احتفت فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب في نسخته 29، الذي تحتضنه الرباط، بالكاتبة والفنانة التشكيلية لبابة لعلج، وذلك من خلال حفل اقيم مؤخرا برواق رابطة كاتبات المغرب، لتوقيع مؤلفها الجديد “همس الصمت”، والذي قدمه كل من الإعلامي الدكتور طلحة جبريل والدكتور محمد اشويكة، فضلا عن ترجمة الدكتور عبد الله الشيخ.
وما ميز هذا اللقاء الفني والأدبي الممتع، هو تكرم الشاعرة والفنان بقراءة عدد من أشعارها، التي تفاعل معها الجمهور بشكل لافت، ضمن مقاطع موحية عن الصمت، وقالت بالمناسبة في مقطع بعنوان “صمت الأصم”:
لا يتصل قط الأصم بالكلمات.
يتحمل ويعاني، صمته مفعم بالضجيج.
سكوته، لم يرتضه.
توقف عن أن يكون “كائن اللغة” (لاكان).
عدم الإنصات يحرم من بلوغ الآخر.
أصبحت حياته علامات وشفرات!
لا يتأمل، أصبحت كلماته إيماءات.
الكلام يتحرر من تعهده حيال من يسكت!
لا يستطيع أبدا سماع أصواته الخاصة، إنه مبتور.
مرتعب، إنه في انحصار.
يصبح الأصم أبكم اللسان في نهاية المطاف!
وفي قصيدة “عيون الضرير” قالت:
بالنسبة إلى الضرير، يتعلق الأمر بصمت آخر، صمت الليل!
بودلير، في ديوان “أزهار الألم”، يشير إلى لعنة صمت أبدي.
صمت ليلة فظيعة ومريعة.
باطنيا، تتأمل أعين الضرير العزلة.
للرعب جماله، جمال تنمية كل الحواس.
صمت كلام ممتنع.
صرخة نزوة تود أن تُسمع.
صمت يطرد ذاته، لا يريد قط أن يسكت.
أفصح عن طلبه.
نداؤه هو الصرخة التي تنفصل عن الأصم.
اما “صمت الغياب”ـ فقالت فيه
الجنين في عالمه الرحمي ضرير وأصم!
يسمع ما يحيط به في أصوات.
أمه-الحضور تشعره بالطمأنينة.
يفزعه غيابها.
ماذا سنفعل بالصمت الذي يذكر بالغياب؟
من يربطنا بذاك الميت الذي عاش حياة رغدة؟
وعن “لغة الريح”، اردفت:
صديقي الريح.
أتيت لسبر غور فضائك.
أرصدك كمريدة.
اهمس في أذني، ثقف تجربتي!
حدثني عن أصواتك!
من، ماذا يعارضك مع الصمت؟
أرسل إلي لغتك، هل تملك شفرة؟
أتيت للإنصات إليك، وسماعك وتأملك.
أغتبط بما سأتعلمه!
هل تعرف الحب، هل علموه لك؟
ها أنا ذا، أنا على أهبة السفر.
امنح لي هدية عالمك!
و”تحت المنبع” قالت:
أترك ماءه يجري على امتداد جسدي.
كم أنا مطمئنة!
إنه منعش، حرارتي تتبخر بشكل متزايد!
أتحد مع طاقته وأغوص في جب غوره.
كلام معبر عنه.
كلام يشرق بداخلي دون النطق به.
لن يزهد أبدا.
يريد بلبلة صمتي.
وعن “طاقة شجرتي”، اضافت:
صمتا، اللاشيء أصبح امتلاء.
حياتي عاشت موتها.
الحياة قهرت الموت.
الأضداد احتشدت!
عاد السلام.
بلا كلام وبلا دعوات ودون أن ألهث.
شعرت بطاقة شجرتي.
أسكتت الضجيج الذي يدوي بداخلي.
آه! إذا كان بوسع الكلمات أن تفرج صرخاتي!
أسكتت المطرقة الثاقبة دون جهد.
من مجرد فرقعة الأصابع!
بلغت صمتا أكثر عمقا.
طنجة الأدبية