لأول مرة، وتحت عنوان “التاريخ والمؤرخون في المغرب المعاصر”، ينشر عمل جديد للمفكر وعالم الاجتماع المغربي محمد عابد الجابري (1935 – 2010)، عبارة عن دراسة أعدها تحت إشراف المفكر محمد عزيز الحبابي والمؤرخ جرمان عياش.
وأشرف على إخراج هذا العمل الباحث خالد طحطح، الذي قدم دراسة تستحضر سياق تأليفه وتربطه بالتقييمات والتراكمات التي أنجزت في وقت لاحق في حقل الدراسات التاريخية بالمغرب.
ويعتبر الكتاب بحسب قول الجابري “محاولة نقدية في التأليف التاريخي، اتخذت موضوعا لها المؤلفات والأبحاث والدراسات التي تتناول تاريخ المغرب، والتي ظهرت بأقلام مغربية منذ الاستقلال إلى اليوم”.
ويغطي هذا المؤلف حصيلة التأليف التاريخي حول المغرب إلى حدود الستينيات، وهو نقد للمؤلفات التاريخية في تلك الفترة من كتب مدرسية، ومؤلفات تاريخية، لمحمد المختار السوسي ومحمد داود وعبد العزيز بنعبد الله وإبراهيم حركات ومحمد حجي وعبد الكريم كريم، ودراسة نقدية في مجموعة من المقالات التاريخية لمحمد المنوني وجرمان عياش ومحمد بن تاويت وعبد القادر الصحراوي وعبد الله العمراني.
كما يقدم العمل رؤية الجابري لما يعتبره “التأريخ الحق” الذي يسهم في صياغة “تاريخ حقيقي”، ومصادره، والغرض منه لإعانتنا على “فهم حاضرنا واستشراف خطوط مستقبلنا”، وهو ما يتم باستيعاب أن “فهما حقيقيا للماضي لن يتأتى إلا انطلاقا من فهم علمي للحاضر، مثلما أن هذا الفهم للحاضر يتوقف على مدى الفهم العلمي لحقائق الماضي ومجريات أحداثه”.
ويقول طحطح إن كتاب الجابري بمثابة “إطلالة على حصيلة الدراسات التاريخية في عقد الستينيات” أخضع فيها عالم الاجتماع الشهير التجربة “للنقد الصريح والمراجعة البناءة”، وأبرز “جوانب النقص ومواطن الضعف، من دون الاستخفاف بالمجهودات التي بذلت خلال تلك الفترة”.
وحول سبب عدم نشر الجابري لهذا العمل سابقاً، يرجح طحطح فرضيتين: “انتقاله إلى الفلسفة، ونجاحه في الإنتاج الفلسفي، وعدم عودته إلى الأطروحة لتنقيحها، وربما كان يمكن أن يخلق له نشرها حزازات؛ لأن من حاورهم كانوا على قيد الحياة، وفاعلين، يدرس معهم”.