صدر حديثًا عن دار النخبة للنشر والتوزيع، المجموعة القصصية تحت عنوان “نزهة فى شوارع مهجورة”، للروائى العراقى أحمد خلف، ويقول المؤلف فى قصة (المغارة): «منذ ثلاثة أيام، وهم لا يكفون عن مطاردته، لقد أعلن النبأ، (أن من يسلم سلاحه للسلطات يكن معافى من العقاب)، أجل، العقاب… شفتاه قد يبستا عطشًا… ساقاه تعبتا من السير، كان لا ينوى قطع المسافات مشيا على الأقدام، سقط للمرة الرابعة أو العاشرة، ترامت الصحراء أمامه واسعة مع نظراته الثقيلة، ولم يعد يدرى على وجه الضبط، ما إذا كان ليلًا لا أم آخر النهار يسطع ضوؤه فى المعمورة؟ هل تراه فقد ناظرية؟! أو أن الطبيعة فقدت ملامحها، الجثث.
لم يعد منظر القتل والقتلى المطروحين فى السفوح أو بين ثنايا التلال تثير اشمئزازه، كلا لا لقد اعتاد ذلك قبل معارك أيلول على وجه التقريب، ترتطم بحذائه. قدماه تتعثران بها أو بأجزاءٍ متناثرة من عربةٍ أو مصفحةٍ، ولم تكن المرة الأولى التى يقف فيها (مسعود الظاهر) ضد القانون، وحقيقة الأمر، معهم تسلية كانت لوقتٍ قصيرٍ، وحدى ضد الكلِّ، كان هذا شعورًا استثنائيًّا يلوح فى رأسه الصغير».
وفى قصة (المحطة) يقول: اندفعت نحو الشارع العام… لم تعد تلفت إلى الوراء وكانت أقدامها ترسل ضربات على أسفلت الطريق، الطريق الذى خفَّت فيه الحركة من كل شيء… عبرت الشارع نحو الرصيف الآخر، وحين اجتياز شاحنة كبيرة نهر الطريق… كان (سلمان) يلحق بالفتاة التى حجبتها الشاحنة عنه، وهى تغوص فى العتمة، فى الزقاق المواجه لمحطة القطار… ركض متجهًا نحو الزقاق… ركض دون فائدة… لقد ضاعت من بين يديه فجأة، تمامًا، كما هبطت عليه فجأة… تُرَى كيف سمح لنفسه أن يتأخر؟.
طنجة الأدبية-اليوم السابع