاه، وهو ما يدفع سلطات الاستعمار الغاشمة إلى ممارسة سياسة التنكيل بكل من له علاقة بأطراف المقاومة … يا لها من أقدار تضرب بيد من حديد دون رحمة ولا شفقة، أقدار الطبيعة وأقدار سياسة السلطات الاستعمارية، تذيق الإنسان مرارات لا حد لها، تغتصب كل شعور بالأمان، وتنتهك حرمة إنسانية الإنسان، تمرغ كرامة الأهالي في أوحال الفاقة والجوع والفقر، وتقرع طبول الموت في كل اتجاه، فأنى لموح الشاب أن يعيش هذه الأوضاع؟ كل قوانين الطبيعة ضده، والطغيان الاستعماري قد يجهز على حياته في أي لحظة.. كما يفعل مع كل من سولت له نفسه أن يلقي بنفسه في معمعة معارك المقاومة، فقد استشهد العديد من الشباب في مقتبل العمر، ومن هم في سنه وأكبر منه، وحتى من هم أصغر منه، للمقاومة ثمن لا حدود له، اعتقال وتنكيل وقمع وتعذيب، حصار للأهالي ورقابة وفرض الإقامات الجبرية، كل ينال نصيبه مما كان في متناول السلطات الاستعمارية نهجه دون أي اعتبار إنساني ولا أخلاقي، ولا مراعاة لأي قاعدة أو ضابط .. وقتل يمارس في واضحة النهار في ساحات مفتوحة، وفي مخافر أجهزتها الإجرامية، وأقبية مخصصة لأغراض خاصة تباح فيها أرواح كل من له علاقة بدوائر المقاومة والجهاد في سبيل إنهاء الاستعمار وإجلائه عن البلد .. في كل بقعة من بقاع المنطقة المغتصبة استعمارا.
قطع مسافة أميال نحو الطريق الرابطة بين جهتي الغرب والشرق للمغرب، في مسيره نحو نقطة ما على الطريق، التقى بقريب لأبيه، صدفة، تربطه به علاقة من جهة الأب، على الرغم من أنه لم يكن يريد أن يلتقي بأحد ما، بعد أن عرج على طريق ملتوية، ظن أنه في منأى عن أن تبصره عين من الأعين، حياه وسلم عليه و هو في حيرة من أمره، جلسا وبدآ الحديث معا:
فبادره الرجل بسؤال، أين أنت ذاهب؟
فأجابه قائلا: إلى حيث تنتهي بي مسافة الرجلة، لعلي أن أجد موقعا يبعدني عن واقع الشدائد والمحن، ما نعيشه في بلدتنا ضاق به الصدر، واشتدت الأزمات بها، إلى درجة أن يتمنى كل منا الموت على أن يحيا حياة مثلما نحن عليه، الطبيعة قست علينا كثيرا، والاستعمار يكبدنا الخسائر في المعنويات والأرواح والماديات، رغم ما يبذله مقاومونا من جهود لإيقاف طغيانه عند جدوده القصوى، وأنت تعلم أن أبي قد قضي في معركة من المعارك، وتركنا وحيدين إلا من قريب ومساند يقدم لنا يد المساعدة والعون بقدر المستطاع، ووالدتي وإخوتي كما تعرفهم لا يقدرون على جلب قوت العيش، ولا هم قادرون على الهجرة خارج الدوار، ولذلك أنا عازم على هذه الرحلة حتى إذا ما أسعفتني الظروف لأعود بعد حين إليهم بما يسد بطونهم وببعض الضروريات، لكي يعيشوا ويستمروا على قيد الحياة إلى أن يأتي فرج الله قريبا …
تأمله الرجل، وهو يعتصر ألما وحرقة، بعد أن سمع كلامه والدموع تذرف من عينيه، آه، ما أتعبك أيتها الحياة، ما أقساك، ما أظلمك في كثير من المحطات .. وبدأ حديثه معه، مخففا عنه أهوال الصدمات قائلا: انظر يا بني، خلقنا لنبتلى، وما هي إلا شدائد وستزول بإذن الله ومشيئته، ومازال في مشوار رحلة هجرتك ما يعطيك ويزيدك في الدروس، وإنك تعلم أن مغربنا يرزح تحت نير استعمارين يقسمان البلد بينهما، شمالا وجنوبا هناك الاستعمار الإسباني، شرقا وغربا تحت نفوذ الاستعمار الفرنسي، أينما وليت وجهك ستجد مستعمرا، وما عليك إلا أن تتسلح بالصبر وقوة العزيمة والإرادة، حتى لا تهلك، دون أن تؤدي دورا في الحياة نضالا وجهادا ومقاومة لكل صروف الدهر، ونوائب وشدائد الحياة، وما أتمناه لك هو أن تعود ظافرا بعد هجرة قصرت أو طالت مدتها، وأن تنقذ والدتك وإخوتك من مهلكات الدهر ومتاعب الحياة، واذكرني أني دعوت لك خيرا وسلامة وتوفيقا، فقام وعانقه عناق الوداع بحرارة، ودله على طريق تؤدي إلى أقرب محطة للقطار على بعد مسافة كيلومترات قليلة.
وصل موح إلى الطريق الرابطة بين شرق وغرب المغرب، استقل القطار في اتجاه الغرب، إلى أن وصل مدينة بالجهة الغربية ليلا، نزل بالمدينة، دخل في دوامة أخرى لا يعلم منتهاها، قطع شوارع لا يدري أين تذهب به، صاح بداخله صوت يطمئنه ويدعو له، فكر في من يكون هذا الصوت الذي يبعث فيه السكينة ويتلو عليه دعوات مثل ما يتردد على ألسنة أفراد جماعته، فجأة خمن أن هذا الصوت شبيه بصوت أمه، إنها هي، صوت أمي يناديني من بعيد، وها أنا أسمعه وكأنها بجانبي، انهمرت دموعه على خذيه، من شدة الفرح الذي استشعره، أحس أن رضا والدته معه، يلفه ويبدد عنه القلق والخوف، ويمده بالقوة والإرادة، ويبعد عنه الغم والهم، ويجلب له أمالا فسيحة، وأنه في مأمن من الأخطار والمصائب، انزوى إلى ركن من أركان أحد شوارع المدينة، حتى مطلع النهار، توجه إلى حانوت، طلب من صاحبه أن يتصدق عليه بكسرة خبز، كي يفطر أول فطور له بالمدينة، فما كان من الرجل إلا أن لبى طلبه، وبعدها استفسره عن أحواله، فحكى له قصته بالكامل، بكل تفاصيلها ودقائقها، ظروفه الشخصية وكل ما يتعلق بالبلدة في الجهة من المنطقة المستعمرة من طرف الاسبانيين، وفاضل بين واقع الهنا بالمدينة أو كل المناطق التي تحتلها فرنسا، تبدو خصبة وبها سهول ومروج وغابات ومراعي، وواقعه الذي كان يعيشه هناك، رغم أن الجميع تحت نفوذ الاستعمار الغاشم، ولو سموه هنا باستعمار حماية، فهذا لا يغير من التسمية شيء، الاستعمار هو الاستعمار، مهما كان غطاؤه …
رحب به الرجل وبعدها عند الظهر، طلب منه مصاحبته إلى منزله، أدخله على أسرته، طلب من أفراد أسرته أن يسلموا على الضيف، سماه لهم بإسمه كما علم، إنه موح من أبناء مناطقنا الشمالية بالريف، التمس من كل أبنائه أن يعدوه أخا لهم، وأن يبروا به، وأن يحسنوا إليه أكثر من أنفسهم، وطلب من زوجته كذلك أن تسدي الخدمات الجليلة لموح وألا تشعره بالغربة، وألا يحس نقصا أو تمييزا، كما أنه واحد منهم أو قطعة لحم أو عظم أو نقطة دم منهم، لا فرق بينه وبين كل واحد من أولادهما ولا أقاربهما، وتلا عليهم آية قرآنية تحثهم على البر والإحسان، قال سبحانه: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). [سورة البقرة، آية: 195] .
مكث موح ببيت الأسرة المضيفة، كل يوم وهو في شأن شغل بسيط أو عمل يومي، يجني منه دراهم معدودة، مرت سنة وهو يكد ويجد، كل عائدات عمله يكنزها عند رب الأسرة، يعيش عيشة هنيئة مريئة بين أحضان أسرة كريمة، تتحسسه في كل صغيرة وكبيرة، تهون عليه كل مرارات غربته عن والدته وإخوته وأقاربه، لا خبر عنهم لحد الساعة، فاتحه رب الأسرة وزوجته في أمر مهم يخص رغبته في الزواج، تجشم عناء في القبول بمقترحهم، خاصة وأنه في وضع لا يسمح له بالدخول في معترك حياة لا قبل له بها، وأنه متعلق بما عقد عليه العزم، ليرضي والدته وإخوته من وراء هجرته الاضطرارية، هربا من أوضاع البؤس والعنت والمخاطر المحدقة به وبكل قبيلته، اقترحا عليه فتاة في سن الزواج، من أسرة قريبة منهما، يكاد كل أفرادها يعرفونه عن قرب، قدما طلب يد الفتاة إلى الأسرة المعنية، قبل كل من أب وأم الفتاة طلبهما، كل من جانبه تيسيرا لهذا الزواج، وأقيم حفل الزواج ببيت الأسرة المتكفلة بشؤونه، منذ لحظة حلوله عندهم، بارين به .. يشعرونه كأنه ولد من أرحام أمهاتهم، ومن بين أصلابهم خرج للوجود، أسكنوه غرفة خصصت له بعد زواجه، وبعد أشهر بدا الحمل على الزوجة، استبشر الجميع خيرا في مولود يخالونه ذكرا، أو هكذا ذهب حدسهم، لا يدرون كيف أنهم يجمعون أن المولود سيكون ذكرا …
ذات لحطة هزه الشوق أيما هز، زلزل جوارحه كلها، لم يعد يرى إلا أطياف والدته وإخوته ووجوه أفراد جماعته وساكنة قبيلته، وباتت الأسئلة تحوم طيلة لياليه وأنهره، بدا عليه بعض من الحزن، وباله أصبح مشغولا بشيء ما، أفقده بعض التركيز، استفسرته زوجته وأهل البيت عما أصبح عليه من حال، صرح لهم بما يخالجه من مشاعر حزن على فراق أهله، خاصة والدته وإخوته، اقترحوا عليه أن يسافر لرؤيتهم وأن يعود إليهم، هيأوا له حقائب بها ثياب ومواد غذاء، صاحبه رب الأسرة المحتضن إلى محطة القطار، استقل القطار ليلا وتنفس الصعداء، فانتشى فرحا وهو يسرح في خياله، والعديد من الأسئلة تطرح حول أمه وإخوته وأهله، وصل إلى البلدة مساء يوم غد، طرق باب أهله، خرجت أمه فوجدت إبنها موح، خلفها أبناءها، عانقته بشكل رهيب، فأغمي عليها من شدة الفرح، وبعدها عادت إلى حالتها الطبيعية، وإخوته يمسكون به ويعانقونه، يوم عودته هذه كأنه يوم عيد، تناهى إلى أهل الدوار خبر عودة موح، أتوا مهرولين لرؤيته، فأجمعوا على أن يكون العشاء عنده تلك الليلة، منتشين فرحا وسرورا بعودته المباركة، لم لا وهم الذين جربوا كل مرارات الفراق، سواء أكان موتا أو غربة بعضهم على الأهل والأحباب، وهناك من يعود وآخر لم يعد ..
