أنهى مؤخرا المخرج الشاب إدريس صواب تصوير كل مشاهد فيلمه التلفزيوني الجديد “اللي تشهاه خاطري” بفضاءات داخلية وخارجية متنوعة بالدار البيضاء (عين الدياب، مسجد الحسن الثاني، بوركون، الولفة، كاليفورنيا، نفق الموحدين) وناحيتها (دار بوعزة). وقد استغرق تصوير هذا الفيلم التلفزيوني، الذي سيعرض لاحقا على قناة “الأولى”، أسبوعين بالتمام والكمال (من 2 إلى 18 غشت 2021) في ظروف جيدة لم تخل من صعوبات إنتاجية كباقي الأعمال الفنية، خصوصا وأن فترة التصوير تمت في أوج عطلة الصيف وفي ظل الشروط الصعبة التي تجتازها بلادنا وباقي بلدان المعمور بسبب جائحة كورونا.
انطلاقا من السيناريو الذي تمكنت من قراءته، ومن حوار أجريته مع مخرجه، يمكنني القول أن هذا العمل التلفزيوني يحمل جديدا على مستوى طبيعته ومواضيعه واختيار بعض عناصر طاقميه الفني والتقني وأمور أخرى. فبالإضافة إلى كونه عبارة عن دراما اجتماعية رومانسية، فهو لا يخلو من تشويق ولمسة كوميدية. زد على ذلك أن نهايته سعيدة ومفتوحة. أما على مستوى المضامين فهو يتمحور حول مقولة “ما جبرها أحد كيف بغاها” أي أن لكل شخصيات الفيلم الرئيسية، خصوصا الصديقتان الشابتان رقية وزينب، أحلامها وطموحاتها، كبقية الناس، إلا أن هذه الأحلام والطموحات لا تتحقق كلها دائما وإن تحققت فليس بنفس الدرجة بالنسبة للجميع. وهذا يعني أن الإنسان “تايدير كيف لقى ماشي كيف بغى”، حسب الحكمة الشعبية المأثورة. إلا أن بطلة الفيلم اليتيمة الأب رقية (من أداء سكينة درابيل) تنجح في الأخير، بعفويتها وصدقها وثقتها في نفسها ومصالحتها مع ذاتها وعدم قبولها المس بكرامتها من أي كان، في تحقيق “اللي تشهاه خاطرها” وزيادة، رغم المستوى الإجتماعي المتواضع لأسرتها المكونة من والدتها رحمة (من أداء فضيلة بنموسى) وجدتها الحاجة فاطنة (من أداء فاطمة الناجي).
مما يشكل جدة أيضا على مستوى مضامين هذا الفيلم التلفزيوني الثالث للمخرج صواب هو تناوله لمسألة التأثير المتزايد لشبكات التواصل الإجتماعي على حياة الناس، وشرائح الشباب منهم بشكل خاص، عبر فيديوهات واسعة الانتشار جعلت لبعض الأشخاص (من بينهم رقية في نهاية الفيلم) تأثيرا قويا على ملايين المتتبعين. زد على ذلك أن الفيلم لا يخلو من انتقادات لاذعة لمروجي بعض أدوية و”ريجيمات” التخسيس في أوساط النساء (الشابات منهن على الخصوص) عبر وسائط التجارة الإلكترونية المختلفة، نظرا لما لهذه الأدوية وأنظمة الحمية المرتبطة بها من مخاطر على الصحة الجسمية والنفسية للإنسان، كما وقع لشخصية زينب في الفيلم (من تشخيص أحلام الزعيمي).
تجدر الإشارة إلى أن الفيلم التلفزيوني “اللي تشهاه خاطري”، الذي أشرف على تصوير لقطاته ومشاهده مدير التصوير المحنك فاضل اشويكة، شارك في تشخيص باقي أدواره ثلة من الممثلين والممثلات من مختلف الأجيال نذكر منهم الأسماء التالية: ربيع القاطي (في دور طارق)، عبد الواحد السنوجي (في دور خالد)، رشيدة منار (في دور والدة زينب)، محمد نعيمان، نزهة بدر، يوسف العربي، مريم الكرع، محمد مريد، سعاد الوزاني، طارق الخالدي، حياة عبي، رشيدة السعودي، فتيحة زهير…
بعد استراحة قصيرة سيدخل المخرج إدريس صواب مراحل ما بعد الإنتاج (المونطاج والميكساج…) ليسلم في الأخير النسخة الكاملة للفيلم إلى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، الجهة المنتجة، التي ستبرمج عرضه في موسمها القادم.
يذكر أن المخرج المغربي الشاب إدريس صواب (31 سنة) يسير بخطى ثابتة على درب الإبداع الدرامي سينمائيا وتلفزيونيا. فبعد إخراجه وإنتاجه لمجموعة من الأفلام السينمائية القصيرة، وبعد اشتغاله كمساعد أول في إخراج مجموعة من الأعمال التلفزيونية، من بينها الجزء الأول من مسلسل “رضاة الوالدة” للمخرجة زكية الطاهيري، والأفلام السينمائية الطويلة، من بينها “دقات القدر” لمحمد اليونسي و”ولولة الروح” لعبد الإله الجوهري و”الميمات الثلاثة” لسعد الشرايبي و”نزهة ليلية” لعزيز التازي، دخل ميدان الإخراج التلفزيوني لفائدة قناتنا الأولى بسلسلة “مرحبا بصحابي” في جزئها الثاني، بالإشتراك مع المخرج علي الطاهري، وفيلمي “عام فالغربة” (2018)، لفائدة قناة “الأولى”، و”ثلاثة د الفرحات” (2021) لفائدة القناة الثانية.
أحمد سيجلماسي