وتأتي هذه الاحتفالية تتويجا لسلسلة من اللقاءات الثقافية التي شهدتها الدورة الحالية من هذه التظاهرة، فضلا عن توقيع آخر الإصدارات الأدبية والنقدية والفكرية. يتعلق الأمر بدورة جديدة من عيد الكتاب بتطوان، جاءت لتستأنف تقليدا ثقافيا عريقا انطلق منذ أربعينيات القرن الماضي، وشهد مشاركة أشهر الكتاب المغاربة والعرب والأجانب، على مدى ثمانية عقود.
ويظل عيد الكتاب من التظاهرات الدالة على أصالة الممارسة الثقافية في مدينة تطوان، بوصفها واحدة من عواصم الثقافة العربية الحديثة. تشهد على ذلك السجلات الوثائقية الكثيرة والجوائز والتكريمات والمبادرات التي أقيمت خلال الدورات السابقة من هذا العيد العتيد.
لعل هذا المجد الثقافي هو ما يعرضه أمامنا كتاب “تطوان.. إرث وطموحات ومتوسطية”، وهو من الكتب النفيسة الصادرة حديثا عن دار النشر “أكسيون التواصل”، بإدارة وإشراف سفيرة المغرب في إسبانيا كريمة بنيعيش والأستاذ سعد الحصيني. وتتوزع متون الكتاب وصوره على ستة فصول؛ الأول عن تاريخ المدينة، والثاني عن “تطوان والتراث”، وفصل ثالث عن تطوان بوصفها ملتقى الثقافات، ورابع عن الثقافة والفنون في هذه المدينة المبدعة، وخامس عن الصنائع التقليدية، بينما كان الفصل السادس والأخير عن الفضاءات الأثيرة للسياحة والرياضة والترفيه في المدينة.
وكانت دار الشعر بتطوان أحدثَ مؤسسة ثقافية دولية احتفى بها هذا الكتابُ، مؤكدا أن اختيار تطوان لإقامة أول دار للشعر في المغرب إنما جاء “تكريما لهذه المدينة التي شهدت ميلاد الحداثة الشعرية المغربية والعربية، منذ أربعينيات القرن الماضي، مع شعراء وكتاب مغاربة وعرب وإسبان، في طليعتهم الشاعر الإسباني خوان رامون خمينيث، الحائز على جائزة نوبل، والشاعر الإسباني رفائييل ألبيرتي والشاعرة طرينا ميركادير، مؤسسة مجلة “المعتمد” في المغرب، والشاعر المغربي محمد الصباغ ومحمد السرغيني وعبد الكريم الطبال ومحمد البوعناني وإدريس الجاي…، وكبار الكتاب اللبنانيين أمثال جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وبولس سلامة ورياض معلوف… وفدوى طوقان وإبراهيم طوقان من فلسطين، وعيسى الناعوري من الأردن، وفؤاد التكرلي من العراق… مثلما احتفى الكتاب بالفضاء الثقافي والفني الذي يحتضن هذه الاحتفالية، وهو مدرسة الصنائع والفنون الوطنية، مع الوقوف عند المعهد الوطني للفنون الجميلة، بوصفه فضاء مؤسسا للممارسة التشكيلية ودرسها في المغرب، منذ كان مدرسة وطنية. كما يدعونا مؤلفو الكتاب إلى زيارات خاصة تقودنا نحو متاحف المدينة، ومنها إلى التجول بين أزقتها العتيقة وشوارعها الحديثة، وحدائقها العجيبة.