صدرت حديثاً عن منشورات “غاليمار” في باريس رواية “حرب” للكاتب الفرنسي الراحل لوي فردينان سيلين (1892-1961).
ويشكّل صدور هذه الرواية حدثاً منتظراً في الأوساط الثقافية الفرنسية والعالمية، منذ أن أعلن الصحافي الثقافي الفرنسي جان بيار تيبودا، قبل عامين، بأنّه يملك مخطوطات سيلين التي سُرقت من شقته في حيّ مونمارتر الباريسي في العام 1945، والمشتملة على حوالى ستة آلاف ورقةٍ مكتوبةٍ بخط يد الكاتب، من ضمنها عدة روايات غير منشورة، شكّل مخطوط رواية “حرب” 250 ورقة منها فقط.
رواية “حرب”: تأريخ واقعي لقتال الجندي سيلين وإصابته
تتضمّن رواية “حرب” الخصائص الأسلوبية التي تميز بها روايات سيلين المعروفة، والتي بلغت ذروتها في روايته الأشهر “رحلة إلى أقاصي الليل”، ومنها الكتابة القريبة من اللغة اليومية أو العامية، والابتكارات اللفظية، والأسلوب السوداوي الساخر والمتمرد، وهي خصائص مهمة مهّدت لحداثةٍ جديدةٍ في الأدب الفرنسي لاحقاً، وجعلت من سيلين موهبة أدبية عالمية، وعلامة أساسية في أدب القرن العشرين.
أما ما يميّز “حرب” عن بقية إنتاج سيلين، فهو أنَّها “تؤرخ بصورةٍ واقعيةٍ لمرحلةٍ مهمّةٍ وحاسمةٍ في حياة سيلين، وهي مرحلة مشاركته كمجنّدٍ في الحرب العالمية الأولى، وهي مرحلةٌ لم يتناولها في أعماله الروائية الأخرى بشكلٍ مباشرٍ ومستفيضٍ”، بحسب ما يقول الباحث المتخصص في أعمال سيلين، باسكال فوشي.
ويوضح الأكاديمي الفرنسي الذي شارك في تحرير المخطوط، وكتب تقديماً للرواية الجديدة بتكليفٍ من دار “غاليمار” أنَّه “في هذه الرواية نكتشف الجندي فردينان الذي يستيقظ جريحاً في ساحة الحرب، ويُدرك أنَّ الجميع ماتوا من حوله، ليتمَّ نقله بعد ذلك إلى المستشفى لتلقّي العلاج”.
ويتابع فوشي أنّه “على الرغم من أنّه طريح الفراش داخل المستشفى، فإنّ الجندي المصاب يظلّ يسمع أصوات الانفجارات والقصف من بعيد، فالحرب أصبحت مستوطنة داخل رأسه، بحسب ما يشير الراوي”.
تجدر الإشارة إلى أنَّ سيلين شارك في الحرب العالمية الأولى وتعرّض لإصابةٍ فعلاً. أما خلال الحرب العالمية الثانية فقد ساند نظام فيشي المتواطئ مع النظام النازي، مما دفعه في نهاية هذه الحرب إلى الخروج من فرنسا متوجّهاً إلى ألمانيا ثم الدنمارك، قبل أن يعود إلى فرنسا التي توفّي فيها في العام 1961.