استضافت دار الشعر في تطوان الشاعر والزجال المغربي المقيم في فرنسا ميمون غازي، ضمن فقرة “شاعر في المهجر”، التي تقيمها الدار خلال فصل الصيف. وكانت الدورة الأولى قد استضافت الشاعر طه عدنان، بينما استضافت الدورة الثانية الشاعر والروائي العالمي الطاهر بنجلون.
وقدم رئيس بيت الشعر في المغرب الشاعر مراد القادري هذا اللقاء انطلاقا من “رباعيات الغازي”، وهي أربعة دواوين شعرية زجلية تؤشر، حسبه، على صوت شعري مدرك للعبة الكتابة بالعامية المغربية ورهاناتها الفنية والجمالية، بعيدا عن موجة الاستسهال التي طغت عليها في الآونة الأخيرة، وأثمرت الكثير من الشعراء والقليل من الشعر”.
ويرى القادري أن تجربة الشاعر ميمون غازي إنما هي “تجربة خاصة، يختلف عالمها كليا عن عوالم شعراء العامية من مجايليه أو من الذين سبقوه. ليست الكتابة عنده استعادة، بل إبادة لما سبق وإعادة كتابة لما ترسب في قعره الشعري والحياتي، مستثمرا في ذلك ثقافته وممارسته المسرحية التي ترفد قصيدته بتقنيات يستوردها من أب الفنون، كالحوار الداخلي والخارجي والحوار المتعدد واعتماد المؤثرات الصوتية والعناية برسم المناظر والسينوغرافيا… وهو ما أهل تجربته لأن تحتل مكانة خاصة بين تجارب شعراء القصيدة الزجلية المغربية الحديثة”.
اللحظة الثانية من هذا اللقاء جرت في شكل جلسة حوارية بين مراد القادري وميمون غازي، والتي انطلقت من وضع الشاعر الزجال المغربي في الفضاء المهجري… هنا، حيث استحضر ضيف اللقاء الأدوار التي اضطلع بها شعراء المهجر في تحديث القصيدة العربية، منذ ما يزيد عن قرن من الزمن الشعري العربي. ويرى ميمون غازي أن شعراء المهجر العربي ساهموا في إثراء الشعرية العربية لما انتقلوا للعيش في فضاءات ثقافية وحضارية أرحب، حيث كان للبيئة الجديدة تأثير على تجربتهم، وقد نقلوا هذه التجربة إلى القصيدة العربية.
وجوابا على السؤال الثاني، المرتبط بوضع الشاعر في الظرفية الوبائية الحالية، كما تجتازها الإنسانية اليوم، يرى غازي أن الكوفيد تجربة إنسانية استثنائية عاشها العالم، ولم يكن له علم بها فيما سبق. “وهي لحظة مفاجئة، وضعتنا في عزلة غير مسبوقة. لكن هذه العزلة سوف تدفعنا إلى مساءلة ذواتنا وتجاربنا، وتأمل مصيرنا المشترك على هذه الأرض. بقدر ما جعلتنا العزلة ننصرف إلى القراءة أكثر، وإلى الكتابة بشكل أعمق وأصدق”. هنا، يحدثنا ضيف اللقاء عن انصرافه في أيام الحجر الصحي إلى جمع عدد من القصص التي كتبها على مدى مراحل متفرقة، وأصدرها في مجموعة قصصية بعنوان “البرتقالة الصدئة”، وهي تأتي في صيغة سيرة قصصية في جزأين، الأول عن مرحلة الطفولة، والثاني عن مرحلة الشباب… كما حدثنا غازي عن إطلاق برنامج “ديريكت” على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي حاور فيه عددا من أصدقائه المبدعين، في زمن الحجر الصحي.
أخيرا، وعن حضور المسرحي في التجربة الشعرية لميمون غازي، يشهد الشاعر المغربي المقيم في فرنسا أنه إنما بدأ الكتابة الشعرية متأخرا، وأن التجربة الإبداعية الأولى بدأت مسرحيا، من خلال المسرح المدرسي، قبل الانتقال إلى دار الشباب للاشتغال مع جمعية “أنوار بركان للمسرح والموسيقى”، حيث قطع شوطا كبيرا مع هذه الجمعية كممثل ثم مؤلف ومخرج، إلى أن أصبح رئيسا لهذه الفرقة ومديرها إخراجا وتأليفا وكتابة ركحية. ويقر غازي بأن التجربة المسرحية هي جوهر تجربته الإبداعية، وهي التي قادته إلى كتابة القصيدة الزجلية، حيث بدأ بكتابة أغاني النصوص المسرحية التي ألفها… فلما سافر إلى فرنسا، وافتقد متعة المسرح بما هو ممارسة جماعية، عاد إلى ذاته وإلى كتابتها عبر الكتابة الشعرية الزجلية.
أما اللحظة الثالثة والأخيرة من اللقاء فجاءت في صيغة قراءات شعرية صدح فيها ميمون غازي بنماذج من نصوصه الشعرية من على منبر دار الشعر بتطوان، وهي نماذج تقربنا من تجربته الشعرية المهجرية المتعددة والمتفردة.
طنجة الأدبية