بعد روايته الأولى “زمن العودة إلى واحة الأسياد” 2010 والثانية “أساطير الحالمين” رقميا عام 2015 يعود الكاتب المغربي مع مطلع عام 2023 بإصدار روايته الثالثة موسومة ب”مايا” وهي رواية من القطع المتوسط يبلغ عدد صفحاتها 340 صفحة وغلاف من تصميم الكاتب نفسه.
ويعتبر الكاتب عبده حقي هذه الرواية الجديدة انعطافا نوعيا في مساره الروائي وخروجا من جبة روايتيه السابقتين المتماستين والمتقاطعتين مع سيرته الذاتية في بعض المحطات حيث أن رواية “مايا” تنحاز كليا إلى صنف رواية الأفكار في دائرة الصراع القيمي والإيديولوجي والسياسي …
ومن عتبة الصفحة الأولى من الرواية نقرأ في ملحوظة دالة :
هذه الرواية “مايا” التي شرعت في كتابتها ليلة 11 نونبر 1984 ولا أذكر إلى حدود هذه اللحظة متى أنهيتها ، هي رواية من نسج الخيال ولا علاقة لشخوصها وأحداثها بالواقع.
يخوض بطل الرواية صالح المودن صراعا إيديولوجيا يوميا مع زميله رحال الفيلالي ومع مجتمعه من خلال تجاذباتهما القيمية في قرية تافوكت الذي يرى صالح المودن أن التنظيم العائلي وتحديد النسل وجعله ضمن أولويات حزبه اليساري “التحدي” هو المدخل الرئيسي للرقي بالمجتمع إلى مصاف الدول المتقدمة فيما يرى زميله رحال الفيلالي أن النمو الديموغرافي هو من القيم العقائدية والدينية اليقينية وهو أيضا من الحوافز الطبيعية الأساسية لتكريس التعدد والتنوع الاجتماعي والعدالة بين مختلف طبقات المجتمع .
إن صالح المودن الذي يلقبه سكان دوار تافوكت ب”الشيوعي” ليس سوى نموذجا لذلك المثقف العضوي وذلك اليساري الراديكالي الفاشل على مر العقود أمام إكراهات الواقعية والبراغماتية التي تنزل بثقل مسلماتها في تدبير اليومي عكس طروحات الطوباوية البائدة.
أخيرا وفي إعلان مفاجئ يعتبر الكاتب عبده حقي أن روايته “مايا” هي نقطة نهاية لمساره الإبداعي الأدبي حيث سيقرر الخلود إلى التقاعد من نشر أعماله الأدبية مستقبلا في ظل التحولات الضاغطة في صناعة النشر الرقمي.
طنجة الأدبية