علاء أكعبون (42 سنة) من المخرجين الشباب الذين يعطون أهمية كبرى للممثلين، باعتبارهم هم الذين يوصلون الأفكار والرؤى والمشاعر والحالات النفسية المركبة لشخصيات القصة وباقي التفاصيل إلى المتلقي عبر الشاشة، وذلك من خلال تقمصهم لمختلف الأدوار، صغيرها وكبيرها، وترجمة ما هو مكتوب على الورق (السيناريو) إلى صور وحركات وأصوات بمساعدة مختلف التقنيين وبإدارة المخرج (المايسترو) وتحت إشرافه.
يظهر، مرة أخرى، تمكنه من ضبط حركات الممثلين وتعابيرهم الجسدية والصوتية وغيرها في مسلسله الجديد “بنات لحديد” (2024)، الذي يعرض يوميا في رمضان الحالي على قناتنا الثانية، ليكون أداؤهم مقنعا وصادقا وسليما لا زيادة فيه ولا نقصان، كما ظهر في مسلسلاته السابقة: “لمكتوب” (2023 و2022)، “ولاد العم” (2023)، “البيوت أسرار” (2021)، “داير البوز” (2021)، “أسرار النساء” (2019 و2020)، “الزعيمة” (2019)، “ديسك حياتي” (2018)، “الغول” (2016) وغيرها من الأعمال….
فجل ممثلي هذا المسلسل الدرامي الإجتماعي العائلي، وعلى رأسهم فاطمة الزهراء بناصر وأمين الناجي وعادل أبا تراب وابتسام لعروسي وجميلة الهوني وعبد الإله عاجل وسلوى زرهان ومنصور بدري وزكريا عاطفي وعبد الله شاكيري، تم اختيارهم بعناية فائقة، نظرا لمواهبهم وتمرسهم وتمكن كل واحد منهم من أدواته في التعبير بحركات جسمه ونظراته وتقاسيم وجهه وصوته وصمته، وبهذا يشكلون نقطة قوة في هذا العمل الجديد. وإذا أضفنا إلى ذلك نجاح المخرج في خلق انسجام ملحوظ بين التشخيص ومختلف أدوات التعبير الأخرى من تصوير وموسيقى وإنارة وماكياج وملابس وديكور… عبر توضيب للصور والأصوات فيه توازن ولا يخلو من تشويق، نعرف لماذا تلقى أعمال هذا المخرج نجاحا وتجاوبا لدى فئات عريضة من متتبعي القناتين الأولى والثانية ومنصة يوتوب وغيرها.
ينضاف إلى ماسبق السيناريو، الذي كتبته المتمرسة فاتن اليوسفي، التي سبق لها أن تعاملت مع المخرج أكعبون في مسلسلات أخرى. فخيوط حبكته متماسكة منطقيا وشخصياته مبنية نفسيا واجتماعيا بشكل لا يخلو من عمق ولا تلعب فيه الصدفة دورا رئيسيا في الربط بين الأحداث، كما نلاحظ ذلك في العديد من أعمالنا التلفزيونية الأخرى وعلى رأسها ما ينسب إلى الكوميديا من سلسلات وسيتكومات وغيرها.
“بنات لحديد” من مسلسلات هذا الموسم الجديد القليلة التي شدتني إليها أكثر من غيرها بحرفية العاملين فيها واحترام المشرفين عليها لمبدأ الإختصاص، فكل عنصر من عناصر طاقميه الفني والتقني يضطلع بالمهمة التي هو متخصص فيها ولا يتطاول على اختصاصات الآخرين. لقد قربنا هذا العمل الدرامي بفنية ملحوظة من كواليس سوق خردة الحديد ومتلاشياته (لا فيراي) وصراعات المتحكمين فيه مع منافسيهم للحفاظ على مصالحهم وامتيازاتهم. كما كشف لنا عن أعطاب وتوترات في العلاقات بين أفراد الأسرة (أزواج/أبناء وآباء وأمهات/ إخوان وأخوات) بسبب طغيان التسلط والأنانية والجشع والمصلحة الخاصة. ومن غريب الصدف أن عوالم مسلسل “بنات لحديد” (القناة الثانية) متشابهة إلى حد ما مع عوالم مسلسل “جنين” (القناة الأولى) للمخرج والممثل إدريس الروخ مع اختلافات طبعا في السيناريو والمقاربة الإخراجية وتفاصيل مرتبطة بالكاستينغ والأحداث والشخصيات. فكلاهما اختار “لا فيراي- La Ferraille” كفضاء تتحرك داخله وخارجه شخصياته الرئيسية من أداء محمد كافي وسعيدة باعدي ويسار لمغاري وإدريس الروخ وحسنة طمطاوي… في “جنين” وعبد الإله عاجل وفاطمة الزهراء بناصر وأمين الناجي وعادل أبا تراب وابتسام لعروسي… في “بنات لحديد”.
أحمد سيجلماسي
كلام جميل وتعليق اجمل وكتصحيح للمعلومة فقط عن المخرج علاء اكعبون فإنه يبلغ من العمر 36 سنة خلاف ما جاء في النص 42 سنة.