يسعى القائمون في حقل التخطيط والتصميم الحضري إلى تشجيع سلسلة من الخصائص التي تُتَّخذُ مع عوامل أخرى لإنتاج مدينة ناجحة، تعتمد على توقعات الناس حسب مرحلتهم في الحياة، وتفضيلاتهم الشخصية، والفرص المتاحة لهم، واحتياجاتهم، ونمط حياتهم وطموحاتهم، وربما هذا هو أحد الأسباب المهمة في أنَّ الكثير من الناس يقعون في غرام بعض المدن دون أخرى.
يبحث كتاب “المدينة الإبداعية: القصة، النماذج، التنفيذ” لمؤلفه الكاتب السعودي الدكتور سعيد بن عبد الرحمن العمودي، الصادر عن “الدار العربية للعلوم ناشرون”، في فكرة المدن الإبداعية والنظريات التي تناولتها ويقدم الكتاب تجارب خمس مدن حُدِّدَت على أنها مدنٌ إبداعية من الناحية النظرية والتطبيقية؛ وهي: فانكوفر في كندا، جلاسكو في بريطانيا، سِدْني في أستراليا، برشلونة في أسبانيا، يوكاهاما في اليابان. ويحدد أبرز العوامل التي مكّنتها لتصبح مدناً إبداعية.
يطمح مؤلف الكتاب كما يقول إلى تغيير نظرتنا إلى واقع المدن في منطقتنا العربية، والتي في غالب المجتمعات تُخطِّط من قِبَل المهندسين الذين ينظرون إلى الطرق والمباني والحدائق والأسواق والمدارس ودور العبادة والمرافق المختلفة على أنها عبارةً عن كتلٍ يجب أن تكون في الخارطة لكلِّ مدينة بدون ربطٍ إنساني إبداعي يسهم في رفع جودة الحياة وتوفير السعادة والعافية فيها للسكان والزوار والمستثمرين.
ويعتبر المؤلف أن فكرة المدينة الإبداعية ستسهم في أن يكون تخطيط المدن شموليّاً ومتَّسقاً مع الثقافة والتاريخ والتقنية والرفاهية والصحة والسعادة والأمان، وأن تشجع على التنوع الذي يعود بالنفع على المكان جودةً وجاذبية. كما تسعى لتعزيز الفعاليات والمناسبات المختلفة التي تحفّز السكان والزوار لتجارب جديدة في حياتهم…
والكتاب كما يشير مؤلفه دراسة أكاديمية تمثل جزءاً من أطروحته للدكتوراه، والتي كانت تهدف إلى تحويل مكة إلى مدينة دينية إبداعية، وذلك من خلال تحفيز الاهتمام بالإبداع والابتكار ليكون الوسيلة العملية للتنمية الحضرية، وتَصَوّر حلول جديدة مبتكرة لمواجهة التحديات التي تتزايد مع تزايد رغبة الملايين من المسلمين في القدوم إلى مكة المكرمة.
طنجة الأدبية
