صدر حديثاً عن منشورات المتوسط-إيطاليا، كتاب جديد للكاتب الفرنسي گي دوموبسان (1850-1893) بترجمة القاص والروائي الدكتور أحمد المديني.
كاتب ومترجم كبيران يصحبان القارئ العربي عبر هذه المجموعة ليتعرف على قصص من نوع مختلف، ذات محتوى ونزوع من طراز خاص، غير المعهود عند كاتبها گي دوموبسان، أحدُ كبار الأدباء الفرنسيين في منتصف القرن التاسع عشر وإلى نهايته، وأساتذتهم في الرواية، ومعلمٌ أوّل للقصة القصيرة، بصفة خاصة. لا يصح لأيِّ قارئ، دارس أو هاوٍ، لهذا الفن الأخير، أن يستغنيَ عن نصوص موبسان، أو المرور بها مرّ الكرام، لأنها رائدة، مؤسِّسةٌ له وتُعلِّم أصولَه، مطورة ٌ ومجددةٌ فيه. لا عجب أن صيتها على هذا الأساس تجاوز حدود الأدب الفرنسي ليمتد إلى آداب أمم أخرى، لتؤثر فيها، وتصبح مَعْلماً ومرجعاً لتراث هذا النوع الأدبي الصّارم.
المقدمة الكريمة التي وضعها لنا الدكتور أحمد المديني التي جاءت بعنوان (موبسان: مُعلّم الفانتاستيك الجديد) ما هي إلا دراسة معمقة ومطولة ستكشف لنا أهمية هذا الكاتب ومقامه بين صناع أدب القصة القصيرة على مستوى العالم. يقول المديني:
“إن هو إلا غيض من فيض إبداع وحياة موبسان ما ألمعنا إليه في هذه المقدمة على سبيل التذكير، وتمهيداً لما نراه ألصق بهذا الكتاب. إذ لا يُعذَر دارسٌ للأدب الحديث وقارئٌ مهتم بعدم معرفة من يعد مُعلِّما آخرَ للقصة القصيرة، وراسماً لسُنن فنًها وبناءِ معمارها ومدار اهتمامها بعد آبائها الأوائل. ألِفنا أن نسمع بأن القصة القصيرة خرجت من (معطف) القاص الروسي غوغول ا (1809-1852) … وأن نعتبر مُجايِلَه في القارة الأمريكية ألان إدغار بو ا (1809-1849) المؤسِّسَ الثاني، الرديفَ لهذا الفن؛ وبعدهما الروسي أيضاً تشيخوف ا (1860-1904) العِمادَ الثالث الذي به شمخ رواقها واستتب، وعند نقاد الأدب الثِّقاة أن البناءَ لهذا الفن كَمُلَ وأصبح ندّاً بلا منازع للرواية ولسانَ حالِ الإنسان، ورسماً لملامح وهيكل المجتمع في أوضاعه المِجهرية وبلغةٍ وبلاغةٍ منتقاةٍ خصوصية، إنما بقلم گي دوموبسان”.
إذن، فإن القارئ لهذا الكتاب، سيكتشف هنا ومعنا في هذه القصص والحكايات فنّاّ آخر، ورؤية مغايرة؛ عالَماً سحرياً بأكمله بتمظهراته الواقعية، ينبض بالحياة والحقائق والمعلومات الثاقبة، وتشخصه لقطات دفينة، خفية، منقولة بالعين، والكلام المُبصر، الشفّاف.
أخيراً، جاء الكتاب في 128 صفحة من القطع الوسط.
طنجة الأدبية