احتفاء بجهودها وحركيتها في المشهد الثقافي والأدبي، استضافت قاعة المركز الثقافي بالقنيطرة، ثلة من المبدعين والباحثين والفنانين والمهتمين بالشأن الثقافي الذين قدموا من مدن مختلفة للاحتفاء بالقاصة والفاعلة الجمعوية فاطمة الزهراء المرابط، في حفل أدبي وفني نظمته المديرية الإقليمية للثقافة بالقنيطرة خلال يوليوز الماضي.
وانطلق الحفل بكلمة القاص المصطفى كليتي، رحب فيها بالمشاركين وبالحضور النوعي الذي أثث فضاء المركز الثقافي، قبل أن يهنئ الأستاذة فاطمة الزهراء المرابط بهذا التكريم المستحق، مستحضرا منجازاتها الأدبية والجمعوية وإسهاماتها في المشهد الثقافي من خلال جمعية “الراصد الوطني للنشر والقراءة” ومجلة “الصقيلة في النقد والإبداع”…
وقد عرف الحفل مشاركة القاص محمد الشايب بشهادة وسمها ب”فاطمة الزهراء المرابط عنوان للتألق” تحدث فيها عن دينامية القاصة فاطمة الزهراء المرابط في الساحة الثقافية والأدبية، ودورها في تشجيع الناشئة على الإبداع من خلال المسابقات التي تشرف عليها، وحضورها القوي في المهرجانات الأدبية التي تحرص على تغطيتها، كما تطرق إلى المحطات الأدبية والإنسانية الذي جمعته بالمحتفى بها في مدن مختلفة.
ولأن الحفل التكريمي يقتضي التعريف بالمنجزات الأدبية للمحتفى بها، شارك الناقد محمد صولة بورقة عنونها بـ”البنيات الدالة في قصص فاطمة الزهراء المرابط المجموعة القصصية “أتراك تشرقين غدا..؟” نموذجا”، تحدث فيها عن مفهوم العنوان باعتباره عتبة كبرى تتأسس على تشييد أفق استقبال النص، ويختزل مقول المتن في دلالة تحتمل إعادة القراءة والتأويل، وبالتالي فهو علامة مفتوحة على عوالم متعددة، ومعرضة للارتياب والشك حسب صيغ الأسلبة، مشيرا إلى أن عنوان المجموعة جاء على مستوى التركيب جملة استفهامية، تضمر نسقا بلاغيا وأسلوبيا مقنعا بآلية الانزياح، كما ركز في ورقته على بنيات دالة ومتنوعة تزخر بها قصص المجموعة والتي تصب جميعها في العلاقة الجدلية بين إشباع رغبة الذات مقابل تحقق تبئير داخلي للموضوع، خاصة على مستوى البنية اللغوية للنص القصصي، مبرزا لغة السرد وهيمنة الضمير المتكلم على المخاطب والغائب، ولغة الوصف إذ ركزت القاصة فاطمة الزهراء المرابط على لغة تشخيصية جمعت بين الوصف الداخلي والخارجي.
واستهل الباحث عز الدين المعتصم مداخلته التي عنونها بـ: “جدلية الألم والأمل في قصص “ماذا تحكي أيها البحر…؟” للقاصة فاطمة الزهراء المرابط” بالحديث عن تيمة الحب وتجلياته في قصص المجموعة، إذ لجأت القاصة إلى رمز الغزل العذري باعتباره أسمى المشاعر الروحية وهي الحب الذي يصبح غاية في ذاته، مشيرا إلى رموز الحب العذري (روميو وجولييت، قيس وليلى). كما تطرق في مداخلته إلى موضوعة الألم (الشكوى، الحرقة، الحيرة، البكاء…) مؤكدا على أن قصص المجموعة تتوزع على عالمين: عالم الواقع وما فيه من ألم، وعالم الخيال وما تتضمنه من أمل (الذي يتجلى بشكل بارز في بعض قصص المجموعة). مختتما مداخلته بضرورة القراءة الخبيرة والمتأنية للمجموعة القصصية “ماذا تحكي أيها البحر…؟” من أجل سبر أغوار القصص واستخلاص مقوماتها الأسلوبية والتفاعل مع موضوعاتها المتباينة.
وعرف الحفل مشاركة الباحث رشيد أمديون بورقة وسمها بـ”تمثلات المرأة في قصص “أتراك تشرقين غدا..؟” للقاصة فاطمة الزهراء المرابط”، رصد فيها تمثلات المرأة في المجموعة القصصية، لكون نصوصها تزخر بصور متعددة استطاعت أن تُعبِّر عن واقع المرأة المعاصر وما يواجهها من تحديات في سبيل فرض وجودها الذاتي كي تحقق توازنا في علاقتها مع الآخر ومع المجتمع. إذ ركز في ورقته على 1- المرأة الباحثة عن الذات، التواقة إلى التخلص من الماضي من أجل ولادة جديدة، و2- المرأة/الزوجة: الجسدُ والأنوثة، إذ أن القاصة فاطمة الزهراء المرابط ترفُض، من خلال شخصياتها القصصية، تلك الصورة التقليدية للمرأة المحاصَرة بسلطة العقلية الذكورية. وفي المقابل تؤمن بصورة المرأة/الزوجة/ الأنثى التي يبادلها الزوج الحب لاستمرارية علاقة الزواج على مستوى من التفاهم والتكافؤ الشعوري والعقلي. 3- المرأة المغتربة: إذ أسهمت قصص المجموعة في رسم صورة المرأة المغتربة الباحثة عن الإنصاف معبرة عن ذلك بالتمرد. 4- المرأة المتمردة الثائرة على تقاليد المجتمع وعاداته.
وفي كلمة بالمناسبة، أعربت القاصة فاطمة الزهراء المرابط عن امتنانها لصناع هذا الحدث التكريمي من منظمين ومشاركين والحضور النوعي المكون من المبدعين والباحثين والفنانين والمهتمين بالشأن الثقافي، كما خصت أسرتها وزملاءها في “الراصد الوطني للنشر والقراءة” بشكر خاص.
وتخللت فقرات الحفل معزوفات موسيقية من أداء الفنان حبيب كرم على آلة العود، مع وصلة غنائية للفنانة فاطمة حداد. ما شكل إضافة نوعية للحفل الذي جمع بين الكلمة والنقد والفن. وقد حظيت المحتفى بها القاصة فاطمة الزهراء المرابط، بهدايا رمزية يتخللها عبير الورد والفن والمحبة، كما حظيت بشواهد تكريمية وتذكارات من طرف أسرتها وإطارها “الراصد الوطني للنشر والقراءة” قبل أن يختتم الحفل في جو حميمي على إيقاع الصور التذكارية.
طنجة الأدبية