مبدعة تترك بصمتها أينما حلت ورحلت، بابتسامتها وكلماتها الدافئة التي تعبر عن الكثير من الاعتزاز بتجربتها القيمة في مجالات الكتابة والإعلام والفعل الجمعوي والنشر، وهي اهتمامات نادرا ما تجتمع لدى امرأة واحدة، لكن فاطمة الزهراء المرابط التي عهدناها صديقة المبدعين، تتنقل مثل نحلة بين المحافل والتظاهرات الأدبية محليا وجهويا ووطنيا، سمعتها الطيبة تسبقها، ولأنها الشغوفة بالكتاب لم تفوت فرصة تسجيل حضورها وحضور “الراصد الوطني للنشر والقراءة” في عيد الكتاب بتطوان الذي افتتح مساء يوم الجمعة 25 مارس 2022، بساحة العمالة، ومن أجل التعرف على تجربتها في النشر اقتنصنا من وقتها هذه الدردشة السريعة.
س. فاطمة الزهراء المرابط، قاصة، وصحفية، وفاعلة جمعوية، وناشرة، استطاعت بمجهودات ذاتية أن تبصم اسمها في المشهد الثقافي، فمن هي فاطمة الزهراء المرابط، وما هو سر هذا النجاح الذي تتميزين به؟ وكيف توفقين بين الاهتمامات المختلفة.
ج. فاطمة الزهراء المرابط، امرأة تبحث لها عن زاوية في هذا العالم الشاسع.. بخطى بطيئة قد توصلني إلى هدفي يوما، أمارس أنشطتي بكل حب ودفء، وقد يكون هذا سر النجاح الذي أشرت إليه، مع أن كلمة النجاح كبيرة نوعا ما على تجربتي المتواضعة. أما عن التوفيق، فكل الاهتمامات المشار إليها أعلاه مترابطة فيما بينها، إذ أعتبر كل مجال امتدادا للآخر، لأجدني في نهاية المطاف وسط حديقة غنية برحيق الإبداع، ويظل التحدي هو السبيل الأوحد لكل نجاح.
س. تشرفين على جمعية “الراصد الوطني للنشر والقراءة” التي صارت تنافس دور النشر الآن في صناعة الكتاب، كيف انطلقت فكرة النشر؟ وما هو الجديد الذي أتى به الراصد في هذا المجال؟
ج. جاءت الفكرة بعد سنة من تأسيس “رونق”، من لدن الأعضاء الفاعلين فيه من المبدعين الذين اكتووا من واقع النشر وما يعرفه من عراقيل وصعوبات، على رأسها إكراهات التوزيع، والترويج الإعلامي للكتاب، والعزوف على القراءة -الذي نعلمه جميعا-، فحاولنا بجهودنا المتواضعة تأسيس تجربتنا الخاصة، فتمكنا من خلالها ملء بعض الثغرات التي يعاني منها النشر بالمغرب، على رأسها تعيين لجنة قراءة مختصة في عدة مجالات، وهذا العامل من شأنه الرفع من منسوب القراءة، وكذا خوض تجربة الاتصال المباشر مع المكتبات ونقط البيع والاستغناء عن الموزع، وردم الهوة بين الكاتب والقارئ من خلال عقد لقاءات مباشرة بين الطرفين في مناسبات متعددة، والحرص على حضور منشوراتنا في العديد من المعارض ذات الصلة بالكتاب، إضافة إلى المواكبة النقدية والترويج الإعلامي المرافق لكل إصدار والتعريف به في مختلف الوسائط الإلكترونية المتاحة لدينا، وقد نجحنا إلى حد ما في إبراز تجربتنا في المشهد الثقافي.
