يشكل هذا الكتاب النقدي، “جمالية الإيقاع في الشعر الأمازيغي.. البنية العروضية والصوتية” للناقد علي آيت لشكر والمتوج بجائزة دار الشعر بمراكش للنقد الشعري في دورتها الخامسة للنقاد والباحثين الشباب، مناصفة، مرجعا أساسيا للباحثين في جماليات النص الشعري الأمازيغي وخصوصا بنياته الإيقاعية. وقد حاولت الدراسة استقصاء النسق الإيقاعي، في الشعر الأمازيغي، في قدرته على توليد “الجمالية الشعرية”.
وإذا كان الباب الأول قد ركز على محاولة استقراء “الإيقاع في الدراسات النقدية العربية والغربية والأمازيغية”؛ فإن الباب الثاني قد خصصه الناقد لشكر “لبيان دور الإيقاع العروضي والصوتي في توليد الجمالية في نماذج شعرية أمازيغية”. وتبرز أهمية هذا المبحث، في ضعف وشح الدراسات التي قاربت “الإيقاع الشعري الأمازيغي”؛ رغم أن بعضها قد ركز اهتمامه على “الإيقاع العروضي (الوزن) في حين نادرا ما يتم تناول نسق الإيقاع الصوتي”.
وقد ركز الناقد علي آيت لشكر، في المستوى التطبيقي، على المنجز الشعري لتجارب شعرية همت كل من سيدي حموالطالب وأزايكو وحبيب لكناسي، مع بيان “دور الظواهر الإيقاعية الصوتية في توليد الجمالية الشعرية”؛ ولعل من أبرز ما توصل إليه الناقد، في ختام دراسته، هو القدرة على “استثمار جميع التجارب الشعرية المدروسة للإيقاع الصوتي لخلق الجمالية، غير أن هناك تفاوتا في درجة هذا الاستثمار وفي طريقة التوظيف”.
يقع كتاب الناقد علي آيت لشكر في 160 صفحة من القطع المتوسط، وتزين غلافه الخارجي لوحة الفنان والحروفي المراكشي الحسن الفرسيوي، وقد صدر السنة الجارية (2024) عن منشورات دار الشعر بمراكش في طبعة أولى، وتم الاحتفاء بهذا الإصدار شهر ماي الماضي ضمن فعاليات الدورة الخامسة للملتقى الوطني “حروف” للشعراء والنقاد الشباب.
يظل الأفق المنشود، لهذا المبحث النقدي، هو الوصول الى محاولة تحديد سمات عامة لوضع تصور “عام عن جمالية إيقاع الشعر الأمازيغي بشتى لهجاته”، إن أمكن توسيع قاعدة المنجز الشعري المدروس، في أنماط شعرية أمازيغية أخرى، وأيضا تجاوز الجانب العروضي في التناول والاهتمام أكثر بمستوى جماليات “الإيقاع الشعري الأمازيغي”. وقد سعت الدراسة عموما، الى الإجابة عن سؤال محوري هو: كيف يسهم الإيقاع في جمالية الشعر الأمازيغي؟ وعن هذا السؤال تفرع سؤالان رئيسان هما: كيف تسهم البنية الإيقاعية العروضية في جمالية الشعر الأمازيغي؟ وكيف تسهم البنية الإيقاعية الصوتية في جمالية الشعر الأمازيغي؟
لقد سعت الدراسة الى توسيع لمفهوم الإيقاع الصوتي، لبيان كيفية إسهام بعض العناصر الأساسية في جمالية الشعر الأمازيغي، كما تم اختيار تجارب شعرية تنتمي إلى فترات زمنية مختلفة: الأولى زمنيا تعود إلى القرن الثامن عشر (سيدي حمو الطالب)، في حين “ترجع تجربة أزايكو إلى ثمانينات القرن الماضي؛ وهي تجربة تمزج بين التحديث من حيث المضامين والوفاء للتقاليد الوزنية من حيث الشكل؛ أما التجربة الأخيرة، تجربة حبيب لكناسي، فهي متأخرة زمنيا ومختلفة شكلا ومضمونا”.
إن اختيار لجنة التحكيم، جائزة النقد الشعري للنقاد والباحثين الشباب في دورته الخامسة، تتويج كتابين مناصفة، يؤكد هذا البعد الاستشرافي للاختيار بحكم أن الكتاب الأول تناول مبحث الاستعارة التصورية في الشعر الأمازيغي، في حين اتجه كتاب لشكر الى جماليات الإيقاع، في الشعر الأمازيغي. وكأنهما يستمدان مشروعا موحدا، كلاهما، في الاتجاه الى مقاربة واستقراء المنجز الشعري الأمازيغي من منظورات متعددة، ومحاولة في تحديد سمات مركزية لهذا المنجز الغني والتاريخي.
طبعا، لا يمكن تعميم العديد من النتائج والخلاصات، على جميع أنماط الكتابة الشعرية في اللغة الأمازيغية (تاريفيت، تاشلحيت، تامازيغت)، إذ ما يؤسس له هذا الأفق هو استدعاء المزيد من التقصي والانشغال النقدي بشعرنا المغربي في تعدده اللساني.
طنجة الأدبية
صورة الكتاب وغلافه وعنوانه مخالف لمضمون المقال؟؟؟؟؟
غلاف الكتاب مخالف لما ورد في المقال؟؟؟؟