صدر للأديب المغربي أبو الخير الناصري كتاب جديد عنوانه “فتر وشبر”، متضمنا مجموعة من الرحلات التي قام بها داخل المغرب، وهي ست رحلات ترتيبها في الكتاب كالآتي:
1- رحلة إلى مولاي عبد السلام بن مشيش.
2- رحلة إلى القصر الكبير.
3- رحلة إلى تطوان.
4- رحلة إلى الرباط.
5- رحلة إلى شفشاون.
6- رحلة ثانية إلى شفشاون.
في إضاءة مركزة لعنوان الكتاب ومحتوياته يقول مؤلفه:
«قال أهل اللغة: “الفِتْرُ: ما بَيْنَ طَرَفِ الإبْهامِ وطَرَفِ السَّبّابَةِ إذا فتَحْتَهُما. والشِّبْرُ: ما بَيْنَ طَرَفَي الخِنْصَر والإبهام بالتَّفريجِ الـمُعْتادِ”.
وبينَ دَفَتَي هذا الكتابِ أَفتارٌ وأشبارٌ مَشَيْتُها في أرضِ اللهِ غيرَ بَعيدٍ عَنْ أصيلا التي منها انْطَلَقتُ، وإليها رَجَعتُ في كل رحْلَةٍ من هذهِ الرحلات..
أحيانا تَكونُ الرحلةُ فِتْراً في الأرضِ شِبْراً في النَّفسِ، وأحياناً شِبْراً في الأرضِ فِتْراً في النَّفسِ..ودَوْماً تكون سَفراً في الذَّاتِ الكاتبَةِ…» (ص05).
نقرأ من أجواء إحدى رحلات الكتاب: «عَجِبْنا معاً لاتِّصالهِ اللحظةَ، وقلتُ بداخلي: سُبْحانَ الله! كأنَّه على عِلْمٍ بمجيئي اليومَ ووُصولي إلى المدينة، لكني انتَقَلتُ سريعا من الدَّهْشَةِ إلى الأُلْفَةِ وأنا أردِّدُ في أعماقي: قدّرَ الله وما شاءَ فَعَلَ، محمدٌ أخي، ولعلَّ تَراسُلاً روحيا حَدَثَ بيننا، فكانَ اتِّصالُه مُوافِقاً للَحَظاتِ قُدومي إلى شفشاون.
تَواعَدْنا على اللِّقاء بَعْدَ صَلاةِ العَصْرِ، وتناولتُ وَجْبَتي، ثمَّ عُدْتُ إلى غرفة “مْهاني” – ولعلَّ أصْلَها أمُّ هانئ – لأستريحَ قَليلا قَبْلَ لقاء أخي الحبيب.
حدَّثتني نَفْسي بالنَّوْم، لكني آثَرْتُ أن أُطِلّ من شُرفَةِ غرفتي على جانبٍ من جبال المدينة وقد بلَّلَتْها قَطَراتٌ قليلةٌ مُبارَكة، أنظرُ إلى الجبال الـمُبْتلَّةِ وإلى عِشْقي لهذهِ المدينة فأذكُرُ قولَ الشاعر:
وإني لتَعْروني لذِكراك هَزَّةٌ كما انْتَفَضَ العُصْفورُ بلّلَهُ القَطْرُ
وأتساءلُ: هل أنا عصفورٌ؟ هل أنا عاشقٌ للمدينة؟ هل أمطرتِ السماءُ قليلا ليَكْتَمِلَ مَشهَدُ العصفور الذي انتَفضَ وحَرَّكَ جناحَيْهِ عند سُقوط القَطر وهو الـمُعادِلُ الشِّعْريُّ للعاشق الذي تنتَفِضُ نفسُه وتَنْطلِقُ عند ذِكْرِ حَبيبَتِه!؟
– “حسْبُك خَيالا أبا الخير، واسْتَجِبْ قليلا لندائي!”
هكذا يُناديني النَّوْمُ وهو يُراودُني عَنْ نَفسي، لكني ألحُّ على النَّظَرِ من شُرفة الغرفة إلى الجَبَلِ وأنا أردِّدُ في أعماقي شطرا مما غَنَّتهُ أمُّ كلثومٍ رحمها الله: “فما أطالَ النَّومُ عُمراً”. وأبْعِدُ عن ذِهْني الشطرَ الثانيَ لأن وقتَ السَّهَر لَمْ يَحِنْ بَعْدُ« (ص159- 160).
صدر هذا الكتاب الواقع في 185 صفحة من القطع المتوسط عن مطبعة الخليج العربي بتطوان، وتزين غلافه لوحة للتشكيلي محمد العربي المسناني.
طنجة الأدبية