احتضنت مكتبة المركب الثقافي بالناظور يومه الأحد 15 ماي 2022، حفل توقيع وتقديم مسرحية “أمشوم” للكاتب “تيرانس أفر”، والتي ترجمها الأستاذ عبد المجيد بنحمادي إلى اللغة الأمازيغية. هذا الحفل الذي نظمته جمعية أمزيان بتنسيق مع المديرية الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع الثقافة- بجهة الشرق، ومركز أموسيغ للترجمة من وإلى الأمازيغية، عرف نجاحا باهرا وحضورا لافتا لمختلف الفعاليات الثقافية والفنية، بالإضافة إلى الأساتذة والطلبة والباحثين والمهتمين بالحقل الثقافي الأمازيغي.
تناول الكلمة في البداية، السيد مراد المتوكل، بصفته نائب الكاتب العام لمركز أموسيغ للترجمة، حيث قدم ورقة تعريفية مفصلة على المركز، مبرزا أهم أهدافه واهتماماته المنصبة على دعم الترجمة من وإلى الأمازيغية، بالشكل الذي يغني المكتبة الأمازيغية ويعطي دفعة قوية للأمازيغية لغة وثقافة.
ومن جانبه، وقف المترجم عبد المجيد بنحمادي عند أهمية الترجمة، خصوصا ترجمة النصوص المسرحية في ضوء الندرة التي تعرفها الساحة الثقافية الأمازيغية في الريف في هذا الجانب، مبرزا أن الترجمة من شأنها أن تغني اللغة الأمازيغية، وتحدث التراكم المنشود الذي يجيب على تطلعات الباحثين في هذا الشأن، كما تعد خطوة لتكريس الطابع الكتابي للأمازيغية بالانفتاح على النصوص العالمية والنهل من أفكارها وأساليبها، وقف صاحب الترجمة كذلك عند الكاتب الأصلي، حياته، أصله، منشأه، وأعماله، حيث كانت مناسبة ليعرف الحضور أن صاحب الكتاب الأصلي “تيرانس” أمازيغي، كتب باللاتينية، عاش في القرن الثاني قبل الميلاد، وترجمت مسرحياته إلى العديد من اللغات. وبهذه الترجمة، يكون بنحمادي قد أعاد نص تيرانس إلى لغته، أي اللغة الأم لتيرانس التي كان يفكر بها، والحاضنة لثقافته وأحاسيسه. وجدير بالذكر أن عبد المجيد بنحمادي سبق له وأصدر باكورة أعماله في ميدان الترجمة، والتي تتعلق بمسرحية “تاظكوالت” (الحماة) لنفس الكاتب.
وفي مداخلة مطولة، وقف الدكتور سليمان البغدادي بالتحليل والتدقيق والقراءة التي تطبعها الرزانة وتسلسل الأفكار، مبرزا أهم نقاط القوة في الترجمة التي أنجزها عبد المجيد بنحمادي في الكتاب المحتفى به، مع إبراز الجوانب الإبداعية خصوصا حيال استطاعته التغلب على مجموعة من الصعاب كالكفاف المعجمي، والذي إلتجأ المترجم لتجاوزه، إلى استبدال المصطلحات بعبارات مسكوكة تارة، أو إلى الكلمات المولَّدة.
مداخلة الدكتور سليمان البغدادي كانت غنية، أماط فيها اللثام عن مختلف الجوانب اللغوية والأسلوبية، وعن نهج المترجم الذي انطلق من نص ليصل إلى نص محافظ على روح النص الأول، لكن بأسلوب أدبي وفني لا يخرج عن دائرة اللغة الهدف ونظامها. حيث تحدث في هذا الصدد عن عبقرية المترجم في ترجمته للعنوان ترجمة تحافظ على المعنى الأصلي، وتنصهر في اللغة الأمازيغية المترجم إليه، بحكم أن “أمشوم” هي عبارة حمالة أوجه في الثقافة الأمازيغية، وهو اختيار يجعل القارئ أيضا ينجذب وراء العنوان ليعرف الحمولة الدلالية التي يحملها العنوان المختار للنص. فضلا عن ذلك، تطرق البغدادي إلى ترجمة أسماء الأعلام التي حاول المترجم أن يكيفها مع النطق الأمازيغي.
هذا، وبمناسبة اليوم العالمي للمسرح الذي تكرس بفضل الرسالة الملكية التي وجهها الحسن الثاني إلى المناظرة الوطنية الأولى حول المسرح الاحترافي في نفس التاريخ من سنة 1992، وبهذه المناسبة ونظرا لما لهذا الحدث من أهمية ثقافية، فإن جمعية أمزيان بالناظور، من خلال حفل توقيع مسرحية “أمشوم”، تتقدم بجزيل الشكر إلى كل من السيد منتصر لوكيلي المدير الجهوي لوزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع الثقافة- بجهة الشرق، وإلى مدير المركب الثقافي السيد مصطفى قالو لمجهوداتهم القيمة ودعمهم الدائم للمسرح الأمازيغي بالناظور.
وفي الأخير تم فسح المجال أمام الحضور في الحفل، فكانت اسهاماتهم وتدخلاتهم واستفساراتهم في مستوى الحدث، أغنت النقاش، في جو من المقارعة الفكرية والحوار الهادف والمفيد، ليختتم هذا الحفل الفني باقتناء النصوص المسرحية المترجمة، وتوقيعها، مع أخذ الصور التذكارية رفقة المترجم.
طنجة الأدبية