مصادفة جميلة أن يتم بالرباط مساء الجمعة 22 يوليوز الجاري تنظيم العرض ما قبل الأول للفيلم الجديد للمبدع حكيم بلعباس “لو كان يطيحو لحيوط” بقاعة “سيني أطلس كوليزي” (شارع محمد الخامس) ابتداء من الساعة 19، وبعد ذلك مباشرة تنطلق عروض وأنشطة الدورة 11 لليلة البيضاء للسينما وحقوق الإنسان حول موضوع “السينما وحقوق الأسرة” في فضاءات المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، المفتوحة وغير المفتوحة، ليلة الجمعة 22 يوليوز 2022 ابتداء من الثامنة والنصف بأول عرض عمومي للفيلم الروائي الطويل لمحمد مفتكر “خريف التفاح” في الفضاء المفتوح بباب المكتبة الوطنية للمملكة المغربية.
فيما يلي ورقة تعرف بحكيم بلعباس وسينماه بمناسبة العرض ما قبل الأول لفيلمه “لو كان يطيحو لحيوط”، بالدار البيضاء (ميكاراما- 20 يوليوز- الساعة 19 و30 دقيقة) والرباط (سيني أطلس- 22 يوليوز- الساعة 19):
من هو حكيم بلعباس؟
حكيم بلعباس مخرج وكاتب سيناريو وموضب مغربي من مواليد أبي الجعد (بجعد) يوم 20 فبراير 1961. حاصل على إجازة في الأدب الأنجليزي والأمريكي من كلية الأداب بالرباط، درس السينما بليون (فرنسا) ثم بشيكاغو (الولايات المتحدة الأمريكية) حيث حصل من “كولومبيا كوليدج” على شهادة الماستر في الفنون الجميلة تخصص سينما. يعيش حاليا بشيكاغو ويشتغل كأستاذ للسينما بمدرسة للفنون بها.
تشرب حكيم عشق السينما من القاعة التي كان يملكها والده بمدينة “بجعد” وذلك عبر مشاهدة عينات مختلفة من الأفلام التي كان عرضها سائدا بالسوق السينمائية المغربية في الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي بشكل خاص (أفلام الحركة والمغامرات الأمريكية والأروبية، أفلام الميلودراما الهندية والمصرية، الأفلام البوليسية والإستعراضية والتاريخية وغيرها …). كما تقرب من آليات وتقنيات العرض السينمائي وعلب الأفلام (من مقاس 35 ملم) وغير ذلك من خلال احتكاكه شبه اليومي بمشغل آلة العرض بقاعة والده .
وعندما التحق بجامعة الرباط لدراسة الأدب الأنجليزي كان يراوده حلم التخصص في السينما مستقبلا، وذلك لممارسة الكتابة بالكاميرا والتوثيق بالصورة والصوت للحياة اليومية لأسرته الممتدة (من الأب والأم والأخوات والإخوان إلى الأحفاد والحفيدات) أولا، ولجوانب من حياة الناس البسطاء والمهمشين وبعض عاداتهم وقيمهم وطقوسهم وممارساتهم الإجتماعية وغيرها التي أصبحت تندثر شيئا فشيئا بسبب التحولات الكبرى التي شهدها المجتمع المغربي والمجتمع البشري عموما في العقود الأخيرة.
انطلقت تجربته في الإخراج منذ منتصف التسعينات من القرن العشرين بأفلام قصيرة أولا، تلتها تباعا سلسلة من الأفلام الطويلة حاول من خلالها أن ينقل إلى شاشة السينما والتلفزيون جوانب من الحياة الحقيقية للناس بأسلوب سينمائي لا يخلو من شاعرية وروحانية، يتداخل فيه البعدان الروائي والوثائقي ويطغى أحدهما على الآخر بدرجات متفاوتة من فيلم لآخر.
تتكون فيلموغرافيته لحد الآن من العناوين التالية: “لوكان يطيحو لحيوط” (2021)، “عرق الشتا” (2016)، “ثقل الظل” (2015)، “محاولة فاشلة لتعريف الحب” (2012)، “شي غادي وشي جاي” (2011)، “أشلاء” (2010)، سلسلة “وجوه” (2009)، سلسلة “هذه الأيادي” أو “حرفة بوك حيت غلبوك” (2008)، ” علاش ألبحر” (2006)، “خيط الروح” (2003)، “ثلاث ملائكة بأجنحة منكسرة” (2002)، “همسات” (2001)، “راعي وبندقية” (1998)، “دائما على استعداد” (1997)، “عش في القيض” (1996).
يعتبر بلعباس من السينمائيين المغاربة القلائل الذين لهم بصمتهم الخاصة، فهو يمارس التجريب في أفلامه اعتمادا على الحدس بالأساس، إذ ينطلق من ذاته ويمزج بين الروائي والوثائقي، مكسرا بذلك الحدود الكلاسيكية للكتابة السينمائية (سيناريو، تقطيع تقني، تصوير…)، ويصنع أفلامه على طاولة المونطاج وليس انطلاقا من سيناريو جاهز.
يصعب تصنيف أفلامه، المعروفة بشكل خاص عند النخبة المثقفة سينمائيا، رغم بساطتها وعمقها الإنساني (السهل الممتنع)، فحكاياتها تتمحور حول البسطاء من الناس ويعتمد في تصوير لقطاتها ومشاهدها على أشخاص عاديين، خصوصا في أفلامه التي يطغى فيها الطابع الوثائقي، الشيء الذي يضفي عليها نفحات من التلقائية والعفوية ويجعل خطابها صادقا بدرجة كبيرة. كما يعتمد في أفلامه ذات المنحى الروائي على ممثلين غير محترفين إلى جانب ممثلين لهم تجارب معينة في المسرح والسينما والتلفزيون، “يتواطؤ” معهم فنيا وإنسانيا ليترجموا بصدق وتلقائية، عبر تشخيصهم للأدوار المختلفة، جملة من الأحاسيس والمشاعر والمواقف الإنسانية النبيلة، ويعكسوا بفنية عالية جوانب من معاناة الإنسان الأبدية وتساؤلاته المستمرة وقلقه الوجودي وتطلعاته لحياة أفضل.
كتبت ونشرت عن أفلامه وتجربته السينمائية عموما العديد من المقالات والدراسات، وصدر عن سينماه كتابان جماعيان هما: “حكيم بلعباس.. مشروع سينما جديدة” (2014)، من إصدارات الجمعية المغربية لنقاد السينما، و”سينما حكيم بلعباس.. اللامفكر فيه وهوية الإختلاف” (2017)، من منشورات جمعية القبس للسينما والثقافة بالرشيدية.
أحمد سيجلماسي