عن عمر ناهز 82 سنة، وبعد معاناة مع المرض، توفي ليلة السبت 6 يوليوز 2024 بالدار البيضاء الممثل الفكاهي المحبوب مصطفى دسوكين، وووري جثمانه الثرى بمقبرة الشهداء بعد صلاة ظهر يوم الأحد 7 يوليوز الجاري، مخلفا وراءه حزنا كبيرا وتراثا فنيا غنيا خلد به إسمه في سجلات المسرح والتلفزيون بشكل خاص.
فيما يلي ورقة أعددناها عن مسيرته الفنية بمناسبة تكريم حظي به سنة 2014 بمكناس:
ظل الراحل دسوكين (1942- 2024)، واسمه الحقيقي دسوقين، إلى عهد قريب، يتحفنا باسكيتشاته ومستملحاته وأدواره المسرحية والتلفزيونية المختلفة وغيرها، منذ الستينات من القرن الماضي، حتى أصبحنا نعرف صوته دون أن نراه، وعندما نراه لا نفتر عن الضحك خصوصا في أعماله الكوميدية المسرحية والتلفزيونية ولا أقول السينمائية لأن مخرجينا السينمائيين مع كامل الأسف لم يوظفوه بالشكل الكافي في أفلامهم (الكوميدية بشكل خاص). فباستثناء ثلاثة أفلام روائية طويلة “أنا الفنان” (1978- 1995) لعبد الله الزروالي و”الجمرة” (1982) لفريدة بورقية و”خارج التغطية” (2012) لنور الدين الدوكنة وبضعة أفلام قصيرة وبعض الأفلام الأجنبية القليلة المصورة ببلادنا، لم تستفد السينما المغربية من قدرات هذا الفنان الكبير وتجربته الطويلة في التشخيص على امتداد ستة عقود .
كانت البداية الفنية لمصطفى دسوكين، المزداد بالدار البيضاء يوم 14 يوليوز 1942، مع فرقة الكوميدي الشعبي بوشعيب البيضاوي سنة 1958 قبل أن يلتحق بفرقة “الأخوة العربية” تحت إدارة الرائد عبد العظيم الشناوي في موسم 1963-1964 ويستمر معها إلى أواخر الستينيات. ويرجع الفضل لهتين الفرقتين المسرحيتين والمشرفين عليهما في صقل موهبة الشاب مصطفى وتكوينه تكوينا رصينا مكنه لاحقا من تفجير جزء من طاقته التعبيرية في التشخيص والتأليف والإخراج والتنشيط وغير ذلك من جوانب الفرجة الفنية الجماهيرية .
شارك مصطفى مع فرقة عبد العظيم الشناوي في مجموعة من المسرحيات من تأليف وإخراج هذا الأخير نذكر منها “جدار الخوف” و”أولاد اليوم” و”خبز للجميع” و”محكمة النساء” و”المجهول” و”المشنقة” و”لمخضر غالي عليك”، بالإضافة إلى كشكول فكاهي بعنوان “رينكو ودجينكو” شخصه رفقة رائد الفكاهة الراحل القدميري وقدمته التلفزة المغربية سنة 1967 .
ومنذ لحظة برمجة وعرض هذا الكشكول التلفزيوني الفكاهي أصبح دسوكين وجها تلفزيونيا مألوفا ومعروفا لدى الأسر المغربية خصوصا بعد أن شكل رفقة صديق عمره الفنان الكبير مصطفى الزعري ثنائيا فكاهيا (دسوكين والزعري) ظل حاضرا في السهرات التلفزيونية الأسبوعية وغيرها إلى حدود سنة 1987.
وبالموازاة مع اسكيتشاته مع الزعري ومابعدها شارك دسوكين في مجموعة كبيرة من الأعمال التلفزيونية (مسلسلات، سيتكومات، أفلام… ) نذكر منها مسلسلات: “الغالية” (2014) لجميلة البرجي بنعيسى و”دموع الرجال” (2013) لحسن غنجة و”شوك السدرة” (2010) و”تريكة البطاش” (2008) لشفيق السحيمي و”أبواب النافذة” (1998) لمصطفى فاكر و”خمسة واخميس” (1988) لفريدة بورقية و”ستة من ستين” (1985) لحميد الزوغي و”كلها وحرفتو” (1981) لأحمد حيضر… ، وسيتكومات: “خير وسلام” (2010) لمصطفى أشاور وأحمد بوعروة و”نسيب الحاج عزوز” (2009) لحسن غنجة و”عائلة السي مربوح” (2001 و2002) لمصطفى الخياط و”الهاربان” (2001) لسعيد بن تاشفين و”خاطر من ندير” لمصطفى أشاور و”راديو واك واك” لمصطفى الخياط…، وأفلام: “الوريث” (2007) لسعيد بن تاشفين……
كما شارك في عدد لابأس به من المسرحيات، التي قدمت التلفزة المغربية الكثير منها مصورة بعد عرضها في مختلف المدن المغربية وبعض الدول الأجنبية، من بينها “الخجول” و”في انتظار القطار” و”حمان الدنادني” و”العرس” و”النواقسية” و”وصية الثعلب”، بالإضافة إلى سلسلة “نماذج بشرية” (مع فرقة العهد الجديد- البدوي) و” بنت الجيران” و”الطمع” و”الحادكة” (مع فرقة العروبة المسرحية) و”بنت الخراز” و”نص عقل” (مع فرقة الوفاء المراكشية) و”الحيلة أحسن من العار” (من تأليف دسوكين) و”البس قدك يواتيك” و”كولو العام زين” و”القضية فيها إن” و”انسيب الوزير” و”حديدان في الكاريان” و”ناس الليل” و”الحيحة نوفو موضيل” و”الشيشا والتبقشيشة” و”شمكارة ولكن..” و”خالتي قنبولة” من تأليف وإخراج ميلود الحبيشي (مع فرقة مسرح الشعب) و”شارب عقلو” و”عاين باين” من إخراج عبد الإله عاجل و”المدير الجديد” من إخراج الطاوجني (مع فرقة مسرح الحي)، و”الزواق يطير” و”الجيلالي طرافولطا” و”المشاش” و”هاجوج وما جوج” من تأليف الراحل العربي باطما و”دار الكرايا” و”مكتب بلا حلول” (تأليف وإخراج م. دسوكين) و”عندك شي شهود” (مع فرقة نجوم المسرح– دسوكين) … ، و”كاري حنكو” من إخراج محمد مجد، و”بنت النكافة بايرة” من تأليف أنوار الجندي وإخراج هاجر الجندي (مع فرقة مسرح فنون)، ومجموعة من الملاحم من إخراج الرائدين الطيب الصديقي ومحمد حسن الجندي (العهد 1 – العهد 2 – نحن – شباب الأطلس …).
لقد عاش الحاج مصطفى دسوكين تاريخا فنيا حافلا بالعطاءات والمنجزات وشارك في العديد من الجولات الفنية والثقافية (ممثلا مسرحيا ومنشطا للحفلات ومقدما للمنوعات …) داخل الوطن وخارجه، قادته إلى الكويت وسوريا ولبنان والجزائر ومصر (دار الأوبرا) وفرنسا وبلجيكا وهولاندا وألمانيا وأنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية التي منحته عاصمتها واشنطن شهادة تقديرية.
رحمه الله وألهم ذويه وأصدقاءه ومحبيه الصبر الجميل.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
أحمد سيجلماسي