حلت دار الشعر بمراكش، ليلة السبت العاشر من فبراير الجاري، بدوار تاركة آولاد زياد (جماعة تيدلي مسفيوة/ الحوز)، خامس محطة من سفرها الشعري الى العالم القروي. والتئم شعراء فقرة “ضفاف شعرية”، بفضاء “أسايس” بدوار تاركا، مولاي الحسن الحسيني وخديجة السمؤال وإبراهيم أجماع، في لحظة احتفائية استثنائية شهدت حضورا لافتا لساكنة الدواوير المجاورة. وحطت القافلة الخامسة، والتي عرفت مشاركة وجوه إبداعية وإعلامية وفنية من مدينة مراكش، بفضاء “دوار” تاركا ضمن تظاهرة ثقافية جديدة، لدار الشعر بمراكش.. وخص ساكنة المنطقة، قافلة الدار، باستقبال خاص يستدعي التقاليد المغربية الأصيلة ليتحول لقاء ضفاف الى لحظة فرح جماعي.
“ضفاف شعرية” تظاهرة ثقافية شعرية وفنية، تعتمد خلق حوار شعري وفني بين القصيدة وفنون الأداء والفرجة، ضمن استراتيجية دار الشعر بمراكش الى ترسيخ “قواعد” حديثة للتداول الجمالي للقصيدة. وشارك الشاعر مولاي الحسن الحسيني، أحد التجارب الشعرية الرائدة من مدينة تارودانت، والذي استطاع أن يبدع ب”لسانين” في اختياره القصيدة العمودية، وهو أحد رموزها الكبار، وكتابة القصيدة الأمازيغية، في آن واحد، ضمن سياق إبداعي “هوياتي” متعدد للسان الشعر المغربي.. يقول الشاعر مولاي الحسن الحسيني في “لا تقصص رؤياي”:
“ونظرت للحرمان فوق سطوحنا/ والمال مال الله لم يتكلم// ورأيت من شهداء بدر فكرتي/ هذي الرؤى بين الخناجر ترتمي// لو كنت في لذقت كأس حشاشتي/ لو كنت في هنيهة لم تظلم// الله بعثرني ليجمعني هنا/ ما كان يوما ذا القصيد ململمي..”
وشاركت الشاعرة خديجة السموؤل، رئيسة فرع سيدي افني لرابطة كاتبات المغرب، ضمن فقرة ضفاف شعرية بقصائد من المتن الشعري الأمازيغي. وقد نوهت الشاعر في البداية، بمبادرة دار الشعر بمراكش الرائدة، في الانفتاح على العالم القروي ضمن تظاهرة شعرية وثقافية تسعى لخلق فضاءات جديدة ل: تداول الشعر بين جمهوره، وترسيخ تقاليد جديدة للفعل الثقافي. وضمن نفس السياق، أكد الشاعر (أنظام) إبراهيم أجماع على اعتزازه الكبير بقدوم مؤسسة ثقافية الى دوار تاركا، وخص جمهور ضفاف الكبير، ضمن نسق خاص للإلقاء الشعري “الفرجوي”، يعتمد “الارتجال الشعري اللحظي” بمقاطع شعرية تعتمد “الحكم”.
فقرة التكريم احتفت بالفنان والشاعر علي أباخو والفنانة إيجي أوتاماسين، أيقونتا النظم الشعري الأمازيغي وفن أحواش بمنطقة الحوز. واختتمت فرقة شباب أحواش إثران الحوز، برئاسة الفنان محمد الدرعي، اللقاء بحفل فني مفتوح مع جمهور تجمع بفضاء أسايس المفتوح على الفرجة الجمالية والشعرية، هذه اللوحة الفنية الجماعية المعبرة عن الروح المغربية وأصالتها والتي ظلت حافظة لذاكرة المغاربة.. و تتحول فقرة “ضفاف شعرية” الى لحظة شعرية وفنية تجمع أرقى فنون القول الإبداعي، واستعادة للذاكرة الجمعية وانفتاح على أنماط الفرجات الشعبية المغربية، حيث يلتقي الشعر بالغناء والرقص الجماعي.
استطاع ديوان ضفاف شعرية، هذه المرة، أن ينسج حوارا شعريا زجليا أمازيغيا ضمن احتفاء دائم بالتعدد اللساني والتنوع الثقافي المغربي.. هي شجرة الشعر المغربي الوارفة بخصوبتها وألقها، وهذا التعدد المميز لهويتها الإبداعية الرحبة، وسفر جديد لدار الشعر بمراكش الى المناطق البعيدة والهوامش، في استعادة لحميمية التظاهرات الثقافية القريبة من الوجدان الشعبي المغربي.
طنجة الأدبية