س. من الأنشطة الثقافية ذات الصلة بالكتاب (ندوات وحفلات توقيع)، إلى الورشات التكوينية الموجهة للناشئة والسجناء، إلى المشاركة في معارض الكتاب، ماذا تمثل لك وللراصد هذه المسيرة الحافلة؟ وما هو الرهان الذي تم تحقيقه منذ التأسيس؟
ج. هذا التنوع في الأنشطة، والتراكم الذي حققناه طيلة ثمان سنوات من التضحية ونكران الذات، من أجل خدمة الكتاب والثقافة والإبداع والبحث العلمي، بلا شك يشعرنا بالرضى، وبأننا تمكنا من وضع بصمة صغيرة في المشهد الثقافي الكبير، ونأمل أن تكبر بصمتنا مع مرور الزمن.
ويظل الرهان الأكبر الذي حققناه، هو كسب احترام وثقة الكتاب، والقراء، والمؤسسات الرسمية التي نتعامل معها.
س. وأنتم تشاركون في عيد الكتاب بتطوان، ماذا يمثل لكم هذا الحدث؟ وما خصوصية هذا المعرض في نظركم؟
ج. تعد معارض الكتاب محطة ثقافية، لعرض الإصدارات الحديثة، وتحقيق التواصل بين الناشرين ومع الكتاب والقراءة، وقد كنا نطمح دائما إلى المشاركة في عيد الكتاب، الذي يعتبر أقدم معرض بالمغرب موروث من المحتل الإسباني، وهذا في حد ذاته يعبر عن خصوصية هذا المعرض. ومن خصوصياته أيضا أنه حاول توفير شروط المشاركة للناشرين، وأولى عناية كبيرة للتنظيم والمظهر الخارجي لفضاء العرض وما ترافقه من فقرات، كما أنه حرص على دعوة دور نشر مختلفة على عكس ما نلمسه في المعارض الأخرى الجهوية والإقليمية منها.
س. بلا شك أن عيد الكتاب، تظاهرة ثقافية نوعية، فما هو الهدف من المشاركة في المعرض؟
ج. يظل الهدف الأول الذي ننشده من خلال المشاركة في عيد الكتاب هو التواصل مع المبدعين والقراء، والتعريف بإصدارتنا وذلك من خلال عرض باقة متنوعة من أعمالنا القديمة والحديثة، وكذا تنظيم العديد من التوقيعات التي يحتضنها رواقنا طيلة فترة المعرض بمشاركة ثلة من المبدعين المغاربة من الدار البيضاء وطنجة وأصيلة وشفشاون، وسلا، في سياق ردم الهوة بين الكاتب والقارئ وتقريب الكتاب من هذا الأخير.
س. وأنتم تشتغلون على صناعة الكتاب وقد تجاوزتم الآن 80 إصدارا، وهو عدد قليل مقارنة مع سبع سنوات من الاشتغال في حقل نشر الكتاب، فهل هذا يعود إلى عزوف القراء عن الإقبال على منشوراتكم؟ أم هناك سبب آخر؟
ج. العكس هو الصحيح، منشوراتنا تحظى بإقبال كبير، ونتوصل يوميا بعدة طلبات للنشر، خاصة وأننا نكرس مبدأ الجودة في منشوراتنا شكلا ومضمونا، ونحرص على إعادة الاعتبار للكتاب الورقي بمختلف الوسائل المتاحة لدينا. ويرجع سبب تواضع تجربتنا في النشر هو أننا نتوفر على لجنة القراءة، وكلمة اللجنة وحدها كافية لعزوف بعض الكتاب في التعامل معنا، إضافة إلى ثقافة النسخ المحدودة (10 إلى 100 نسخة) التي تنهجها بعض المطبعات السريعة وتلبي حاجيات الكتاب الذين يرغبون في تكريس صورة إصدارتهم في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا الوضع يسيء بشكل كبير إلى مجال صناعة الكتاب.
س. ما هو الشعار الذي ترفعونه في “الراصد الوطني للنشر والقراءة”؟
ج. شعارنا: “الكتاب مسؤوليتنا جميعا” ومن خلاله نطمح إلى إنتاج كتاب يحترم معايير الجودة شكلا ومضمونا، ويحظى باهتمام القارئ، ويسهم في إيصال صوت الكثير من الكتاب المهمشين والمغمورين.
أجرى الحوار: شيماء التوزاني