“منمنمات” هشام عبدالوهاب، إدريس الطلبي ومريم لحلو: فرجة شعرية وفنية تجمع الشعر بفنون الأداء
نظمت دار الشعر بمراكش، مساء الجمعة الماضية (11 يونيو)، فقرة جديدة من برنامجها “شعراء مسرحيون”. لحظة شعرية وفنية استثنائية يلتقي خلالها أب الفنون بالشعر، وتلتئم أنماط القول الشعري والفني ضمن قوالب أدائية فنية، حيث يصبح فضاء الدار ركحا مفتوحا ومسرحا صغيرا، ينسج جماليات الشعر ويغذي الحاجة لحواريته. هي فقرة ضمن برمجة دار الشعر بمراكش، والتي رسخت من خلال العديد من فقراتها (شعراء تشكيليون، وشعراء حكواتيون، وشعراء مسرحيون)، أسلوبا حواريا للشعر مع أنماط القول الفني وأنماط الفنون الأدائية.
دار الشعر بمراكش، هذا الفضاء الرمزي، الذي جمع الشعراء المغاربة، من مختلف الحساسيات والتجارب، وهي تجدد دوما برمجتها الثقافية، وفق منظور جديد يراعي تداولية أوسع للشعر بين متلقيه. وفي اختيار واعي، يجعل من الشعر بعدا مركزيا قادرا على نسج حواريته المفتوحة مع الفنون، وفي حفاظ على هويته الخاصة. لذلك حرصت الدار، من خلال فقرات أطلقتها خلال مواسمها السابقة (شعراء تشكيليون وشعراء مسرحيون وشعراء حكواتيون)، أن ترسخ هذا الأفق عبر استضافة أصوات شعرية استطاعت أن تنسج، عبر انشغالاتها الإبداعية، هذا البعد في المزاوجة بين الشعري والأدائي/الفني.
“منمنمات” الشاعر والمخرج المسرحي هشام عبدالوهاب والشاعر والكاتب المسرحي إدريس الطلبي والفنانة الممثلة مريم لحلو
في فقرة “شعراء مسرحيون”، التقى الشاعر والمخرج المسرحي هشام عبدالوهاب والشاعر والكاتب المسرحي إدريس الطلبي والفنانة الممثلة مريم لحلو، ونسجوا من خلال عرض شعري وأدائي وسموه ب”منمنمات”، شهد عودة “دفء الجمهور الى داره”، إنتاجا إبداعيا راقيا يعطي لجماليات التلقي مجازاتها وبلاغتها الخاصة. عرض مسترسل في ثلاثة مواقف فنية، بين صوت الشاعر والمخرج المسرحي هشام عبدالوهاب، والذي اختار أن يقرأ مقاطع مختارة تحمل صوته الداخلي. ابتداء من برولوغ “ولدت وأنا عاجز”، يحاور المخرج الممثلة مريم لحلو، والتي اختارت أن تقرأ النص بترجمته العربية. بين صوت الشاعر والمخرج، وصوت الممثلة وهي تؤدي “نصا يحمل انجراحا داخليا”، حوار يجد صداه في “زجليات” الشاعر والفنان رشيد الطلبي.
في نصوص الشاعر هشام عبدالوهاب، لغة بصرية وتنويع على صيغة الأنا المفرد، بل ويرتقي في لحظات أخرى الى السيري الشعري. الأم والحب والمرأة والكتابة والوجود والكينونة، متواليات يقدمها الشاعر والمخرج المسرحي هشام وتلتقطها الفنانة مريم لحلو، في إعادة صياغة الى اللغة العربية. الفضاء المفتوح، بدون اكسسوارات تماما، فقط الفضاء المفتوح على القول الشعري. اختارت الفنانة لحلو أن تعبر بنص الشاعر والمخرج الى “التحقق الركحي”، لكن دون التماهي والوصول به الى فعل “التمسرح”، ظل الشعر، وصوته، يعلو في فضاء الدار وبين جمهوره.
يبدأ الشاعر والفنان إدريس الطلبي من حيث انتهى، في كل مرة ينطلق من “زجلياته”، تاركا لصوته التهكم والسخرية من مفارقات الحياة واليومي، في التقاط حاد لصور ومشاهد قد تبدو مألوفة. عبر ترك الفضاء الفارغ للعب المسرحي والأداء، تناوب كل من المخرج والكاتب والممثلة في تقديم عرض منمنمات، وكأننا أمام “لحظة ارتجال مسرحي” فعلي لبناء العرض الشعري. مشاركة الشاعر والمسرحي إدريس الطلبي، في فقرة تلائم تطلعاته وممارسته الإبداعية، بصفته زجالا وشاعرا وكاتبا مسرحيا وقاصا وممثلا وكاتبا للسيناريو. يبدأ الشاعر والفنان الطلبي، من حيث تنتهي الفنان مريم لحلو، وكأننا أمام صيغة نص مفتوح صاغته ثلاث رؤى.
في “منمنمات” كان الشعر موضوعا، والإنسان ومفارقات الحياة وعوالم ودواخل الشاعر، تيمات وأصوات تجد صداها في كل مقاطع العرض. هي فقرة اختارتها دار الشعر بمراكش، ضمن برنامجها “شعراء مسرحيون”، بموازاة العودة الى اللقاءات الحضورية وأيضا عودة الجمهور لدفء اللقاءات الثقافية والفنية. في لحظة امتزج فيها القول الشعري بفن الأداء، في انصهار للكلمة الشعرية بالأداء الجسدي، التقى كاتب ومخرج وممثلة، جمعهم الشعر في دار الشعر بمراكش، كي ينسجوا “برولوغ العودة” لدار ظلت “نوافذها الشعرية” مفتوحة دوما.
طنجة الأدبية