كثيراً ما يلتفت القارئ العربي إلى الأعمال الأدبية التي تتصدر الجوائز العربية، على اعتبار أنها الأفضل والأجدر بالقراءة؛ ويصبح الروائي أو القاص أو حتى الشاعر المتأهل للقوائم الطويلة أو القصيرة معروفاً.
وإن تأهل أي عمل أدبي لتلك القوائم يجب أن يكون عملاً متميزاً، ولكن ليس بالضرورة أن يكون الأجود والأفضل والأكثر إبهاراً، حيث أن هناك عوامل كثيرة تدخل في تأهل العمل من عدمه. أولها اقتناع الناشر بترشيح العمل وربما تتدخل العلاقة الشخصية، وثانيها أن هناك دور نشر لا يُسمح لها بترشيح أكثر من عمل؛ الأمر الذي يحرم أعمالاً أخرى من المشاركة صدرت عن ذات الدار، بالإضافة إلى تكاليف الشحن في بعض الجوائز التي يحق للأديب المشاركة فيها بشكل فردي، فالكاتب العربي موجوع بالفقر، ولا يكاد يجد الفتات، وانفاق المال في بريد سريع مكلف، مثل غزة التي يتعسر فيها التواصل بين غزة وبلدان العالم بسبب الحصار، وكل شيء فيها مكلف للغاية، في مقابل الفقر الشديد.
أيضاً، تتدخل الولاءات والأيديولوجيات والأفكار والمواقف السياسية في مسار الفوز، حيث إن المسابقات العربية تضع ضمن شروطها ما يعمد إلى تحجيم أفكار الكاتب، كعدم الإساءة للدول أو الأديان أو المذاهب، ويمكن من خلال هذا الشرط استبعاد أي عمل لا يروق للجنة الحكم.
أمر آخر مهم جداً، هو الذائقة الأدبية التي تختلف من شخص لآخر، فالنسبية قائمة بقوة، لذا ليس بالضرورة أن ما يروق للجنة الحكم هو العمل الذي قد يروق للقراء أو العكس؛ وما يروق لعضو داخل اللجنة قد لا يروق لرئيس اللجنة، وقد يحدث مجاملات أو تساهل لتتميم الأمر.
ثم إن المناطقية تلعب دوراً في ترشيح الأعمال أو تأهلها إلى القوائم الطويلة والقصيرة، حيث يمكن الاستغناء عن عدد من الأعمال المرشحة من ذات الدولة لصالح أعمال أقل جودة من أجل صعود دول أخرى.
وأخيراً، لا يمكن اغفال مجاملات بعض اللجان لصالح دور النشر أحياناً ولصالح بعض الكتاب والأدباء أيضاً، فالفوز قد يأتي مرتبطاً باسم الكاتب أكثر منه العمل الأدبي.
باختصار، عدم الفوز أو الترشح لا يعني بالضرورة ضعف الأعمال الأدبية الصادرة في ذات العام، كذلك الفوز والترشح لا يعني الأفضلية.. وإنما الحظ أو الظروف أو ما أسلفت ذكره، مع عدم انكار جودة كل ما يصل إلى القوائم القصيرة.
وكل التوفيق لأدبنا العربي وللمسابقات والجوائز التي تسعى -مهما اتفقنا او اختلفنا معها- أن تعيد الاعتبار للثقافة والأدب العربي.
يسري الغول-الجزائر