تحت عنوان: “استبطان، سفر الفن التخييلي الروسي بعيون فنان مغربي” احتضن المركز الثقافي الروسي بالرباط حفل افتتاح المعرض التشكيلي الجديد للفنان عبد السلام الفقير مساء يوم الخميس الماضي، بحضور نخبة من الفنانين والمبدعين وعشاق التشكيل ورجال الإعلام.
حفل افتتاح المعرض الذي سيستمر إلى يوم 30 يناير الجاري، عرف حضورا متميزا اختار التأمل في عوالم اللوحات المعروضة للتمتع بجمالياتها ومحاولة فك شفرات أسرارها من طرف جمهور متنوع ومتذوق. فسر اللوحة عند الفنان عبد السلام الفقير كما يقول القاص والناقد محمد صولة، يكمن في علاماتها الفارقة، وشكلها الذي قد يظهر مبهما للوهلة الأولى يتضح في تماثلات الكتل والأحجام، وفي الضوء واحتمائه بنسغ ظله، وفي اللون ومدى تأثيراته الأسلوبية في نمط الحياة، لهاذا فاللوحة قد تتعدد مخاييلها واستيهاماتها، بحيث إن مرجعية الأثر البدئي هي خير ما يترجم أس البذرة الأولى، التي يحتفي بها كبار الفنانين المبدعين، خاصة في المختبر التشكيلي، النابع من مهاوي وأجراف فضاءات المنحوتات والمنسوجات والجداريات، وكل ما يمكنه أن يستوعب التركيب الفيزيائي للنسق الضوئي على بساط القماش، هكذا يتحول الكائن المنظور إلى أنموذج رهيب، تتفاعل معه البنية الهندسية بشتى تلاوينها الظليلة، وزخرفها المكابر لعنفوان الحشود المدمرة للكينونة والأبدية. فالفنان عبد السلام الفقير يحتفي في لوحاته بتجريد عناصر الكون اللامرئي من لبوس بدائل اليقين والمطلق، إذ ترصد فرشاة فراسته اللونية مخططات الهيئات اللامتوقعة، كأن يكتفي باستبدال ما هو طبيعي نمطي بما وراء طبيعي مراوغ، حيث تتقتر الألوان في صبيبها أمام ندرة الاشتغال على التصويري في محراب هيكل متعبد، أو برزخ متعال، وبما أن المادة على القماش تتحقق من إرغامات الإعادة والتشييد، فإنها تبني تيمتها من وحي الوعي بالعين المقرونة بالرؤيا، والمستهدفة للغامض من الإحساس الانطباعي والممسوس بحدوس العناصر الواقعية، ولهذا تتجذر طقوس كثرة التحابك بين اللون والشكل والحجم و الكتلـة، الشيء الذي يجعل من اللوحة خلية مثيرة وحية، تتمثل تغيرات الحياة في أبعادها الكلية.
طنجة الأدبية