“السراب” مونودراما قصيرة في ربع ساعة، افتتح بها الشاعر والفنان إدريس الطلبي ليلة “شعراء وحكواتيون” في افتتاح ليالي دار الشعر بمراكش الشعرية الخامسة الرمضانية، يوم السبت 1 أبريل الماضي. في تأثيث سينوغرافي جديد لفضاء الدار، حيث تحول لفضاء الفرجة والشعر بما يسمح للجمهور من متابعة العروض والإنصات للشعر والموسيقى، والأهم المشاركة فيها. سخرية لاذعة سوداء، وتهكم من مفارقات مجتمعية وانتصار للكلمة الشعرية في أن تصبو نحو الجمال، بعض من مشهديات الفنان إدريس الطلبي بلباس تلاءم شخصيته، خصوصا بعد مدخل موسيقي للفنانة سعيدة ضياف والفنان محمود العماني أشبه ببرولوج افتتاحي للعرض، والذي وسمه الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، “العرض الشعري – الفني الذي يحتفي بأنماط فنون القول الإبداعي، في ليلة استثنائية بنفس وإخراج جديدين”.
تسلمت الشاعرة والفنانة فاطمة بصور من آخر نفس شعري، للفنان والشاعر إدريس طلبي، ما يفيد في التساؤل بمرارة عن الحال ومآلاته، ثم سارت في دهاليز نصها المليء بالمناداة والأسئلة. الشاعرة والفنانة بصور، وعلى نفس المدار الفضائي، والذي اختار المشاركون في ليلة “شعراء وحكواتيون” أن يعبروا فيه ومن خلاله بتكسير “الجدار” ولو خارج فضاء قاعة المسرح، بإشراك الجمهور والتفاعل معه بل أحيانا يتحول الى نفس آخر للحدث وللشخصية. عادت الفنانة سعيدة ضياف والفنان محمود العماني الى مقاماتهما الموسيقية، بعد إطفاء شمعة اللوحة الأولى، ومعهما تم الانتقال الى اللوحة الثانية من عرض دار الشعر بمراكش بالانتقال الى فن الحلقة وفن النظم.
الحكواتيان حجيبة الأزلية والمصطفى الحنش، وضمن سياق شعري – فني في تواشج لأنماط القول الابداعي وفي تناغم تام مع القصيدة وتعبيراتها الفنية، اختارا من “ريبرتوار” المحكي الشعبي بنفس شعري، مقطعا حواريا يحمل الكثير من الحكم والعبر من خلال تقديم فرجة بنفس واحد، في استدعاء لفضاء آثيري كوني هو فضاءات الفرجة: “جامع الفنا”.. والذي صنفته منظمة اليونسكو (2001) على قائمة التراث العالمي للإنساني. بحضور الحكواتي الفنان عبدالرحيم الأزلية، استطاع خريجي هذه المدرسة الحافظة للذاكرة الفنية والمحكي الشعبي، أن ينسجا من فنون الحكي ومسرح الحكواتي لحظة ثانية من سحرية العرض.
ليلة “شعراء وحكواتيون” نفس جديد من برمجة دار الشعر بمراكش، ضمن افتتاح الطور الثالث من برمجتها الشعرية، ومعها تواصل الدار دينامية الفعل الثقافي باعطاء روح جديدة لاستراتيجيتها والتي تسعى، من خلال حوارية الفنون، أن تكون دار الشعر بمراكش فضاء للشعر وللشعراء. لكن الأهم، في هذه اللحظة الشعرية والفنية، هي إعادة التفكير في تداول القصيدة وإعادة صياغة جماليات تقديمها. وهذه المرة، كان الجمهور مشاركا، لا في التفاعل إنصاتا، بل متلقي ومشارك في نسج تفاصيل هذه اللحظة الإبداعية.
طنجة الأدبية