موح الآن في حيرة من أمره، بين العودة إلى زوجته الحامل وأسرته الثانية بالمدينة بغرب المغرب وبين المكوث مع أمه وإخوته وأهله بشماله، أمه التي هدها الزمان رغم أنها مازالت لم تبلغ الخمسين من عمرها، وأخوته الذين ما زالوا صغارا، أشفق على حال أمه وإخوته، في تلك السنة جادت السماء بغيثها، بدت الطبيعة تعيد عافيتها، استراح أهل الدوار من هموم الطبيعة شيئا ما، ومن قساوتها بعد أن اخضرت ونبت عشبها وأينعت ثمارها، قرر أخيرا أن يشتري بعضا من رؤوس الأغنام، وذلك للاستثمار فيها، ويجعل منها مصدر قوت لوالدته وإخوته، طال به المكوث بين أهله، قارب السنة، ومشاعره موزعة بين الهنا وهناك، بين أهله وبين أسرته التي أسسها في المدينة، في غيابه، ازداد له مولود، سماه رب الأسرة المحتضن له عبد الكريم، أقام له حفل عقيقة حضرها كل أفراد أهله وأهل وزجته وجيرانه، توفيت أمه بعد أيام، تبناه أخواله كأنه واحد من أبنائهم وبناتهم، إلى حين أن يأتي الأب موح، لكن هيهات، هيهات، لم يعد موح إلى المدينة، الذي قرر أن يبقى مع أهله بالريف المغربي، فتزوج من إحدى قريباته، وأصبح له أولاد وبنات، طالت السنين وكبر عبد الكريم، وإخوته من أبيه حتى هم كبروا، ومنهم من تزوج، عبد الكريم الإبن البكر له، هو أيضا تزوج بعد أن درس وأكمل تعليمه الثانوي، فامتهن التعليم، ولا خبر عن بعضهما البعض، هل كلاهما على قيد الحياة أم أن واحدا منهما غادر دار البقاء؟ الأب مازال يطرح السؤال تلو الآخر عن مولوده الذي لم يره قط، والإبن عبد الكريم يتساءل عن أبيه الذي لم يحضر إلا كطيف بين عينيه وفي مخيلته.
كبر الأب، وبدت ساعة الرحيل تدق بعد مرض فجائي، طال به أمر الشوق لرؤية فلذة كبده البكر، فأرسل إبنه الأكبر من الزوجة الثانية إلى المدينة، بعد أن مده بمعلومات حول الأسرة التي احتضنته وعن أسرة الزوجة الأولى، وصل إبنه إلى المدينة، سأل عن مكان وأسماء العائلتين اللتين حولهما المعلومات المكتوبة على ورقة، فإذا به أن عثر عليهما، بعد أن دله أحد العارفين بالعائلات في حي قديم بالمدينة، قدم نفسه إليهما، رحبتا به أيما ترحيب، ترك لهم وصية أبيه وانصرف عائدا، لم يجد أخاه عبد الكريم، لأنه كان يدرس بإحدى المناطق النائية، فبلغه خبر أخيه عبر فاكس على بريد المنطقة التي يدرس بها، سافر حينا للمدينة، أبلغه أخواله أن أبيه أرسل أخاه ليزور أبيه وهو على فراش الموت، الذي أراد أن يراه قبل أن يرحل عن دار الفناء، ركب القطار وتوجه إلى أهله، وصل بعد ساعات طويلة من السفر، سأل عنهم، توجه به أحد الساكنة إلى منزل الأب، فوجئ بأن الأب توفي صباحا، وصلوا عليه صلاة الجنازة ظهرا، وهو الآن يوارى التراب، ذهب مسرعا بصحبة أحد الجيران إلى المقبرة، وقف بجانب المعزين وأهله من أبيه وإخوته وأقربائه، لا يعرف ولا يميز من هو الأخ والقريب وغيرهما، وبعضهم يضع اللمسات الأخيرة لتسوية قبر الأب، تلا سورة الفاتحة وبعضا من آيات وسور القرآن الكريم ترحما على روح أبيه، أذرف دموع الفراق الأبدي، لم ير وجه أبيه الآن ولا وجه أمه قبلا، بعدها سلم على إخوته وعلى جميع المعزين، مواساة لهم وله، في عناق لم يشهد له مثيل من قبل، وكأنه ولد من جديد، أقام مع أقاربه مدة ثلاثة أيام، ودعهم صباح اليوم الرابع، وهو يعانق روح أبيه، وينسج خيالا يربط بين روحه وروح أبيه وروح أمه وكأنه يصاحبهما في سماء الأرواح البعيدة، فينزلهما إلى هذا العالم المادي المحسوس، يخبرهما أنه مازالا معه أينما حل وارتحل إلى حين أن يفنى هو بدوره ككتلة مادية ليلتحق بهما روحا ببرزخ الأرواح المتعالي.

 

 

عبد المجيد بن شاوية
عبد المجيد بن شاوية

كاتب مغربي / الخنيشات / سيدي قاسم / المملكة المغربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *