في تدوينة له على حائطه الفايسبوكي كتب الناقد السينمائي والمترجم عبد اللطيف البازي، الكاتب العام لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، ما يلي:
“تقدم مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يوم 24 غشت 2021 أمام لجنة دعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية بمرافعة عن البرنامج الفني والثقافي للدورة 26 التي نظمت، بصيغة افتراضية، ما بين 4 و10 يوليوز 2021، وعن مميزات هذه الدورة، وخاصة اعتمادها على منصة Festival Scop وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وما توفره من إمكانات تواصلية احترافية، مع التوقف عند صعوبات ومتع تنظيم دورة عن بعد، والتأكيد على أن الفضاء الشرعي والطبيعي لمشاهدة الأفلام وحضور الندوات واللقاءات هو قاعات السينما والمراكز الثقافية ومدرجات الجامعة، وأن ما نعيشه هو وضع استثنائي نأمل أن نتجاوزه في أقرب وقت… ويبدو أن مرافعتنا كانت مرافعة مُقْنعة لذا خصصت لجنة دعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية، مشكورة، لمهرجاننا مبلغ 500 ألف درهم، وهو المبلغ الأقصى الذي يمكن أن يحصل عليه مهرجان سينمائي منظم عن بعد، وذلك حسب دفتر التحملات الذي صادق عليه مؤخرا المجلس الإداري للمركز السينمائي المغربي .ونؤكد للجميع أن مبلغ 500 ألف درهم هو مبلغ يضمن تنظيم دورة افتراضية محترمة وجذابة كما كانت الدورة 26 من مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط”.
نستنتج من هذه التدوينة أن أصدقاء السينما بتطوان ومؤسسة مهرجانهم العريق (1985- 2021) نجحوا في تنظيم دورة استثنائية في ظروف استثنائية أمتعوا من خلالها عددا كبيرا من السينفيليين داخل الوطن وخارجه. وأنا شخصيا واكبت كل فقرات برنامج الدورة 26، عن بعد، وشاهدت بالخصوص أفلاما ذات قيمة فنية وفكرية قادمة من مختلف بلدان البحر الأبيض المتوسط. وهذا ليس غريبا على “جمعية أصدقاء السينما بتطوان” التي عودتنا سنويا على انتقاء أجود الأفلام واستضافة شخصيات سينمائية عالمية وعربية ومغربية وازنة وتنظيم ندوات ولقاءات ثقافية هامة لها ارتباط بالسينما وإصدار منشورات أهمها مجلة “وشمة” السينمائية السنوية، الدسمة بموادها المتنوعة، وغير ذلك.
وهنا تحضرني مجموعة من التساؤلات أوجزها فيما يلي: ما هي الصيغة التي ستنظم بها المهرجانات التي حظيت بدعم يساوي أو يفوق الدعم الذي خصص للدورة 26 لمهرجان تطوان المذكور أعلاه؟ هل ستنظم حضوريا أم عن بعد أم ستجمع بين الصيغتين؟ وإذا تعذر عليها التنظيم الحضوري بسبب عدم تحسن الحالة الوبائية، فهل هناك مساطر خاصة للتعامل مع هذه الحالة؟ أي هل ستقلص لجنة الدعم برئاسة الحقوقي إدريس اليزمي من قيمة المبالغ المالية المخصصة لها، مثلا؟
المعروف أن دفتر التحملات الجاري به العمل قبل الجائحة مخصص للمهرجانات الحضورية وليس للمهرجانات الافتراضية، فهل من توضيح في هذا الأمر؟ ولماذا لم ينشر المركز السينمائي المغربي لحد الآن الصيغة المعدلة لدفتر التحملات (حسب ما جاء في تدوينة عبد اللطيف البازي أعلاه) التي صادق عليها مؤخرا مجلسه الإداري؟ ولماذا لم تعلن بعد (عبر وسائل الإعلام) الكثير من المهرجانات المستفيدة من الدعم عن تواريخ تنظيمها وعن الخطوط العريضة لبرامجها وتفتح باب المشاركة في مسابقاتها وغير ذلك من الأمور؟ ربما يرجع ذلك إلى كون الجهات المنظمة لها ما تزال مترددة فيما يتعلق بصيغة الاشتغال، في ظل وضع صحي غير مستقر وطنيا ودوليا.
لقد تبين لي من خلال التدقيق في محتويات بلاغ لجنة دعم تنظيم المهرجانات السينمائية، المنشور ابتداء من 31 غشت 2021، أن المهرجانات والتظاهرات المستفيدة من دعم السنة الجارية لم ينظم منها لحد الساعة إلا عشرة (10)، وهذا يعني أننا سننتظر تنظيم باقي المهرجانات والتظاهرات البالغ عددها خمسون (50) في الأشهر والأيام المتبقية من 2021 أي من شتنبر الجاري إلى دجنبر القادم.
من التساؤلات الأخرى التي تبادرت إلى ذهني: كيف وثقت لجنة الدعم في مهرجانات وتظاهرات لم يسبق لها أن أعلنت إعلاميا حتى عن مواعيد تنظيمها ومنحتها مبالغ سخية، خصوصا وأن بعضها لا يزال في دوراته الأولى، في حين لم تحظ منها مهرجانات وتظاهرات أخرى راكمت تجارب عدة على امتداد دورات عديدة إلا بمبالغ جد متواضعة؟ فهل يعقل، مثلا، أن يقدم دعم لمهرجانات رقمية موجهة للأطفال في غياب أي وسيلة للتواصل معهم واقعيا، علما بأن مواقع التواصل الاجتماعي، كالفايس بوك مثلا، ممنوعة قانونيا على الاطفال ؟ بل وحتى الفضاءات العمومية لحظة تنظيم بعض هذه المهرجانات لم يكن مرخصا لها الاشتغال فيها. وكيف نفسر حصول مهرجانات عدة على مبالغ ضمن فئة (ج) وهي التي ظلت طيلة دوراتها الحضورية السابقة في خانة “تظاهرات”؟ لماذا تعمدت هذه اللجنة خلط الأوراق، وهي التي لم يعلن من قبل على تشكيلتها إعلاميا ولم يتعرف عليها الرأي العام إلا بعد الانتهاء من أشغالها ونشر بلاغها المتضمن لنتائج مداولاتها في آخر يوم من أيام حكومة العثماني؟ إذ كان عليها في هذا البلاغ أن تميز بين المهرجانات الحضورية والمهرجانات الرقمية، لأن حجم الدعم ينبغي أن يختلف من صيغة لأخرى، وكان عليها أيضا أن تقدم تفسيرات وتوضيحات لإزالة اللبس الذي اعترى أشغالها ونتائجها.
نختم في الأخير بالتساؤلين التاليين: هل ستقطع لجنة اليزمي مع بعض الممارسات التي عرف بها بعض أعضاء اللجن السابقة ورؤسائها الذين كانوا يستفيدون دون خجل من خدمات راقية (هم وأفراد من عائلتهم أحيانا) أثناء حضورهم لبعض المهرجانات المصنفة أو يدفعون بأشخاص مقربين منهم لتأسيس تظاهرات بغية الاستفادة المتبادلة؟ وهل ستكون هذه اللجنة الجديدة في دوراتها القادمة موضوعية ومستقلة في قراراتها وشفافة في عملها، بعيدا عن الزبونية وضغط بعض الموظفين والمسؤولين بالوزارة الوصية والمركز السينمائي المغربي؟
توصلت، بعد نشر هذه التساؤلات على الفايسبوك، بتوضيح من أحد الأصدقاء مفاده أن لجنة الدعم وجهت سؤالا إلى ممثلي بعض المهرجانات، لحظة ترافعهم أمامها، حول الصيغة التي سيكون عليها مهرجانهم أهي افتراضية أم حضورية؟ علما بأن المراسلة التي وجهت إلى كل مهرجان تحمل صيغة واضحة حول أوجه صرف الدعم بالنسبة للصيغتين، حيث يبقى المبلغ المرصود كما هو إذا نظم المهرجان حضوريا، ويعاد تكييفه بنقص الثلثين منه إذا نظم افتراضيا. ولم يفت هذا الصديق، مشكورا، أن لاحظ بدوره ما يلي: بخصوص الدعم الذي يفوق 1.500.000 درهما، فنقص الثلثين قد يتعارض مع سقف الدعم المخصص للمهرجانات الافتراضية المحدد في 500.000 درهم.
وعلى ذكر هذا التكييف لاحظنا أن مجموعة من المهرجانات سبق لها أن قررت تنظيم دوراتها الجديدة في شتنبر وأكتوبر، ونحن نعلم جميعا أن مجلسا للحكومة سبق له أن أصدر مرسوما يمدد بموجبه مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني إلى غاية يوم الأحد 31 أكتوبر 2021 في الساعة التاسعة مساء، فهل ستضطر هذه المهرجانات إلى تغيير تواريخ تنظيمها إلى ما بعد 31 أكتوبر أم أنها ستتبنى الصيغة الرقمية، وفي هذه الحالة سيخصم من مبلغ الدعم المخصص لها الثلثان؟ ينطبق هذا على مهرجانات مصنفة كمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف، على سبيل المثال، وتظاهرات من قبيل مهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بأزرو وإفران وغيرهما؟
أحمد سيجلماسي