الرئيسيةأخباردار الشعر بمراكش بتنسيق مع بيت الشعر في المغرب وكلية اللغة العربية بمراكش “ذاكرة شعرية” تستعيد تجربة الشاعر أحمد بركات (1960-1994)

دار الشعر بمراكش بتنسيق مع بيت الشعر في المغرب وكلية اللغة العربية بمراكش “ذاكرة شعرية” تستعيد تجربة الشاعر أحمد بركات (1960-1994)

الشراكة الثقافية وإرهاف الذاكرة الشعرية المغربية

أكد الناقد الدكتور عبدالعزيز لحويدق، في كلمته باسم كلية اللغة العربية بمراكش، أن اهتمام دار الشعر بمراكش ضمن استراتيجيتها الانفتاح على الفضاءات الجامعية والاهتمام بالطلبة، هو تجسير فعلي لهذه العلاقة بين المؤسسات الثقافية وفضائها المجتمعي، كما نوه لبلاغة الشراكة والتعاون، والتي تجمع بين دار الشعر بمراكش وكلية اللغة العربية بمراكش وبيت الشعر في المغرب، والتي تتقاطع مع منظور عمادة الكلية في انفتاح الفضاء الجامعي على كافة البرامج الثقافية والفنية والتي تغذي الحاجة لتنمية المعارف.

فيما ذهبت الناقدة والشاعرة لطيفة المسكيني، عضوة المكتب التنفيذي لبيت الشعر في المغرب، الى أن هذه الندوة الوطنية “ذاكرة شعرية” تتجه الى أفق استغوار الأسئلة والقضايا المركزية للشعرية المغربية، في ربط بين بين تاريخ الشعر المغربي وحاضره ومستقبله، كما أن اللقاء يجسد نموذجا خلاقا للشراكة الثقافية الرحبة بين المؤسسات الثلاث، ولعل استدعاء شاعر كبير، الشاعر أحمد بركات(1960-1994)، أصغر الشعراء امتدادا أصيلا وابنا بارا لذاكرتنا الشعرية المغربية والعربية، هو حرص بليغ ومبعث اعتزاز في أحقية هذه الندوة للانفتاح على رؤية شاعر للوجود والحياة.

وتوقف الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، عند هذه اللحظة المعرفية والتي تختتم بها الدار سنة 2022، في العودة للنبش في تاريخ الشعر المغربي عبر نافذة المنجز الشعري للشاعر الاستثنائي أحمد بركات، تجربة شعرية متقدة إرهافا لذاكرتنا الشعرية والثقافية المغربية، كما يأتي هذا اللقاء ضمن سياق احتفاء الدار باليوم العالمي للغة العربية، لترسيخ الوعي بمكانة اللغة العربية ورسالتها المركزية في البناء الحضاري، واستحضارا لدورها الفاعل في ترسيخ التنوع والحوار وإبراز إسهامها المعرفي والفكري والعلمي.

  • “تعال نمطر معا تحت هذه المظلة: نستطيع أن نراك مرة أخرى..”

قدمت فرقة “دار آلة العود” بمراكش، مفتتح ذاكرة شعرية، مقاطع ومقامات موسيقية تناغمت في نسج خيوط هذه اللحظة المعرفية. هذا الفرقة الفنية، والتي أسهت دار الشعر بمراكش في إطلاق مشروعها الفني، تسعى أن تحتضن طاقات واعدة في مجال العزف على آلة لها حضور قوي في “ذاكرتنا” الموسيقية المغربية والعربية.

استهل الناقد الدكتور عبدالعزيز لحويدق، أستاذ التعليم العالي باحث في البلاغة وتحليل الخطاب بكلية اللغة العربية بمراكش، مداخلته بالتأكيد على أن الشعر يظل من الخطابات المتمنعة، بصفته خطابا بالصور حيث المجازات الطافحة في النصوص، ليعرج على مجموعة من المقاربات والرؤى النقدية التي قاربت مفهوم الشعر (لوتمان..). يشير الناقد عبدالعزيز لحويدق أن تجربة بركات الشعرية، هي تجربة برزخية لا تكتمل، إذ ظل في حالة المابين، حتى في رؤيته الشعرية يقف في المنطقة البرزخية، حيث التمفصلات على مستوى الأشكال في كتابته الشعرية. ليعرج الناقد لحويدق، ومن خلال نماذج من منجز بركات الشعري، على حقول دلالية حيث كان البحث المضني عن النهاية المفاجئة، والتشاكل الدلالي بحثا عن واقع أجمل، لذلك احتاج الشاعر أحمد بركات الى لغة جديدة يقاوم بها الواقع المر، حيث تكثيف اللغة.

