سير هذا اللقاء الناقد السينمائي أحمد سيجلماسي، الذي أعطى الكلمة في البداية للدكتور حسن بنخلافة، نائب رئيسة جمعية أنديفيلم والمدير العام لمهرجان السينما والإعاقة بالرباط، الذي رحب بالحاضرين وعرف بطبيعة هذا اللقاء وسياقه ومنهجيته والأهداف المتوخاة منه.
بعد ذلك سلطت السيدة لمياء أوسبراهيم، رئيسة مشروع “الشباب أمام وخلف الكاميرا من أجل مجتمع دامج”، الضوء على مضامين هذا المشروع الممتد على مدى أربع سنوات (انطلق في شتنبر 2020 وسينتهي في غشت 2024) والهادف إلى المساهمة في تنمية بزوغ المواهب الفنية وروح المبادرة لدى الشباب وإشراكهم في تعزيز قيم الاحترام والتسامح وثقافة مرحبة بالإعاقة كتنوع، بالإضافة، على الخصوص، إلى تقوية مهارات الشباب وإذكاء الوعي لدى الجهات الفاعلة في المجتمع المدني والمؤسسات العمومية حول النهوض بالأنشطة الإبداعية الفنية والثقافية لدى الشباب.
تلى هاتين الكلمتين التقديميتين تتبع الحاضرين لأربع مداخلات تم من خلالها التعريف بتجارب متنوعة في التعاطي مع الشباب والتلاميذ عبر الأنشطة الفنية والتربوية داخل المؤسسات التعليمية وخارجها. قربت المداخلة الأولى، التي قدمها الدكتور حسن بنخلافة، المشاركين من تجربة جمعية أنديفيلم وأنشطتها المختلفة في مجال تكوين وتأطير التلاميذ داخل بعض المؤسسات التعليمية بغية إنتاج أفلام تحسيسية قصيرة تساهم في تغيير النظرة السلبية للمجتمع تجاه الأشخاص في وضعية إعاقة. أما المداخلة الثانية، بعنوان “الأبعاد التربوية والبيداغوجية لإبداعات التلاميذ في الأنشطة الموازية بمؤسسات التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي: تجربة الثانوية الإعدادية 3 مارس بمداغ نموذجا”، فقد قربنا من خلالها الأستاذ خالد كشاطي، وهو إطار تربوي ومنسق منتدى الإعلام التربوي بالجمعية المغربية للإعلام والإتصال بوجدة وعضو مكتبها المسير، من واقع وإكراهات الأنشطة الفنية والثقافية داخل الأندية التربوية ومردودينها الإيجابية على المستفيدين منها. في حين ركزت المداخلة الثالثة، التي ألقاها الأستاذ عبد العالي الخليطي، على تجربته كمدير فني للمهرجان الوطني للفيلم التربوي بفاس ومدير للملتقى الوطني لسينما الهامش بجرسيف وعضو في المكتب المسير للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب ومشرف حاليا على مؤسسة التفتح الفني والأدبي الأمير عبد القادر بمكناس، على أهمية الأنشطة الفنية في الحياة المدرسية وعلى دور الثقافة السينمائية في الرفع من مستوى التذوق الفني وتنمية الحس النقدي لدى الشباب. أما المداخلة الرابعة، التي ألقاها الأستاذ خالد سلي، مدير المهرجان المغاربي للفيلم بوجدة ورئيس الجمعية المنظمة له “سيني مغرب”، فقد ركزت على ضرورة النظر إلى الفن والثقافة كصناعة مدرة للدخل مع إدماج المواد الفنية في المنظومة التعليمية، بقرار سياسي، لأن هذا هو المدخل الأساسي لتحقيق مشروع ثقافي ناجح في المغرب.
بعد استراحة شاي، انطلقت أشغال مجموعة التفكير، التي أطرها الدكتور بنخلافة، بسؤال جوهري هو: هل تساهم الأنشطة الفنية في بناء شخصية الشباب وتدعم تعلماتهم المدرسية؟
كانت إجابات كل الحاضرين بالإيجاب، الشيء الذي فتح باب النقاش المثمر والغني حول أهمية التربية الفنية ودورها الفعال في تهذيب السلوك والتحسيس بالمسؤولية والتشبع بقيم المواطنة وبالقيم الإنسانية الكونية عموما (التسامح، احترام الآخر المختلف، الإنفتاح…) وغير ذلك. وقد أجمع المتدخلون، كل من موقعه، على كون الأنشطة الفنية والرياضية والثقافية وغيرها تعتبر ضرورية في بناء شخصية الإنسان، خصوصا في مراحل الطفولة والمراهقة والشباب، ولا تتعارض مع باقي التعلمات داخل المدرسة وخارجها، بل تعزز هذه التعلمات وتساهم في إنجاح عمليات التعلم إذا توفرت لها بعض الشروط.
وفي الختام توج هذا اللقاء السادس بالخروج بمجموعة من التوصيات، سينضاف الجديد منها إلى توصيات اللقاءات الخمسة السابقة بكل من الرباط والدار البيضاء وطنجة وكلميم وورزازات واللقاء الأخير القادم بالداخلة. وستشكل كل هذه التوصيات، المنبثقة من لقاءات غطت كل جهات المملكة، جانبا من مضامين المذكرة الترافعية حول تيمة هذا المشروع، المنفذ من طرف جمعية أنديفيلم بدعم من مؤسسة دروسوس (Drosos) وبشراكة مع “أوفتشي لانوسترا فاميليا” وجمعية كاسا لحنينة، التي سيتم تقديمها للجمهور وللسلطات المختصة خلال اللقاء الختامي للمشروع.
تجدر الإشارة في الأخير إلى أن أشغال هذا اللقاء السادس قد تخللتها عروض سمعية بصرية لعينة من أفلام الشباب، أنجزت بتأطير من جمعية أنديفيلم، ولمقاطع من سلسلة وثائقية (أرض البركة) اقترحها وقدمها الصحافي نور الدين رقيب، معد برامج بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ولفيديوهات في الموضوع عزز بها المتدخلون الأربعة ما جاء في مداخلاتهم.
من وجدة: أ.س.