على خلفية الأزمة الأوكرانية، وفي إطار سياسة العقوبات التي ينتهجها الغرب ضد روسيا، أعلنت جامعة بيكوكا الإيطالية إلغاء أحد مناهجها الدراسية عن عملاق الأدب الروسي فيودور دوستويفسكي (1821 – 1881).
ونقلت صحيفة “secoloditalia” الإيطالية عن البروفيسور الإيطالي باولو نوري، إدانته لقرار الجامعة ووصفه إياه بأنه “الثمرة المسمومة لسياسة إلغاء الثقافة التي ينتهجها اليسار، والتي أصبحت تسود حالياً تحت شعارات الخير”.
وقال نوري الذي يدرس منهجاً عن دوستويفسكي إن إلغاء أدب صاحب “الأخوة كارامازوف”، “يعد ضمن الجنون الذي تستمر فيه الجامعات الإيطالية”.
وقالت الصحيفة إن نوري تلقى أمس الثلاثاء رسالة بالبريد الإلكتروني من الجامعة الواقعة في مدينة ميلانو تقول: “عزيزي الأستاذ، أبلغني نائب رئيس الجامعة هذا الصباح بالقرار المتخذ من رئيس الجامعة بتعليق تدريس منهج أدب دوستويفسكي”.
وأضافت الرسالة التي استعرضها البروفيسور نوري عبر حسابه على موقع “إنستغرام”، “الهدف من ذلك هو تجنب أي شكل من أشكال الجدل داخل إيطاليا لأنها لحظة توتر شديد”.
وأوضح نوري أنه كان من المقرر أن يبدأ بتدريس منهج دراسي عن أدب دوستويفسكي بداية من يوم الأربعاء المقبل، مضيفاً: “أنا أتابع ما يحدث في أوكرانيا وأشعر بالرغبة في البكاء لمجرد التفكير فيه، لكن ما يحدث في إيطاليا شيء مضحك، ففرض رقابة على منهج دراسي أمر يثير السخرية”.
وأوضح: “حالياً إيطاليا تعتبر ليس فقط وجود روس أحياء على أراضيها ذنباً، بل الروس الموتى كذلك، فبعد أن حكم على دوستويفسكي بالإعدام عام 1849 لأنه قرأ شيئاً ممنوعاً آنذاك، تأتي جامعة إيطالية لتحظر منهجاً دراسياً عن مؤلف مثل دوستويفسكي، إنه أمر لا أصدقه”.
وتسبب قرار الجامعة في رد فعل عنيف من قبل العديد من المثقفين الإيطاليين، حيث علّق بيار برساني، الذي شغل عدداً من المناصب الحكومية على قرار الجامعة قائلاً: “هل ألغوا دورة دوستويفسكي بسبب “رقة ” اللحظة؟ ما هذه ، مزحة؟”.
كما تحدث الكاتب أليساندرو روبيتشي بقسوة أكبر حيث قال: “إن فرض الرقابة على كاتب مات منذ 150 عاماً وفرض الرقابة على كاتب حيّ هو عار لا يُصدق، وسيبقى إلى الأبد في تاريخ الجامعة”.
وفي حين اتخذت الجامعة الإيطالية هذا القرار الغريب، لا بد من التذكير بالمكانة التي يحظى بها دوستويفسكي في إيطاليا وخاصة في فلورنسا.
فقد أزيح الستار في ديسمبر 2021 عن تمثال برونزي لدوستويفسكي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاده، ويبلغ ارتفاعه مع قاعدته نحو 3 أمتار حيث يقف دوستويفسكي ويداه متصالبتان على صدره، ممسكاً بيده رواية “الأبله”، وعند قدميْه أغلال مكسورة.
وكرمت فلورنسا الاديب الروسي الذي عاش فيها في آب/أغسطس عام 1862، وفي الفترة ما بين كانون الأول/ديسمبر عام 1868 وآب/أغسطس عام 1869،حيث انبهر الكاتب الكلاسيكي الروسي بإيطاليا، وعلى وجه الخصوص بعاصمة منطقة توسكانا التي زارها في كانون الثاني/يناير 1869 لينهي فيها إحدى أشهر رواياته (الأبله).
ويعتبر صاحب “المساكين” و”المقامر” و”الأبله” و”الجريمة والعقاب” وغيرها، من أحد أعظم النفسانيين في الأدب العالمي، وهو أحد مؤسّسي الرواية النفسية والمذهب الوجودي، حيث تعتبر روايته القصيرة ” الإنسان الصرصار ” أولى الأعمال في هذا التيار.
عبّر دوستويفسكي عن أفكاره الفلسفية والدينية والنفسية من خلال كتاباته، وتتناول قصصه مواضيع مثل الانتحار والفقر والخداع والأخلاق، وأظهرت أعماله نواحي تكوين المجتمع الروسي في القرن التاسع عشر. وامتاز أسلوب دوستويفسكي بتعدّد الرّواة والأصوات في الرواية الواحدة.
طنجة الأدبية-وكالات