صدر للشاعرة رجاء قباش، عن مطبعة وراقة بلال .فاس، برسم سنة (2020)، عمل إبداعي جديد، وسمته ب”نمارق” قصة حياة، وهو العمل الثالث بعد إصدارها لديوانين شعريين. وقد فضلت الشاعرة، هذه المرة، أن تركب جنس القصة بدل الشعر.
حيث قدم لهذا العمل الإباعي السردي، الباحث والناقد الدكتور عمرو كناوي الذي يقول في تقديم الكتاب:
أن يكتب الإنسان نصوصا إبداعية متعددة، أهون من أن يضع تقديما واحدا لعمل إبداعيبعينه.ومع ذلك ،فان نعمة لذاذة القراءة تبقى حاضرة على الدوام في كثير من الأعمال الشعرية ،كما هو الحال بالنسبة للشاعرة الموهوبة رجاء قيباش،والبقية الباقية من مثيلاتها الشواعر.
والحقيقة أن الشاعرة مخلصة في نظم الشعر، مهووسةبه، مبدعة فيه. صدر لها، كما نعلم، ديوانان شعريان”صرخة قلب محتضر”(٢٠١٦)،و”نبض..من غياهب الصمت”(٢٠١٨).لكن الذي كان مفاجئا بالنسبة لي،أن تسلمني الشاعرة ،مؤخرا، عملا سرديا موسوما ب”نمارق”،بغرض وضع تقديم بشأنه.وهو العمل الذي شرفت بقراءته فأثار في نفسي فضولا نقديا غير مسبوق،لا بشعرية لغته وحسب؛بل بما تعج به محكياته من أطوار حياتية غاية في الحسرة والأسى. وبإمكانهذا الفضول النقدي أن يكون شبيها، إلى حد ما،بما سيثيره لدى نقاد كثيرين من بعدي،بأن يدفعهم إلى التساؤل والمساءلة عن ماهية هذا العمل الإبداعي وطبيعة جنسه:أهو نص شعري،أم سيرة ذاتية ،أم رواية سيرية،أم أن الأمر يتعلق بعمل ينتظر تحديد جنسه بعد قراءته وتمحيصه ؟!
إن الكاتبة،وهي تفكرفي إنجاز هذا العمل السردي،لابد أن تكون قد اهتدت إلى مدى أهمية الجنس السردي لدى رائداته من مثيلات فدوى طوقان في “الرحلة الأصعب”(١٩٩٣)،وليلى أبو زيد في”رجوع إلى الطفولة”(٢٠٠٠)، وليلى العثمان في “المحاكمة” (٢٠٠٤)،ونوال السعداوي في”أوراقي.. حياتي”(٢٠١٧) وغيرهن من الكاتبات الرائدات ممن وجدن في الفن السردي ملاذا لعرض همومهن وبسط أحزانهن،لأنه ولد أصلا “من رحم الأحزان” كما تقول الكاتبة نفسها في (ص٨) من “نمارق”
إن الحديث عن محكيات “نمارق”،بشخوصها ومفارقاتها، وتشابك أحداثها الممتدة في الزمان والمكان ،طيلة خمس عشرة فصلا (بدءا من حكاية “ما قبل الحكي”وانتهاء ب”خليط من الدم والمطر”،إنما هو حديث عن تجربة نسائية في الكتابة،على قدر كبير من القلق الوجودي،لما عرفته من تصدع في ثناياوقائعها ومسار أحداثها،وكل عرى حماية الأسرة، دونما تفكير في إبعاد أفرادها عن أي انفجار محتمل ،لتضيع المكتسبات وكل ما ترسخ في الذاكرة الجماعية من أصول تعيد للمرأة اعتبارها وكرامتها .
ويمكن القول في النهاية ،إن عمل “نمارق”لرجاء قيباش صادر عن قناعة راسخة بضرورة تجاوز فكرة تنميط المرأة ،واتخاذ مواقف نسائية جريئة،كفيلة بتحطيم كل الطابوهات الممعنة في إقصائها وتهميشها .
بهذا التبني القضوي،وهذا البناء الفني،تكون الكاتبة رجاء قيباش،عبر باكورتها “نمارق”، قد أشَّرت على بداية واعدة في مجال الفن السردي .
عمرو ﯕناوي