وسمت الشاعرة والباحثة لطيفة المسكيني ورقتها ب”طعمة حبة اللوز المرة بين حبات اللوز”، حيث لا وطن لليتم ولا أرض تهجر موتاها، احتفاء بالشاعر أحمد بركات هو احتفاء بشاعر “مقيم في الذاكرة”، ذاكرة الشعر المغربي المتقدة. ولعل الإشراف على نتوءات هذا المنجز الشعري، تشير المسكيني، يحتاج لقراءة فيها الكثير من سمات البعد الصوفي، لكن المدخل المهيمن يظل “شعرية الكارثة”/ ذاك الخراب العظيم الذي يراه الشاعر. لقد انتصر الشاعر بركات الى قيم وأشكال الصمود في وجه الكارثة، اعتماد على قاموس شعري مر، وكلمات تستقي حقولها الدلالية من حقل الكارثة. “زلزال” بركات، ترتج فيه الذات، ماهو إلا ألم بواقع وصدع في كل شيء وفي كل القيم التي يؤمن بها الإنسان.

ومن جماليات المجاز الى تكرار الحروف يظل شعر أحمد بركات يعيش بطولته التراجيدية، لذلك تنوه المسكيني، أن المنجز النصي لبركات يحتفي بتيمة الموت والرحيل، حيث الشاعر طيف من أطياف الكلمات سعيا لتحقيق العدالة. حين يتنبأ الشاعر بموته، ويحفر مساره المختلف عن الآخرين، مكرسا فلسفته في الوجود حيث روحه الهائلة، ينتهي الشاعر أحمد بركات كما بدأ: تجربة موغلة في البعد الصوفي.

ذاكرة شعرية لحظة استعادية لأهم التجارب الشعرية الحداثية المغربية، احتفاء بذاكرة شعرية متقدة هي تجربة الشاعر الراحل أحمد بركات، والذي يمثل أحد أهم التجارب الشعرية الحداثية المغربية، والتي فتحت أفقا خاصا للقصيدة المغربية الحديثة. رحل الشاعر أحمد بركات في ذروة العطاء الإبداعي الشعري، بعد صراع مرير مع المرض، لكنه استطاع أن يرسخ، في مرحلة قصيرة من عمره، صوتا شعريا منفلتا عن زمنه. بل أسهم الشاعر حينها، ومن خلال الانتصار لأسئلة التحولات الجديدة في الشعر المغربي الحديث، أن يعمق حضوره في المشهد الشعري المغربي.

دورة رابعة لتقليد ثقافي يربط راهن الشعر المغربي بتاريخه

فقرة “ذاكرة شعرية”، والتي خصصتها دار الشعر بمراكش لتجربة الشاعر الراحل أحمد بركات (1960-1994)، في رهان متواصل من الدار على النبش في ذاكرتنا الشعرية وربط متخيلها الإبداعي براهنها اليوم، من خلال التوقف عند سماتها الخطابية والنقدية. ولعل الانتقال الى مرحلة التوثيق، عند انتظام الدورة الخامسة الموسم القادم، كفيل بترسيخ أهداف هذا التقليد الثقافي والذي يسعى الى الحفر في جغرافيات شعرنا المغربي.

لقد ظلت هذه البرمجة، ومن انطلاقها قبل خمس سنوات، نافذة مفتوحة على شعريات مغربية أغنت المنجز الشعري وقعدت أفقه الإبداعي. وإذا كانت فقرة “تجارب شعرية”، قد لامست سمات تجارب شعرية، من المغرب الراهن الشعري، من خلال الاحتفاء بمنجز الشعراء (أحمد بلحاج آيت وارهام، مليكة العاصمي، محمد بنطلحة، مبارك الراجي، جمال آماش)، فقد خصصت فقرة “ذاكرة شعرية”، والتي أمست تقليدا ثقافيا ضمن التنسيق والتعاون القائم بين دار الشعر بمراكش وكلية اللغة العربية وبيت الشعر في المغرب، نوافذها لاستعادة تجارب رائدة (المعتمد بن عباد، أحمد المجاطي، محمد بن ابراهيم (شاعر الحمراء)، وأحمد بركات) ضمن السعي لإرهاف الذاكرة الثقافية والشعرية المغربية، وربطها براهن وأفق القصيدة المغربية الحديثة.

 

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *