صدر عن دار جفرا ناشرون وموزعون في الأردن كتاب “الثقافة الاستعمارية والألم البشري” للدكتور نبهان عثمان غانم. حرر الكتاب وراجعه الكاتب فراس حج محمد، وصمم غلافه الفنان رمزي الطويل. ويقع في (270) صفحة من القطع الكبير. والكتاب مجموعة من “المقالات والدراسات والخواطر”، توزعت على ستة فصول، بالإضافة إلى مقدمة طويلة، وكلمة المحرر، ورسالة إلى شرفاء وأحرار العالم.
يأتي هذا الكتاب- كما جاء في المقدمة- استجابة ملحّة للواقع الفلسطيني والعربي والدولي في ظل هذه الحرب على الشعب الفلسطيني، وما يتعرض له من إبادة جماعية “تجري أمام عيون شعوب العالم بواسطة وسائل الإعلام المرئية؛ صوتاً وصورة. أظهرت حقيقة إسرائيل الإجرامية وغير الإنسانية بأوضح الصور، التي هزت وجدان وضمائر الشعوب الحرة في العالم، وخاصة الشعوب الأوروبية والشعب الأمريكي، التي عبرت عن إنسانيتها وسمو قيمها الأخلاقية، بخروجها بمظاهرات فاقت كل تصور وتخيل، هاتفةً بالحرية لفلسطين من النهر إلى البحر”.
وأما رسالة المؤلف فكانت “لأولئك الذين لا يحتاجون إلى جهد لإدراك الأخطار التي تواجه البشرية. ولأولئك الذين سمت قيمهم الإنسانية إلى السماء. وأولئك الشرفاء في العالم، الذين ملؤوا الشوارع والميادين بأجسادهم وأصواتهم ومعلنون رفضهم لإبادة الشعب الفلسطيني، ومعلنون وقوفهم ودعمهم لنضال الشعب الفلسطيني. ومعلنون إدانتهم لكل المجرمين والمستبدين في العالم أينما كانوا”.
وأشار المحرر إلى أن “الكتاب ليس سيرة اجتماعية ذاتية فقط، بل هو جامع بين السيرة والتحليل السياسي والاقتصادي والعلمي، ففصوله الستة هي حلقات متصلة لتشكل هذه السلسلة التي تفضي في رسم معالم المشهد في فترة طويلة، تعود إلى حقبة ما قبل الاحتلال، حيث الثورة الفلسطينية في ثلاثينيات القرن العشرين؛ إذ كان [المؤلف] أبوه وعمه وجده وكثير من أفراد أسرته حتى أمه مشاركين، كل بدوره في العمل لأجل فلسطين وتحررها”.
اشتمل الفصل الأول “السياسة والتنمية” على خمسة عناوين: لنقرأ التاريخ، وكيف نبني الوطن، ودور السلطة الوطنية الفلسطينية منذ نشوئها في التنمية: الإنجازات والإخفاقات، وتوطين التقنية في الوطن العربي والسياسات المطلوبة، وعبودية القرن الواحد والعشرين.
في حين جاء الفصل الثاني تحت عنوان “بؤس البدايات وخيبة النهاية”، وفيه المقالات الآتية: النقد والنقد الذاتي، وكيف ذهبت للدراسة في تشيكوسلوفاكيا، وأليس الثمن غاليا؟، في تاريخ ثورتنا المعاصرة حقيقة مفقودة، ولجنة اختيار مدير عام، وسائق سيارتي، ومن أي كوكب أنت قادم؟، ودكتور جبران أنت مشاغب، وأحوال الشعب الفلسطيني متعثرة وإمكاناته المالية مبددة وطاقاته العلمية مهملة، والقيادة الحكيمة تبحث عن الكفاءات، وعقلية النهب والفساد الدولية، وصعاليك بمراتب قيادية، وارحموا هذا الشعب، وقيادة بديلة للشهيد القائد ياسر عرفات.
وتوقف في الفصل الثالث عند معركة طوفان الأقصى، واصفا إياها بأنها “الانبعاث من بعد الرماد”، فناقش ما يتعلق يها من خلال العناوين الآتية: شكرا لجنوب إفريقيا، والشعب الفلسطيني يقدم للبشرية أعظم هدية، وسمو نضال الشعب الفلسطيني، وإعادة هيكلة تفكيرنا وأساليبنا وآلياتنا، وإمبراطورية فلسطين العظمى، والدولة الفلسطينية الديمقراطية الواحدة، وخيال واسع، وصديقان يهوديان وطوفان الأقصى.
وخصص الفصل الرابع لمناقشة بعض القضايا السياسية والحضارية من منظور قومي، وجاء تحت عنوان “العرب أمة واحدة وفي الشرق مستقبلها”، فتناول المسائل الآتية: من أسباب تخلف أمتنا العربية، والتقدم التقني ليس مقياسا للحضارة، ورئيسة دولة، وأمة واحدة، وتركيا دولة شرقية أم دولة غربية، والتيار القومي العربي وفلسطين، وهيئة التصنيع العسكري العراقية.
وجاء الفصل الخامس تحت عنوان “أوروبا الشرقية بين عقيدتين”، ويقصد الرأسمالية والاشتراكية، فناقش ضمنه الأبحاث الآتية: الصمت على الأخطاء وانعكاساته على ثقة الشعوب بحكامها، وأكذوبة حرية السوق الدولية… وأكذوبة الاقتصاد الحر، ودول مزقها الغرب: تشيكوسلوفاكيا، ودول ضلت الطريق أوكرانيا… وعمى الألوان، واتصال هاتفي مبكر، والتجربة الصينية في التنمية، وقول الحقيقة أصبح واجباً وطنياً لا مفر منه، وصديقة ناشطة سياسيا.
وختم الكتاب في الفصل السادس بمجموعة من “الذكريات والخواطر”، ليتحدث فيه عن جوانب ذاتية وشخصية: موقف محرج، وصديق عرفته من الخلف، وهل حكام شعوبنا خالين من المشاعر؟ وأصحاب الضمير الحي، والمظهر الخارجي لا يعكس جوهر الإنسان، ولقاء صدفة خير من ألف ميعاد، والعنف في الإنسان، وقارعة الطريق، وهذه الحياة عجيبة: الطفيليات، وعبق التاريخ في بيت والدي، وكيف تصبح قائدا: من طرائف (أبو شادي).
وجدير بالذكر أن الدكتور نبهان عثمان غانم شخصية علمية ووطنية مرموقة، من مواليد فلسطين عام 1949 في بلدة سيلة الظهر التابعة لمحافظة جنين، ويحمل شهادتي دكتوراه: في الاقتصاد، وفي الهندسة الميكانيكية من تشيكوسلوفاكيا 1982.
تقلد سابقا قبل أن يتقاعد مناصب متعددة منها عمله مستشار وزير المالية 1994- 2010. ومستشار الدائرة الاقتصادية، منظمة التحرير الفلسطينية 1988-1994. وممثل وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” في تشيكوسلوفاكية 1977-1979. وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية. وعضو مجلس إدارة المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية. وعضو في العديد من مجالس إدارة صناديق ومؤسسات فلسطينية. وممثل دولة فلسطين في العديد من المؤتمرات العامة لهيئات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية المتخصصة.
كما أن الدكتور نبهان شغل سابقاً منصب الأمين العام للاتحاد العام للاقتصاديين الفلسطينيين. والأمين العام المساعد لاتحاد الاقتصاديين العرب، وهو كذاك عضو الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، وعضو الاتحاد العام للمهندسين الفلسطينيين.
وأما في المجال الأكاديمي والبحثي فالدكتور نبهان أشرف على العديد من رسائل الماجستير في جامعات أجنبية وفلسطينية، وصدر له العديد من الكتب والدراسات، عدا مجموعة من المقالات المنشورة في مجالات الاقتصاد والسياسة والتكنولوجيا في الصحف والمجلات العربية. كما شارك في أبحاث الخطة الخمسية الثامنة في جمهورية تشيكوسلوفاكيا 1980 -1985.
طنجة الأدبية